15 كانون الثاني 24 - 08:30
بعد 100 يوم من الحرب، خرج المتحدث العسكري باسم كتائب "القسام" الجناح العسكري لحركة "حماس"، أبو عبيدة، في كلمة مصورة له كانت الأولى منذ الثالث والعشرين من تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، أي منذ نحو 52 يوما.
واتفق خبيران ومحللان أحدهما عسكري، والآخر سياسي، على أن ظهور أبو عبيدة في كلمة مصورة، يحمل رسائل ودلالات عدة، أبرزها مواصلة صمود المقاومة بعد 100 يوم من العدوان والحرب، ودحض روايات جيش الاحتلال الإسرائيلي حول ضبط مستودعات أسلحة وذخيرة في القطاع.
ويرى الكاتب والمحلل السياسي الأردني، عاطف الجولاني، أن "توقيت كلمة أبو عبيدة المصورة كان مقصودا، وفيه رسالة واضحة، أن قدرة المقاومة على منازلة العدو ومواصلة المعركة قائمة ومستمرة، وحاضنتها الشعبية موجودة".
وأضاف الجولاني، إن "حديث أبو عبيدة كان واضحا، حول ربط معركة طوفان الأقصى بما تتعرض له مدينة القدس والمسجد الأقصى، وركز بشكل واضح على استهداف الاحتلال للمدينة والمقدسات فيها، وأن المعركة جاءت دفاعا عن المسجد الأقصى المبارك".
ارتباط غزة بالقدس
وأضاف أن "الكلمة أكدت ارتباط أداء المقاومة في غزة، وتضحيات الشعب الفلسطيني في القطاع، بمدينة القدس والمسجد الأقصى".
واعتبر الجولاني، أن "صمود المقاومة انتصار يفوق أهمية انتصار السابع من تشرين الأول/أكتوبر"، مستدركا "نتحدث اليوم عن انتصارين؛ الأول السابع من أكتوبر، والثاني صمود المقاومة لمدة 100 يوم في وجه عدوان الاحتلال الإسرائيلي".
وأوضح أن "ما يجري اليوم حرب استنزاف بين الطرفين، وصراع إرادة"، مشيرا إلى أن "قدرة المقاومة في غزة ستكون أكبر من الجانب الإسرائيلي، وهذا ما أكدته كلمة أبو عبيدة اليوم".
مأزق إسرائيلي
وبحسب الجولاني، فإن "حديث أبو عبيدة كان يشير إلى أكاذيب يروّج لها الاحتلال، وهذا يعبر عن طبيعة المأزق الذي يمر فيه الجانب الإسرائيلي، في ظل ضغوطات الانقسامات الداخلية، ومسألة أسراهم في غزة".
ويروّج الاحتلال للعديد من الأكاذيب والإنجازات الوهمية أمام المجتمع الإسرائيلي، لرفع المعنويات، وتبرير مواصلة الحرب على غزة، وفقا للجولاني.
المقاومة بخير
أما الخبير العسكري والاستراتيجي الأردني، محمد المقابلة، يرى من جانبه، أن "ظهور أبو عبيدة بعد 100 يوم من الحرب في كلمة مصورة، أبطل كل ما يشاع أنه مصاب، ويدل على أن المقاومة بخير".
وقال المقابلة، إن "أبو عبيدة يثبت للأسرى في سجون الاحتلال، أن المقاومة لن تتركهم وحدهم، وسترد لهم دين تضحيتهم"، مستدركا أن في ذلك "بث للروح بين الفلسطينيين أن من يقدم لأجل فلسطين لن تتخلى عنه المقاومة".
معلومات استخباراتية
وأوضح أن "أبو عبيدة ذكر نقاطا في البعد الاستخباراتي لأول مرة في كلمته اليوم، عندما أعلن أنه قتل عدد من الأسرى، ولم يذكر عددهم، وهذه معلومة تستخدم ضد العدو في المجتمع الإسرائيلي".
وأضاف أنه "من شأن ذلك أن يجعل العدو الإسرائيلي في حيرة من أمره، ويحمل المزيد من الضغط عليهم في الأيام المقبلة".
وعلى عكس ما يفكر به جيش الاحتلال وحكومته، كشف "أبو عبيدة"، عن امتلاك المقاومة رصيدا كافيا من الصواريخ والذخيرة، وعن قدرتها على الاستمرار في الحرب، إلى جانب صمود مستودعاتها، وفقا للمقابلة.
ومن شأن ذلك، أن يرهق العدو الإسرائيلي، على ما ذكر المقابلة، الذي أوضح أن "المقاومة قادرة على أن ترشق العدو بأكثر من ألف صاروخ يوميا إذا أرادت".
رعب الملاجئ في "تل أبيب"
وبحسب الخبير العسكري المقابلة، فإن "الاستمرار في المرحلة القادمة من الحرب، قد يشمل كثافة عالية في إطلاق الصواريخ في عمق تل أبيب، مما سيعيد رعب العودة إلى الملاجئ في المجتمع الإسرائيلي".
ويرى المقابلة، أن "حديث أبو عبيدة أوضح أن المقاومة تملك المزيد من المفاجآت، وأن لديها أسلحة وذخيرة بكميات كبيرة، وليست بحاجة إلى عمليات تهريب ونقل، وفي ذلك إشارة إلى أنهم قادرون على الاستمرار لمدة أطول".
كما يرى أيضا، أن "صناعة الذخيرة محليا في غزة، أسفطت أهمية سيطرة الاحتلال على محور فيدلافيا، الذي يربط القطاع المحاصر مع دولة مصر".
توسيع لرقعة الحرب
واعتبر المقابلة، أن "شكر أبو عبيدة للمقاومة في لبنان والعراق واليمن إشارة لافتة ومباشرة إلى أنه سيكون هناك توسيع في رقعة الحرب في هذه الساحات، طالما استمر العدوان على قطاع غزة".
وقال إن "أبو عبيدة كشف عن تواصل بين جبهات المقاومة في المنطقة، واتفاق على توسيع ساحة المعركة، وفي ذلك تحقيق لمبدأ الردع، لإفشال مفهوم الردع لدى إسرائيل".
وأوضح المقابلة قائلا: "إن هدأت الحرب في غزة، ستهدأ في الجبهات الثلاث التي ذكرها أبو عبيدة ضمن مفهوم توحيد الساحات".
ودخل عدوان الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة، الأحد، يومه الـ100، في ظل استمرار التحذيرات من آثار كارثية على أهالي القطاع بسبب الجوع الناجم عن تزايد نقص توريد الغذاء، في حين بلغ غدد النازحين في القطاع أكثر من 1.8 مليون نسمة، وفقا للأمم المتحدة.
ومنذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر الماضي، يشن جيش الاحتلال الإسرائيلي حربا مدمرة على قطاع غزة، خلّفت حتى الأحد 23 ألفا و968 شهيدا و60 ألفا و582 إصابة معظمهم من الأطفال والنساء.
وأدى العدوان المستمر للاحتلال على غزة، إلى دمار هائل في البنية التحتية وكارثة إنسانية غير مسبوقة، وفقا لسلطات القطاع والأمم المتحدة.
المصدر: قدس برس