دعا سماحة العلامة السيد علي فضل الله إلى عدم ربط حقوق لبنان وثرواته ومستقبل أجياله بشوائب العلاقات السياسية الداخلية وبالخلافات التي تحصل بين هذا الفريق أو ذاك، أو بشروط الأفرقاء الذاتية على حساب المصلحة اللبنانية العامة.
ورأى سماحته في تصريح له أن المرحلة لا تحتمل تسجيل النقاط بل ينبغي أن تكون مرحلة تحمل المسؤوليات حتى لا يستغل الآخرون، وخصوصاً العدو الإسرائيلي، الانقسامات الداخلية ويعمل على الاستثمار فيها فيفرض شروطه على لبنان في ملف ترسيم الحدود وغيره، مشيراً إلى أن هذا الأسلوب كان ديدن هذا العدو منذ بدأ في احتلاله لفلسطين وفي كل مشاريعه وأطماعه التوسعية.
وأسف سماحته أن يكون كل شيء في لبنان قد دخل في لعبة التحاصص وتقاسم الجبنة، وهو الذي جعل البلد مكشوفاً لحساب الانهيار في الداخل، ومفتوحاً على لعبة التنازل أمام الآخرين في الخارج، مشيراً إلى أننا "بتنا نخشى من أن يتسلل ذلك إلى طريقة التعاطي مع الملفات الكبرى الاستراتيجية ومنها ملف ترسيم الحدود مع فلسطين المحتلة، وثروات لبنان وحقوقه، ما يجعل العدو أكثر راحة في عملية الضغط على لبنان في خاصرته الداخلية الرخوة".
وقال سماحته: إن المطلوب هو العودة لاستجماع أوراق القوة الداخلية في مواجهة العدو، وأول هذه الأوراق يتمثل في الوحدة الداخلية التي يظهر فيها البلد بأنه كتلة متماسكة ومتراصة خلف حقوقها وغير قابلة للكسر، وحاضرة للصمود أمام كل الضغوط، وهو الأمر الذي يستدعي حواراً داخلياً شاملاً يبدأ بالمؤسسة التشريعية ويصل إلى كل المؤسسات وكل الأطراف ويشمل كل الملفات، وخصوصاً الملف الاجتماعي والاقتصادي وصولاً إلى كل ما يتصل بحقوق لبنان وسيادته، حيث ينبغي تذليل كل العقبات في الداخل لحصول البلد على ثرواته التي هو في أمس الحاجة إليها في هذه المرحلة التي لا نملك فيها ترف المواقف الاستعراضية والاستفزازية، فالبلد يكتوي بنيران الفقر والعوز بل والانهيار الشامل، ونخشى أن يصل الأمر إلى ما هو أبعد من ذلك فيما بدأنا نشهده من اهتزازات أمنية قد تُضعف من إمكان قيام القوى الأمنية بمهامها الأساسية وعلى رأسها الجيش اللبناني الذي لا يجوز تهميشه وإهماله تحت أي اعتبار من الاعتبارات.
وخلص للقول: إننا في ظل ما نشهده في المنطقة من غليان سياسي وقلق أمني وصولاً إلى تأجيل معالجة الملفات الكبرى نخشى أن يكون نصيب لبنان هو مزيد من الانهيارات التي لا يمكن تداركها وعدم شرب كأسها المرة إلا بتوافق سياسي ينبغي أن يبدأ من خلال الإسراع في تشكيل حكومة جديدة والتحضير للاستحقاقات الأخرى الداهمة، والانصراف العملي لمعالجة قضايا الناس الملحة اجتماعياً واقتصادياً وليس ملف ترسيم الحدود ببعيد من هذه الهموم في عمقها وصميمها