في يومها العالمي، تتربع اللغة العربية على عرش اللغات، ثمانية وعشرون حرفا صلة وصل بين مختلف البلاد، تجاوزت أبجديتها حدود العالم العربي حتى باتت لغة تجذب اهتمام سكان العالم الغربي، وهذا ما أظهره أبناء العرب في نشر ثقافتهم التي انعكست في مختلف الأنشطة العالمية من مباريات وتحديات وآخرها مونديال قطر. اللغة العربية حاضرة بيننا تُعدّ اللغة العربية من أكثر اللغات المحكيّة حول العالم، وتحتلّ المرتبة الخامسة بين اللغات العشر الأولى، ويتحدَّث بها 274 مليون شخص، بحسب إحصاء جديد لموقع "statista" وهي اللغة التي تعتمدها الأونيسكو منذ العام 1968 "لغة عمل في المنظّمة"، وتشدد على أهميّتها، بوصفها أداة للتعبير ووسيلة لحفظ حضارة الإنسان وثقافته. فاللغة العربية حاضرة بين أناسها لا سيما من خلال قراءة القرآن الكريم، وهي لغة لها قيمتها ومكانتها إن كانت بصورة الفصحى أو العامية، ويأتي اليوم العالمي لها من كل عام ليس فقط لإبراز قيمتها بل والإضاءة على المشكلات التي تواجه الناس في اللغة العربية، هذا ما أكّده ل "موقع قناة الإيمان الفضائية" أستاذ اللغة العربية والصحفي في قناة الميادين عبد الرحمن نصار. ومن أبرز المشكلات التي تواجه العرب مع اللغة العربية _في بعض البلدان العربية لا سّيما لبنان_ربما اختصرها ابن خلدون في قوله " إن الشعوب المغلوبة تقلد الشعوب المنتصرة " ، فدول الغرب لا سيّما الدول الكبرى تتمثّل بالتطور العلمي الهائل الذي يجعلها منتصرة على الدول العربية علميا، هذا ما عزز تماهي العرب بالغرب حتى أصبحت ثقافة الغرب تتغلغل في المجتمع العربي وأولها سباق اللغات الأجنبية. ومما لا شك فيه أنّ تعدد اللغات أمرٌ في غاية الأهمية، فاللغة جسر عبور بين القارات، لكن من غير الطبيعي إعطاء أهمية للغات الأجنبية على حساب لغة الوطن الأم كما هو ملاحظ في المجتمع اللبناني على وجه الخصوص، على الرغم من أن اللغة العربية هي لغة الدولة الرسمية. وفي هذا السياق، أشار نصّار إلى أنّ " أصحاب نظرية تربية الأجيال على قوة اللغات الأجنبية، اكتشفوا بعد ما يقارب عشرين سنة، أن إهمال أو ترك اللغة العربية خطأ وندموا على ذلك، فذهبوا إلى ازدواجية تربية الأطفال على قوة اللغات الأجنبية وفي الوقت نفسه الحفاظ على لغتهم الأم قوية". دور الأهل في تعزيز اللغة العربية عند أطفالهم يفضَّل أن يتم التركيز على اللغة الأم لدى الطفل حتى عمر 5 سنوات، وذلك حتى يتشبع من لغته الأم ويحصِّل أكبر قدر من المعرفة والمصطلحات التي بها، ويكوِّن مخزوناً لغوياً أساسياً سليماً منها، حيث ورد في تقرير "منظمة اليونسكو" أن لدى الطفل العربي 3000 مفردة لغوية وأغلبها عامية، بينما الطفل الغربي لديه 16000 مفردة من حصيلته اللغوية، ونجد أثر هذا الفرق واضحاً بين الأطفال في الطاقات والإبداعات، لذا يجب ألّا يكون تعرض الطفل للغة ثانية إلا بشكل طفيف -أي مجرد تعرف فقط عليها- أو المنع التام، والتركيز التام والأكبر على لغته الأم، ومن ثم يمكنه البدء بتعلم لغة ثانية من عمر السادسة، ويمكن البدء باللغة الإنجليزية لكونها لغة عالمية وعلمية. من هنا تنطلق أهمية متابعة الأهل لأطفالهم في هذه المرحلة ، فهناك " دور مركزي للأهل في اللغة العربية_ فاللغة العربية يُصعب تعلمها في سن متقدم_ فعندما يتم تعزيزها منذ الطفولة نكسب طفلا قويا في اللغة" حسب قول نصار. وشدّد على أنّ " اللغة العربية تعطي قوة في اللغات الأخرى" ، مشيرا إلى ميّزاتها : _أولا: اللغة العربية هي لغة إعراب، أي توجد هندسة نحوية ومنطق خاص لكل حرف، وبالتالي تعطي قوة في الفهم والإستيعاب والإدراك. _ثانيا: تحرّك كافة مخارج الحروف من نون الأنف وصولا إلى نهاية الحلقوم، وهذا ما يسهل في اتقان أي لغة أخرى مع الممارسة. _ثالثا: هي لغة الاشتقاق، والاشتقاق ينمي العقل ومواهبه ويساعد أيضا في فهم اللغات الأخرى. وأكّد على دور الأهل في تعزيز اللغة " لأنه يصب في مصلحة تعزيز إدراك الطفل في كافة العلوم وأيضا في اللغات الأخرى، وما نشهده في المدارس أن أغلب الطلاب تضيع علاماتهم بسبب مشاكل في التعبير، وليس في العلوم كالجغرافيا وغيرها". وأشار نصار إلى وجود عدة طرق ينمي بها الأهل اللغة العربية عند أطفالهم_تختلف بين أسر أخرى_كالقراءة وإنشاء مكتبات صغيرة في المنزل، مضيفا "أنّ قيام الأهل بالفعل يحفز الطفل القيام به". وخيرُ مثال على ذلك، الطفلة السورية شام البكور_ ابنة السبع سنوات_ التي غرّدت بأبجدية العربية ثقافة بلدها ورفعت بضمّها لها اسم سوريا بشكل خاص والعالم العربي على العموم. اللغة هوية وطن وشعب وثقافة، ومن يتخلى عن هويته فهو كالغريب في وطنه وعن نفسه، فالحفاظ على اللغة صونَ تاريخ بأكمله، وللإرتقاء بها لا بدّ من بناء أساسٍ ثابت. مروه الحاج_ موقع قناة الإيمان الفضائية