16 تشرين الثاني 20 - 13:33
تعود جذور الصدام المثير للقلق في إثيوبيا بين الحكومة الفدرالية والحزب الحاكم في منطقة تيغراي الشمالية إلى احتجاجات الشارع التي أطاحت بالحكومة السابقة التي كانت تهيمن عليها "جبهة تحرير شعب تيغراي" في عام 2018.
ورغم أنّ التيغراي يشكّلون 6% فقط من سكان إثيوبيا، فقد هيمنوا على مقاليد السياسة الوطنية بالبلاد لما يقرب من ثلاثة عقود وحتى اندلاع الاحتجاجات.
كل ذلك تغير عندما أصبح آبي أحمد رئيساً للوزراء في نيسان/أبريل 2018، وهو أول رئيس حكومة من عرقية "أورومو"، الأكبر في البلاد. وفقد "التيغراي" مناصب وزارية وبعض المناصب العسكرية العليا.
شكت عرقيات "الأورومو" و"الأمهرة"، ثاني أكبر مجموعة عرقية في إثيوبيا، بالإضافة إلى مجموعات أخرى من التهميش في ظل حكم "التحالف" القديم. وخلال الأشهر الأخيرة، اندلعت أعمال عنف عرقية ودعوات لمزيد من الحكم الذاتي في عدة أجزاء من البلاد.
جائزة نوبل للسلام
حاز آبيي جائزة نوبل للسلام في تشرين الأول/أكتوبر 2019 لدوره في إحلال السلام مع إريتريا، وإنهاء حالة الجمود المريرة التي تعود إلى حرب حدودية من 1998 إلى 2000، لكن الأمور كانت أقل هدوءاً على الصعيد الداخلي.
فبعد أسابيع من فوزه بجائزة نوبل، رفضت جبهة "تحرير شعب تيغراي" الانضمام إلى الحزب الحاكم الجديد لآبيي، متذمرة مما اعتبرته تهميشاً واستهدافاً غير عادل عبر "تحقيقات في شأن الفساد".
وعاد قادة "جبهة تحرير شعب تيغراي" إلى منطقتهم، ليتهمهم آبيي بمحاولة زعزعة استقرار البلاد.
خلاف انتخابي
قررت الحكومة المركزية تأجيل الانتخابات التي كان مقرراً إجراؤها في آب/أغسطس 2020 على خلفية فيروس كورونا رغم احتجاجات المعارضة، بدون تحديد موعد جديد.
وقرر إقليم "تيغراي" تحدي سلطات آبيي من خلال المضي في إجراء الانتخابات الخاصة به في 9 أيلول/سبتمبر، وصنفت أديس أبابا حكومة "تيغراي" بأنها "غير قانونية"، بينما لم يعد قادة "تيغراي" بدورهم يعترفون بإدارة آبيي.
وقررت الحكومة تقليص الأموال الفدرالية المخصصة للمنطقة، وهو ما عدّته "جبهة تحرير شعب تيغراي" بمثابة "عمل حرب".
اندلاع القتال
في 4 تشرين الثاني/نوفمبر، أمر آبيي برد عسكري على هجوم "خائن" مميت على معسكرات الجيش الفدرالي في "تيغراي".
ونفت جبهة "تحرير شعب تيغراي" مسؤوليتها، وقالت إن الهجوم المزعوم ذريعة لشنّ "غزو".
بعد ذلك بيومين، ومع اشتداد القتال، أقال آبيي قائد الجيش الذي ينتمي كبار قادته إلى العديد من قبائل الـ"تيغراي".
وفي 9 تشرين الثاني/نوفمبر، شنّت إثيوبيا غارات جوية على "تيغراي"، وقال آبيي إن العملية ستنتهي "قريباً" وإنّ خصومه سيخسرون "لا محالة".
لاجئون و"جرائم حرب"
أدى اشتداد القتال إلى فرار الآلاف إلى السودان المجاور، فيما طالبت الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي بإنهاء القتال. والأحد، ارتفعت أعداد الفارين إلى السودان إلى نحو 25 ألفاً.
في 12 تشرين الثاني/نوفمبر، قالت منظمة العفو الدولية إن العديد من المدنيين قُتلوا في مذبحة يقول شهود إن قوات داعمة لحكومة "تيغراي" نفذّتها. لكنّ جبهة "تحرير شعب تيغراي" نفت تورطها. وفي اليوم التالي، دعت الأمم المتحدة إلى فتح تحقيق في "جرائم الحرب" في المنطقة.
وليل السبت، أطلقت جبهة تحرير شعب تيغراي "صواريخ" على مطارين قيل إن الجيش الإثيوبي يستخدمهما في ولاية أمهرة المجاورة.
هجوم على إريتريا
والسبت هدّدت "جبهة تحرير شعب تيغراي" بشن هجمات صاروخية على أسمرة عاصمة إريتريا المجاورة. واتهمت إريتريا بمساعدة القوات الفدرالية.
وفي وقت لاحق الأحد، تعرّضت المنطقة المحيطة بمطار أسمرة لعدة ضربات صاروخية، ما أثار مخاوف من اندلاع صراع إقليمي واسع. والأحد أيضاً، أقر رئيس إقليم "تيغراي" دبرتسيون غبر ميكائيل، باستهداف المطار.
وقال لوكالة فرانس برس إنّ "القوات الإثيوبية تستخدم كذلك مطار أسمرة" في عمليتها العسكرية ضد منطقته، ما يجعل المطار "هدفاً مشروعاً" وفق تعبيره.