تنجم تشنجات العنق وآلام الظهر الصباحية عادةً عن الوضعيات الخاطئة أثناء النوم. وفي معظم الحالات، يتجاهل الناس الألم ويعتبرونه أمراً طبيعياً، حيث يستيقظون صباحاً ويمارسون نشاطاتهم اليومية بشكل اعتيادي. لكن حذّر الخبراء من أن الوضعيات الخاطئة للنوم، التي تكون فيها عضلات العنق والظهر تحت ضغط دائم، غالباً ما تؤدي إلى تشنج العنق وعضلات الظهر لتسبب الألم في أي وقت.
وفي معرض تعليقه على الموضوع، قال دومينيك زانكوفيتش، خبير النوم ومؤسس شركة ’ويسبر‘: "يساهم الحصول على قسط جيد من النوم في توفير شعور بالنشاط والانتعاش صباحاً. وتؤدي آلام العضلات والتشنجات الصباحية إلى الشعور الدائم بالإزعاج، فضلاً عن تأثيرها الكبير على الجسم، حيث تؤثر على المزاج وتعطل الوظيفة الحركية والقدرة على تنفيذ الأنشطة اليومية. لذا من الضروري أن يتخذ المرء خطوات أساسية للاستمتاع بوضعية صحية خلال النوم".
ويوضح دومينيك أنّ النوم المتقطع يؤدي إلى زيادة حدّة الألم المزمن، نظراً للصلة الوثيقة بين النوم والألم والتأثير المتبادل فيما بينهما، مشيراً: "توجد أدلة واضحة تشير إلى الصلة الوثيقة بين الألم والنوم، إذ يكون الأفراد ممن لا يحصلون على قسطٍ كافٍ من النوم أكثر عرضة للإصابة بمتلازمات الألم المزمن. كما يصعب على من يعانون من ألم مزمن أن يغطّوا في نوم عميق، ما يؤدي إلى تطور الأرق واضطرابات النوم، لتنتج بذلك حلقة مفرغة من النوم المتقطع وغير المريح، حيث تزيد قلة النوم من حدة الألم".
ويُعرّف الألم المزمن بأنه الألم الذي يستمر أو يتكرر حدوثه لمدة تزيد عن ثلاثة أشهر، مثل آلام أسفل الظهر والتهاب المفاصل والتصلب المتعدد والألم العضلي الليفي، ويعد واحداً من أبرز أسباب المعاناة والعجز في مختلف أنحاء العالم. وتشير التقارير إلى إصابة واحد من كل خمسة أشخاص بهذا الاضطراب، أي ما يقارب 1.5 مليار شخص حول العالم، حيث يشكل الألم المزمن عبئاً ثقيلاً على المرضى وعائلاتهم، فضلاً عن أعبائه الاقتصادية.
وفي هذا السياق، أكد دومينيك على ضرورة الحصول على قسطٍ كافٍ من النوم كأحد جوانب إدارة الألم، موضحاً: "تعزز قلة النوم من الشعور الألم، وذلك وفقاً للدراسة الجديدة الصادرة عن جامعة ’كاليفورنيا بيركلي‘. وأثبتت الأبحاث أنّ الحرمان من النوم يسبّب خللاً عصبياً في الدماغ يؤدي إلى تنشيط القشرة الحسية الجسدية التي تستقبل وتقرأ إشارات الألم لتزيد من حدتها".
كما وجدت الدراسة، التي تم نشرها في مجلة العلوم العصبية خلال وقت سابق من العام الجاري، أن النوم غير الكافي يسبب انخفاضاً في نشاط النواة المتكئة في الدماغ، وهي مسؤولة عن إنتاج الناقل العصبي دوبامين، الذي يرفع مستوى السعادة ويخفف من حدة الألم. ولا تقتصر مشاكل نقص النوم على تعزيز حساسية المناطق المستقبلة للألم في الدماغ فحسب، بل تعيق أيضاً عمل المراكز الطبيعية لتسكين الألم وتعطل رد الفعل الطبيعي للمخ بإيقاف الألم.
وأضاف دومينيك: "تؤكد هذه النتائج أن النوم العميق والمريح هو الحل الأمثل لعلاج الألم المزمن. وعلى الرغم من وجود سبل متعددة لتعزيز فرص الاستمتاع بقسطٍ جيد من النوم، يبدأ الحل بإيجاد المرتبة والوسادة المناسبتين واللتين توفران الدعم الأفضل للجسم بكافة وضعياته.