... مشدداً على ضرورة البحث العميق عن أسباب هذه الظواهر والتي ليست اقتصادية فقط، ومؤكداً على أهمية إيلائها العناية اللازمة وعدم الاقتصار على التحديات والاستحقاقات القادمة التي لا يمكن أن تؤدي لوحدها إلى تلبية حاجات الناس.
وأشار سماحته في تصريح له إلى ضرورة الاهتمام بالواقع الاجتماعي للناس لأن هذا الواقع عندما يصيبه الاهتراء والتفسخ وتتوسع فيه المشاكل والأزمات وتنتقل فيه الجرائم من منطقة إلى أخرى وتصبح الناس في حال من التوتر والخوف والقلق المستمر داخل المجتمع، فعندها لن تكون جاهزة لمواجهة المؤامرات وما يحيكه الأعداء للبلد وما يعملون له ويخططون من السيطرة على ثرواته ومقدراته.
أضاف: لا يشك أحدٌ في أن من أسباب هذه الجرائم ما يتصل بالواقع الاجتماعي والاقتصادي الصعب، ولكن الأسباب لا تتوقف هنا بل تتجاوز ذلك إلى هذا الانهيار المتمادي لمنظومة القيم، وإلى هذا التردي والفلتان الأخلاقي، وكذلك الفلتان الأمني الطاغي في الكثير من المناطق وحيث يستسهل الكثيرون اللجوء إلى استخدام السلاح دون رادع، وإلى القتل بطريقة وحشية والتعرض للأبرياء والاعتداء على الآمنين واستهداف السلم الأهلي وترك الناس في حال من الذهول والخوف من دون مساعدتها أو الاقتصاص من القتلة أو منع هؤلاء من فرض إرادتهم وشروطهم وإملاءاتهم على الآمنين وغياب الهيبة الأمنية والمحاكمات القضائية العادلة، ما يجعل الوضع لا يُطاق سواء فيما يتصل بهذا التفشي لعمليات القتل أو السرقة أو الاتجار بالمخدرات والتأثير على ضعاف النفوس الذين وجدوا في هذه السبل طرقاً للتخلص من الضغوط الاجتماعية والنفسية التي تحاصرهم.
وقال: ولذلك فإننا بحاجة لورشة عمل داخلية تشارك فيها كل الفاعليات الثقافية والدينية إلى جانب الدولة ومسؤولي الأحزاب والهيئات السياسية وغيرها، لمنع واقعنا من التداعي تحت وطأة هذه الظواهر الخطيرة والسريعة الانتشار، والتي يمكن أن تقودنا إلى فوضى داخلية على المستوى الأمني تؤدي إلى السقوط السريع للهيكل الاجتماعي على رؤوس الجميع، وتمنعنا من القيام بالدور المطلوب في مواجهة الأعداء وفي إعادة بناء الوطن، لأن مجتمعاً مؤهلاً ومتداعياً في الداخل لن يكون بمقدوره مواجهة أعداء الخارج.