حذَّرت منظمة العفو الدولية في تقرير لها، اليوم الأربعاء، من أن نظام الرئيس عبد الفتاح السيسي في مصر أقام "نظاماً موازياً للعدالة" لقمع المنتقدين والمعارضة، وذلك عبر توظيف أربعة أجهزة أمنية وقضائية تشرف على احتجاز آلاف الأشخاص لسنوات بناء على تهم مبهمة تتعلق بـ"الإرهاب".
وقالت المنظَّمة الحقوقية، ومقرّها لندن، إنّ الأدوات الرئيسية للقمع هي نيابة أمن الدولة العليا، وكذلك محاكم مكافحة الإرهاب وقوّات الشرطة الخاصّة.
وقالت مديرة المجموعة في فرنسا، كاتيا رو، لدى توزيع التقرير في باريس: "في مصر (تحت حكم) السيسي، ينظر إلى جميع منتقدي الحكومة على أنهم إرهابيون محتملون".
وفي تقريرها المكوَّن من 60 صفحة بعنوان "حالة الاستثناء الدائمة"، قالت منظَّمة العفو إنها لاحظت ارتفاعاً حاداً في القضايا التي نظرت فيها محكمة أمن الدولة العليا من 529 حالة في العام 2013 إلى 1739 في العام 2018.
وتقوم النيابة - وهي الجهة المنوط بها التعامل مع الأنشطة التي تعتبر تهديدًا لأمن الدولة - بالتحقيق بصورة متكررة مع المعارضين السياسيين والإسلاميين، بما في ذلك جماعة الإخوان المسلمين المحظورة.
وانتقد مسؤول المنظمة عن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في البحوث والدفاع، فيليب لوثر، نيابة أمن الدولة العليا، وقال: "لقد أصبحت (نيابة أمن الدولة) أداة مركزية للقمع، وهدفها الأساسي على ما يبدو يتمثل في احتجاز المنتقدين وتخويفهم، وكلّ ذلك باسم مكافحة الإرهاب".
وبحسب التقرير، فإنّ كلاً من محكمة أمن الدولة العليا، وجهاز الأمن القومي، وقوات الشرطة الخاصَّة، ومحاكم مكافحة الإرهاب "ظهرت كنظامٍ قضائيّ موازٍ لتوقيف المعارضين السلميين واستجوابهم ومحاكمتهم".
وأشار التقرير إلى أنّ العديد من المعتقلين يجبرون على البقاء في السجن فترات طويلة تحت مسمى "الحبس الاحتياطي"، من دون أيّ أمل في إرجاء قانوني أو فتح القضيّة أمام المحكمة.
وأضاف: "الكثيرون تمّ توقيفهم لشهور وسنوات من دون دليل، استناداً إلى تحقيقات الشرطة السرية ومن دون اللجوء إلى علاج فعال".
وقالت منظَّمة العفو إنها استندت في نتائجها إلى أكثر من 100 مقابلة مع موقوفين سابقين ومحاميهم، موضحةً أنَّ الكثيرين تم توقيفهم لمشاركتهم في أنشطة سياسية أو متعلّقة بحقوق الإنسان أو بسبب محتوى ناقد على منصات التواصل الاجتماعي.
ودهم أفراد من الشرطة يرتدون ملابس مدنية مطلع الأسبوع الجاري مقر موقع "مدى مصر" الإخباري، واحتجزوا ثلاثة محررين أُطلق سراحهم لاحقاً، وذلك بعد يوم من توقيف محرر آخر يعمل في الموقع نفسه.
وقالت النيابة العامة في بيان: "الاقتحام جاء عقب إذن قضائي من نيابة أمن الدولة العليا بتفتيش مقر الموقع الإلكتروني المعروف باسم "مدى مصر"... بعدما عُرض على النيابة العامة محضر بتحريات قطاع الأمن الوطني التي توصَّلت إلى إنشاء جماعة الإخوان (المسلمين) الموقع الإلكتروني لنشر أخبار وشائعات كاذبة لتكدير الأمن العام".
وأوقفت السلطات المصرية هذا الأسبوع أيضاً ناشطاً حقوقياً مسيحياً قبطياً وضع في الحجز لمدة 15 يوماً.
وأكَّد محاميه لوكالة "فرانس برس" أنه يواجه اتهامات "بالانضمام إلى جماعة إرهابية ونشر معلومات كاذبة".
ولمواجهة هذه الانتهاكات المتصاعدة، دعت منظمة العفو السلطات "إلى توفير ضمانات المحاكمة العادلة" للمحتجزين. وتتهم جماعات حقوق الإنسان السلطات المصرية بانتظام بكبح الحريات وتكميم أفواه المعارضين، وبينهم الإسلاميون والعلمانيون.
وكانت منظمات حقوقية محلية أشارت إلى توقيف حوالى 4000 شخص خلال الشهرين الماضيين، بينهم محامون ونشطاء وأساتذة جامعات وصحافيون، إثر احتجاجات نادرة ومحدودة خرجت في أيلول/ سبتمبر في مدن عدة ضد السيسي.
وُوضعت قيودٌ شديدة على التظاهرات في مصر بموجب قانون صدر في نهاية 2013، كما فرضت حال الطوارئ في البلاد، ولا تزال تجدد حتى الآن.
وعلقت رو، بحسب التقرير، على ذلك بقولها: "الوضع يزداد سوءاً... القمع يزداد تصلباً".