في ظل التطورات التكنولوجية الرهيبة التي عرفتها وتعرفها البشرية، فإن دور وسائل الإعلام بصفة عامة لم يعد مجرد الإخبار أو إشباع حاجات الفرد المعرفية فقط، وإنما أصبح وسيلة تأثير تروج لموسوعة من المعايير والقيم الثقافية الدخيلة بأسلوب إقناعي مبهر ومخدر للعقول تخفي وراءها نوايا مقنعة.
على الرغم من الفوائد العديدة للرسوم المتحرّكة، هناك أيضًا عيوب محتملة، فبحسب باحثين، فأحد الشواغل الرئيسيّة هو مستوى العنف الّذي غالبًا ما يتمّ تصويره في الرسوم الكارتونية إذ تتميّز العديد من الرسوم الكارتونيّة بشخصيّات تنخرط في سلوك عنيف، مثل القتال أو إطلاق النار أو الضرب، وبينما يدّعي البعض بأنّ هذه الصور غير ضارّة وغير واقعيّة، فإنّ هناك فريقًا يعتقد أنّها يمكن أن تزيل حساسيّة الأطفال تجاه العنف، وتجعلهم أكثر عدوانيّة، وعلاوة على ذلك، فإنّه يمكن لبعض الرسوم الكاريكاتوريّة أن تديم القوالب النمطيّة السلبيّة والتحيّزات. على سبيل المثال، قد تصوّر الرسوم الكاريكاتوريّة مجموعات معيّنة من الأشخاص في صورة سلبيّة، مثل النساء أو الأقلّيّات أو الأشخاص ذوي الإعاقة. يمكن أن تعزّز هذه الصور المعتقدات والمواقف الضارّة، وتساهم في التمييز والتحيّز.
بطل خارق خير، رجل ثري يرتدي زياً رائعاً يقوم بمسح المدينة يومياً بهدف محاربة المجرمين الأشرار، ويقوم بسفك دمائهم على الأرض وقد يحطم رؤوسهم؛ هذه هي كمية الصور التي تستخدمها صناعة السينما لجذب أكبر عدد ممكن من الجمهور. "أطفالنا لديهم شعور قوي بالخيال". رؤية كل هؤلاء الأبطال الرائعين يمكن أن يشجعهم على أن يكونوا أكثر شبهاً بهذه الشخصيات.
في بعض الأحيان، قد تقوم فقط بتشغيل التلفزيون وتبديل القنوات بلا تفكير حتى يلفت إنتباهك شيء ما. في حين أن هذا قد يكون جيداً عندما تكون بمفردك، فقد لا تكون فكرة رائعة عندما تكون مع طفلك. قد يبدو البرنامج التلفزيوني بريئاً للوهلة الأولى، ولكن ماذا ستفعل إذا ظهر شيء غير مناسب على الشاشة؟
وفقاً لنتائج بحث نشرته "وكالة مقال"، الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 5 و6، و9 سنوات يميلون إلى بناء أحكامهم الأخلاقية على "حسن" أو "سوء". فسلوك الشخصية الكرتونية على قدرتهم على التماهي مع تلك الشخصية.
وتشير نتائج البحث إالى أن قدرات التقكير الأخلاقي للأطفال، في سن ما قبل المدرسة قد تكون متقدمةً نسبيًا كما أن الأطفال في مرحلة ما قبل المدرسة، يمكن أن يشيروا إلى عواقب الأفعال الشخصية (على سبيل المثال، أن الشخصية تصرفت بعدوانية - إنخرطت في قتال)، لتلقي مكافأة مثل الألعاب فإنهم كانوا يميلون أيضًا إلى انتقاد تصرفات تلك الشخصية، باعتبارها خاطئة من الناحية الأخلاقية (على سبيل المثال، أنانية، لئيمة).
فيما يشير الدكتور فيكتور كلاين المتخصص في علم نفس الأطفال في جامعة يوتا الاميركية أن الاطفال يميلون إلى السلوك العدواني إذا اكثروا من مشاهدة الاحداث العنيفة في الوقت الذي ما زال الخلاف بين الباحثين عن مدى هذا الاثر لعدم ورود دليل قاطع على العلاقة السببية، وذلك لصعوبة ضبط العوامل الاخرى المحيطة بالفرد من بيئة اجتماعية ونفسية وعوامل وراثية.
الدكتور عبد الله باخشوين اليحيى استاذ علم الاجتماع بجامعة الملك عبد العزيز بجدة ، يقول إن ذلك ناتج من التعود على مشاهدة العنف، حيث يقول «بينت الدراسات ان حساسية المُشاهدين لمشاهد العنف تؤدي إلى نوع من اللامبالاة إذا ما شاهدوا عرض حدث دام يقع امامهم.
الاختصاصي التربوي د/ زياد وهدان أكد بأنه من السهل الحصول على أجهزة الألعاب الالكترونية سواء الأصلية منها أو التقليد ، وبعض هذه الأجهزة يوجد بها برمجيات لألعاب معينة بالإضافة الى إمكانية استخدام أسطوانات مضغوطة لألعاب الكرتونية وهذه متوفرة في الأسواق العربية بسهولة وبأسعار زهيدة في كثير من المناطق. كذلك الهواتف النقالة الذكية واستخدام بعض التطبيقات زاد من سهولة ويسر استخدام هذه الألعاب الالكترونية بالإضافة الى سهولة استخدام الانترنت باستخدام تقنية الـ Wi-Fi الذي سهّل على جميع أفراد الأسرة استخدام هذه الألعاب الالكترونية.
وعلى عكس المحتوى العنيف، يمكن أن يكون للمحتوى الاجتماعيّ الإيجابيّ في أفلام الكرتون آثار إيجابيّة على سلوك الأطفال، حيث وجدت دراسة أجريت في عام 1983، أنّ الأطفال الّذين شاهدوا رسوم كرتونية ذات محتوى اجتماعيّ إيجابيّ كانوا أكثر عرضة لإظهار سلوك اجتماعيّ إيجابيّ.
سواء أبينا أم كرهنا، فإنّ طفولة أبنائنا تواجه تحديات كبيرة أمام هذه الثورة التكنولوجية، وهي غير مسؤولة حصرا عن ذلك، فالبيت والمدرسة لهما دور كبير في توجيه الأطفال وحمايتهما من هذه الطفرة الإلكترونية، التي لا يمكن أن نتجاهل حضورها اليومي في حياة الطفل، وأساسًا على لغته وتصرفاته، وما دامت هذه هي الحال، فإنّ توظيف التلفزيون وشبكة الإنترنت فيما يخدم مصلحة جيل المستقبل سيكون له أكثر من آثار إيجابية.
إعداد: زينب الجباوي - قناة الإيمان الفضائية