منذ زلزال تركيا وسوريا الكارثي، لم يغفو جفنٌ للبنانيين، فما بين الهزة الأرضية التي أرعبت قلوبهم إلى المشاهد الكارثية للزلزال، غزت السوشيال ميديا شائعات باحتمال وقوع زلزال في لبنان صاحبتها حالات من الهلع مزّقت الغلاف النفسي للبنانيين.
للسلامة النفسية...ابتعد عن اللامصدرية
تُعتبر السوشيال ميديا ساحة للتفريغ الداخلي للإنسان، ورغم إيجابياتها في كثير من الأحيان إلّا أنّ سلبياتها تظهر بكثافة في أوقات الكوارث على اختلاف.
وأسمى مثال، ما شهدناه من أخبار زائفة تداولها مستخدمو السوشيل ميديا بعد الزلزال ما أدّى إلى نوبات هلع وانهيارٍ عصبي لدى متلقيها.
لا بدّ من وقوع الكوارث الطبيعية، وهذه طبيعة الأرض، وعلميًا لا يمكن التنبؤ بها ولكن لا بدّ من الحذر منها والتهيؤ النفسي بأن وقوعها لا محال. وهذا ما أظهرته بشكل معاكس منصات التواصل الإجتماعي، حيث صحافة المواطن أضحت سيفًا حادًا لازم نفوس اللبنانيين، فذهب بعض المواطنين إلى تداول أخبار زائفة وسلبية حول الزلازل والهزّات من مصادر غير موثوقة، هزّت الاستقرار النفسي للمواطنين.
من هذا المنطلق، على الإنسان " الإمتناع عن نشر الهلع، فكل إنسان يعتبر نفسه يُفيد الآخر يكون ناشرًا للهلع وبالتالي يسبب ضررًا" وهذا ما يدعمه فئة من مستخدمي السوشيال ميديا الذين يتداولون الأخبار بشكل وكأنها موثقة دون النظر إلى صحتها والتحقق من مصدرها قبل نشرها "وقد أثبتت عدة أحداث ميول اللبنانيين بشكل خاص إلى هذا السلوك والتوجه للتهافت على القول "أنا أملك الحقيقة وانتبهوا يا عالم"" . هذا ما أشارت إليه
الدكتورة ليلى عاقوري ديراني_ اختصاص نفساني عيادي للأطفال والمراهقين_نقيبة النفسانيين في لبنان.
تقول نغم (23 عامًا)، من الجنوب: " أنا لم أشعر بالهزة الأرضية التي حصلت ربما لأنها خفيفة بالنسبة لمنطقتنا، لكن الأخبار على الفيسبوك والواتساب جعلتني أشعر بخوف شديد من حصول زلزال في لبنان، فبدأ الناس بتداول أخبار مرعبة دون التأكد من مصدرها ليتبين لاحقا أنها خاطئة أو قديمة".
وتنقل ندى تجربة إخوتها (25 و 29 عامًا)، سكان بيروت: "السوشيال ميديا لعبت بأعصاب العالم، كثرة الأخبار الزائفة التي تم تداولها حول احتمالية وقوع زلزال في لبنان، ضاعفت الخوف لدى إخوتي "صاروا يرجفوا من الخوف خفت عليهن يوقف قلبهن"، شعروا بالخوف مضاعفة من الهزة التي شهدوها عند وقوع الزلزال".
في ظل الكارثة..كيف أحافظ على صحتي النفسية وطفلي؟

الخوف والقلق مشاعر معدية، والكوارث الطبيعية ستقع عاجلًا أم آجلًا، ومهما حاولنا أن نخفي أخبارها عن الطفل فلا يمكننا، قد تصادفه في أي مكان حتى بين يديه من خلال الهواتف الذكية أو أثناء مشاهدة التلفاز .
من هذا المنحى، تُنبّه
الدكتورة ليلى ديراني الأهل من "إخضاع الأطفال إلى السوشيال ميديا والمشاهد الكارثية على التلفاز قدر المستطاع، ومن الطبيعي أن يكون قد علِمَ الطفل بالزلزال من خلال التلفاز أو صورة أو ما هنالك، ولكن ليس بالضرورة إخضاعه بشكل دائم إلى مشاهدة هذه الكوارث".
في المقابل، وقوع هذه الكارثة وإن في بلدٍ آخر ولكن علِمَ الطفل بها، يفتح لنا بابًا إلى توعية الطفل حول الكوارث الطبيعية، وحسبما ذكرت
ديراني لا يمكن الإخفاء عن الطفل وقوع هذه الحادثة الطبيعية فبإمكاننا القول له مثلا "أننا نجونا من هذه الكارثة، وهذه الكوارث الطبيعية تحصل كل 100 سنة أو أكثر ولا تحصل يوميا، ونحن مستعدون لكل شيء" فعندما يُملي الراشد بهذه الكلمات الهادئة على الطفل _وإن كانت معاكسة لداخله_ لكنه يحيط طفله بجو من الطمأنينة تجنبًا لمضاعفات نفسية نتيجة هذه الكارثة.
وقبل المحافظة على صحة أطفالنا النفسية، لا بدّ من تطبيقها علينا أولًا، وهذا ما نصحت به
ديراني حيث دعت إلى "عدم التعرض للسوشيال ميديا لما تحتويه من أخبار زائفة، وهناك مقالات ووثائق علمية حول الكوارث إن أراد الإنسان قراءتها، بالإضافة إلى ضرورة جهوزيته لأي طارئ واتباع إرشادات السلامة من الكوارث الطبيعية بهدف الحيطة والحذر".
رغم أنّ التواجد في العالم الإفتراضي ضروري لمواكبة العصر، إلّا أن الابتعاد عن السوشيال ميديا في الأزمات خطوة هامة لسلامة صحتنا النفسية وأطفالنا، تجنبًا لما يبثه مستخدموها من تهويل ومخاوف نتيجةً عدم الوعي في التأكد من المصادر قبل النشر أو الاستناد إلى وثائق علمية و"كل واحد عامل حاله خبير".
مروه الحاج - قناة الإيمان الفضائية