قال رئيس الحكومة الصهيونية، بنيامين نتنياهو، يوم الإثنين، إنَّ "الإيرانيين يطورون صواريخ، ويريدون نصبها في العراق وسوريا، وتحويل الترسانة في لبنان، التي تحتوي 130 ألف قذيفة صاروخية، إلى صواريخ موجهة دقيقة. وهم يتطلعون إلى تطوير ذلك، وقد بدأوا بإدخالها إلى اليمن بهدف ضرب إسرائيل من هناك".
ورأى سياسيون وصحافيون صهاينة أن أقوال نتنياهو تأتي في سياق الأزمة السياسية الصهيونية، ومحاولته منع رئيس كتلة "كاحول لافان"، بيني غانتس، من تشكيل حكومة برئاسته، وإنما الدفع باتجاه تشكيل حكومة وحدة، تضم "كاحول لافان" وكتلة اليمين والحريديين، برئاسة نتنياهو، بعد فشله في تشكيل حكومة في أعقاب جولتي انتخابات للكنيست في العام الحالي.
وأشار المحلّل السياسيّ في صحيفة "هآرتس"، عاموس هرئيل، أمس الأربعاء، إلى أنَّ "أيّ معلومة أمنية جديدة تُنشر في هذه الأيام ينبغي تلقيها بالقدر اللائق من الشك، وأنّ المصالح المختلفة وراء إبراز التهديدات الإيرانية واضحة جداً"، وهي أن "للكثيرين من القيادات التي تتحدث عن خطورة الوضع الإقليمي هدفاً سياسياً واضحاً، وهو حكومة وحدة. ولكل واحد أسبابه، وكلما كان الوضع الأمني أخطر، ازداد احتمال تشكيلها"، إلا أنَّ هرئيل اعتبر أنه "على الرغم من ذلك، فإنَّ المعلومات الجديدة بشأن اليمن مهمة جداً، وهو يستعرض القسم الثاني من صورة التهديدات، الذي لم يكن مكشوفاً للجمهور حتى الآن، فقد حذرت شعبة الاستخبارات العسكرية الصهيونية ("أمان")، الشهر الماضي، من احتمال أن تحاول إيران مهاجمة الكيان الصهيوني من غرب العراق، بواسطة إطلاق صواريخ موجهة أو طائرات مسيرة، من القواعد التي أقامتها في المنطقة بمساعدة المليشيات الشيعية التي تستخدمها".
وأضاف: "يبدو أن السيناريو الثاني يتعلق باليمن: لقد زودت طهران المتمردين الحوثيين هناك بطائرات مسيرة وصواريخ سكاد، التي هاجموا بواسطتها، في السنوات الأخيرة، حقولاً ومنشآت نفطية في السعودية. والآن، يظهر من أقوال نتنياهو أنه أضيفت إلى البنية التحتية العسكرية الإيرانية في اليمن صواريخ بالستية طويلة المدى".
وتابع هرئيل: "لأنّ المدى من شمال اليمن إلى إيلات، أقصى نقطة جنوبية في إسرائيل، هو 1800 كيلومتر، فمن الجائز أن الحديث يدور عن صاروخ من طراز يسمى خرمشهر أو موسودان. ويصل مدى الصاروخ الأصلي، من صنع كوريا الشمالية، إلى حوالى 4000 كيلومتر. وكانت وسائل إعلام دولية ذكرت في الماضي أنَّ الإيرانيين زادوا زنة الرأس الحربي لهذا الصاروخ من حوالى 500 كيلوغرام إلى قرابة طن ونصف الطن أو طنين، وقلَّصوا مداه إلى 2000 كيلومتر، وبذلك أصبح الإيرانيون قادرين على أن يضربوا من اليمن أهدافاً كثيرة في جنوب إسرائيل".
واعتبر هرئيل أنَّ مدى الصواريخ الإيرانية يصل إلى الكيان الصهيوني من إيران نفسها طبعاً، "لكن نصب الصواريخ الطويلة المدى في اليمن، إلى جانب إطلاق صواريخ من هناك باتجاه السعودية في الماضي، يدلّ على أنَّ الإيرانيين يجهّزون لأنفسهم إمكانيات أخرى. وهذه الخطَّة كشفها نتنياهو، بتفاصيل جزئية، هذا الأسبوع".
وبحسب هرئيل، فإنَّ "نتنياهو يتحدث في اجتماعات مغلقة بمصطلحات نهاية العالم حول مواجهة محتملة مع إيران، وحتى في الفترة القريبة. ويبدو أن نتنياهو يعتمد بين أمور عديدة على تقديرات الاستخبارات بأن الإيرانيين قرروا ترسيخ معادلة ردع جديدة، وبموجبها سيردون على أي هجوم إسرائيلي آخر ضد معسكرات وقوافل أسلحة لهم في الجبهة الشمالية (أي سورية)". واستدرك أنه "من الجائز أيضاً أن مصائبه القضائية والسياسية تؤثر في تقديراته، ولكن يصعب تجاهل أقواله. وعلى خلفية ذلك، يحافظ الجيش الإسرائيلي، وسلاح الجو خصوصاً، على جهوزية عالية، ويلاحظ ذلك السكان القريبون من قواعد سلاح الجو في الأسابيع الأخيرة".
أشار المحلّل العسكريّ في موقع "واللا" الإلكتروني، أمير بوحبوط، إلى أن وجود صواريخ باليستية إيرانية في اليمن، قادرة على ضرب أهداف في جنوب الكيان الصهيوني، بحسب نتنياهو، "تستوجب أن توسّع إسرائيل، أولاً، قدرات جمع المعلومات الاستخبارية في اليمين ومنطقتها. كذلك تتزايد الحاجة إلى تعزيز العلاقة مع أجهزة استخبارات تنشط في منطقة اليمن من أجل جعل مراقبة منصات الصواريخ بأنواعها المختلفة، وبخاصة الصواريخ المواجهة، أكثر دقة".
وأضاف بوحبوط أنَّ أقوال نتنياهو تأتي بعد شهر ونصف الشهر من مهاجمة منشآت "أرامكو" في السعودية بصواريخ موجهة وطائرات مسيرة صغيرة من صنع إيران، ونظام الدفاع الجوي الأميركي فشل في الدفاع عن هذه المنشآت. وهذا الهجوم أشعل أضواء حمراء ليس لدى الدول العربية في تلك المنطقة فقط، وإنما في الكيان الصهيوني أيضاً، إثر التخوف من أن إيران نجحت في نقل المزيد من الصواريخ المتطورة لمدى طويل إلى اليمن ودول أخرى في المنطقة، بحسب قوله.
وتابع بوحبوط أنه في هذا السياق طلب الجيش الصهيوني شراء المزيد من الأسلحة، من أنواع مختلفة، لسلاح الجو ومنظومات دفاع جوي، وبخاصة "العصا السحرية"، لاعتراض الصواريخ المتوسطة المدى.
ولفت إلى أنَّ الخطَّة المتعددة السنوات الجديدة للجيش الصهيوني، التي أشرف عليها رئيس أركان الجيش، أفيف كوخافي، تتطرَّق إلى "انسحاب إيران التدريجي من الاتفاق النووي. والتهديد الإيراني، الذي في إطاره قد تعود إيران إلى تشغيل منشآت نووية لغرض تخصيب اليورانيوم، يحتم على إسرائيل دراسة تجديد خطط عسكرية وقدرات جمع معلومات استخبارية في أنحاء إيران وزيادة نوعية القدرات الهجومية لسلاح الجو".
وخلال الأسابيع الأخيرة، عقد المجلس الوزاري المصغّر للشؤون السياسية والأمنية (الكابينيت)، بحسب بوحبوط، "مداولات عميقة حول مجال الدّفاع الجوي عن إسرائيل، وفي مجال التطوير والمقتنيات، بهدف الاستعداد لمواجهة تهديدات آخذة بالتطوّر على الجبهة الداخلية لدولة إسرائيل".