حظر قاضٍ فيدراليّ أميركي في مدينة سياتل توزيع برنامج يسمح للمستهلكين بإنتاج أسلحة باستخدام تقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد. وقد نشرت منظَّمة "ديفينس ديستربيوتد"، المدافعة عن حقّ حيازة الأسلحة، تصميمات أولية لبنادق يمكن تحميلها من الإنترنت منذ خمسة أيام.
وكانت المنظَّمة قد توصّلت إلى تسوية مع إدارة الرئيس دونالد ترامب في يونيو/ حزيران، تقضي بالسماح قانونياً بنشر تصميمات الأسلحة، لكنَّ ثماني ولايات، وواشنطن العاصمة، رفعت دعوى قضائية ضد الحكومة الأميركية لإيقاف سريان التسوية، بدعوى أنَّ هذا النوع من الأسلحة التي لا يمكن تعقّبها، يشكّل خطراً على سلامة المواطنين.
وأصدر القاضي الأميركي، روبرت لاسنيك، أمر تقييد مؤقت يوقف توزيع البرنامج قبل ساعات من بداية السريان المقرّر له الأول من أغسطس/ آب، وقال إنّ المخطَّطات الأولية للأسلحة يمكن أن تسقط في اليد الخاطئة.
وأشار إلى أنَّ "الطابعات ثلاثية الأبعاد متوفرة في الكليات العامة وبعض مراكز الخدمة العامة، وثمة احتمال أن تشكل ضرراً لا يمكن تلافيه". وحدَّد القاضي لاسنيك جلسة في 10 أغسطس/ آب لبحث مزيد من التفاصيل عن القضية.
وعلى الرغم من أنه كان من المتوقَّع أن تنشر "ديفينس ديستربيوتد" التصميمات الأسبوع المنصرم، فقد رفعت المنظَّمة ملفات لتسعة أنواع من المسدسات في موقعها. وحمّل أكثر من 1000 شخص الملفات لطباعة بندقية "إيه آر-15"، وهي البندقية نفسها التي استخدمت في كثير من حوادث إطلاق النار الجماعي في الولايات المتحدة.
ويعارض إصدار البرنامج كلّ من المدعي العام في ولاية واشنطن، بوب فيرغسون، وعدد من الولايات الأميركية، منها نيويورك ونيوجيرسي وماساتشوستس وكونيتيكت وبنسلفانيا وأوريغون وميريلاند، وواشنطن العاصمة.
ويصف المعارضون إصدار التصميمات بـ "ناقوس خطر لا يمكن منعه من القرع". ويقولون إنَّ "الحكومة لم تتوصّل إلى قرار بشأن تداعيات الاتفاق على الأمن القومي أو آثاره في قدرة الولايات المستقلّة على الحفاظ على سلامة سكانها".
إضافةً إلى ذلك، كتب 20 مدعياً عاماً في ولايات أميركيَّة خطابات إلى وزارتي الخارجية والعدل بشأن منع إصار تصميمات الأسلحة النارية على الإنترنت. ووصف المدعي العام لواشنطن، بوب فيرغسون، قرار القاضي الفيدرالي بأنه "انتصار كامل وتام".
وقال إن "كلّ شيء طالبنا به حصلنا عليه من القاضي لانسيك"، ودعا الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى "منع أيّ شخص من نشر هذه المعلومات وجعلها متاحة لأيِّ شخص على الإنترنت".
وكان الرئيس الأميركي قد علّق في حسابه على تويتر قبل إصدار حكم القاضي الفيدرالي، قائلاً إنَّ بيع بنادق مصنوعة بتقنيَّة طباعة ثلاثية الأبعاد للجمهور "لا يبدو أنّه منطقي"، وذلك بعد التوصّل إلى تسوية مع منظمة ديفينس ديستربيوتد في يونيو/ حزيران الماضي.
لكن مؤسّس المنظمة، كودي ويلسون، قال لبي بي سي، إنَّ البنادق ثلاثية الأبعاد لا تشكّل أيّ تهديد لسلامة الجماهير. وأضاف: "لم أرَ جريمة ارتكبت باستخدام تلك البنادق". وتابع: "على حدِّ علمي، أعرف حالة واحدة اعتقل فيها شخص بسبب هذه البندقية، وكان رجلاً في اليابان، وكان هذا الشّخص فضولياً بشأن صناعتها".
هذا الجدل بدأ في العام 2013 عندما استعرض ويسلون أول سلاح منتج بتقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد في العالم. وأتيحت على الفور ملفات توضح كيف يمكن استنساخ مراحل إنتاج البندقية على موقع منظمة "ديفينس ديستربيوتد"، وجرى تحميلها مئات الآلاف من المرات.
ودفع ذلك وزارة الخارجية إلى إصدار أمر إلى المنظَّمة بحذف الملفّات من موقعها. وتلا ذلك معركة قضائية استمرت أربعة أعوام، وتحالفت "ديفينس ديستربيوتد" مع منظمة "سكند أميندمينت فونديشن"، التي تدافع عن حق امتلاك الأسحلة، في رفع دعوى قضائية ضد وزارة الخارجية.
وفي الشَّهر الماضي، كسبت المنظَّمة الدعوى في خطوة مفاجئة، وقضت وزاة العدل بأنه "يجوز للأميركيين حق الوصول والحديث واستخدام ونسخ" المعلومات التقنية الخاصة بهذا النوع من الأسلحة. وأشاد ويلسون بالقرار، ووصفه بأنه انتصار وبداية لـ "عصر النبادق الممكن تحميلها من الإنترنت".
لكن المعارضين أعربوا عن قلقهم من ذلك، وقالوا إنه سيؤدي إلى زيادة هائلة في إنتاج ما يسمى بـ "البنادق الشبح" غير المسجّلة، التي لا يمكن للحكومة الأميركية تعقّبها.
ومنذ بداية التحرك القانوني، تعكف منظمة "ديفينس ديستربيوتد" على العمل على إنتاج تصميمات أسلحة جديدة، ونجحت في تطوير جهاز لحفر وتعديل المعادن يعرف باسم "المدفع الشبح "(Ghost Gunner)، يمكنه جمع أجزاء يمكن شراؤها من الإنترنت وتحويلها إلى سلاح فعليّ.