يحتلُّ الأدب مكانة مهمة في العالم الاسلامي، ويُعتبر أساس متين لبناء شخصية انسانية صالحة، فهو ليس مجرد مظهر خارجي وحسب، بل نظام متكامل يشمل السلوك اللفظي والعملي والوجداني، فقد أكد الله تعالى في القرآن الكريم، على ضرورة التعامل بالحكمة والموعظة الحسنة، كما حرص رسول الله (ص) والأئمة الأطهار (ع) على إبراز أن الأخلاق الحسنة تُعدّ زاد المؤمن في حياته الدنيا والآخرة.
مِمّا لا شك فيه أن الأدب منظومة سلوكية تشمل الإحترام في التعامل مع النفس والآخرين، والالتزام بالقيم الإخلاقية الراقية، والسلوك الحسن، والتهذيب واللطف، وسوى ذلك من السلوكيات التي تجتذب الآخرين بما يبديه الفرد لهم من احترام وتقدير واهتمام، والأدب كغيره من الصفات الأخلاقية ينمو ويزداد بالتزكية الدائمة للنفس، وتهذيبها المستمر، وتعزيز العلاقة بالله تعالى باعتباره المثل الأعلى، وارتباط الأدب بالمعرفة والعلم لا يُنكر أبداً، فكلما زادت معرفة الإنسان زاد أدباً، ومن زاد أدبه زاد بهاؤه وأشرق وجهه بالنور، وقلّت مساوئه وأخطاؤه.
في المقابل فإن العلاقة بين قلة الأدب وكثرة المساوئ واضحة من غير لبس، وتنتج عن ذلك آثار شديدة السلبية والخطورة، ولعل من أبرزها:
أولاً: الانحراف عن الدين وغاياته: فحين يقلّ الأدب يصبح الإنسان عرضة لسوء التصرف، مما يؤدي إلى تزايد العيوب الأخلاقية والسلوكيات المعيبة لديه، ومن المعلوم أن الغاية القصوى للدين صناعة إنسان مؤدّب، إنسانٍ يتأدّب بآداب الله تعالى، ويتخلَّق بأسمائه، ولذلك كلما زاد إيمانه زاد أدبه، وكلما نقص إيمانه نقص أدبه وظهرت المزيد من مساوئه.
ثانياً: التأثير السلبي على العلاقات الاجتماعية، إذ لا نقاش في أن سوء الأدب ينعكس سلباً على علاقات الفرد مع مجتمعه، إذ يؤدي إلى نفور الناس منه، واستثقالهم وجوده بينهم، واجتنابهم التعامل معه.
ثالثاً: الخلل النفسي والروحي فقد أثبتت الأبحاث المتخصصة أن اضطرابات نفسية كثيرة تنجُم عن قلة الأدب، مِمّا يؤدّي بالإنسان إلى انشغاله بشهواته، وانصياعه لغرائزه، وهي جموحة نَهِمة لا تشبع من الكثير، الأمر الذي يؤدي إلى خلل نفسي رهيب لديه.
نستنتج مما سبق:
أولاً: ضرورة تربية الناشئة على الأدب، وضرورة أن يؤدِّب الفرد نفسه على ذلك ولو كان متقدما في العمر، بل هو أحوج إلى ذلك من سواه.
ثانياً: تكريس وقت يومي لمطالعة كتب الأخلاق، وأحاديث النبي والأئمة الأطهار عليهم السلام، وقراءة سيرتهم، وسيرة العلماء والصالحين وعلماء الأخلاق.
ثالثاً: اعتماد الرقابة الذاتية الدائمة ومحاسبة النفس باستمرار، والاعتراف بالخطأ والمسارعة إلى تصحيحه فور حدوثه.
بقلم الباحث اللبناني في الدراسات الدينية السيد بلال وهبي