اعتبر السيد علي فضل الله في خطبة الجمعة ان اللبنانيين “لا يزالون يعيشون تحت وقع الصدمة وهول الكارثة التي حلت بهم وتركت تداعياتها على الحجر والبشر وخلفت وراءها آلاما وأحزانا، ولا بد من أن نقدر مجددا المبادرات التي قامت وتقوم بها جمعيات ومؤسسات من مختلف المناطق، لتقديم يد العون والمساعدة وإبداء التعاطف مع من فقدوا أحبتهم وأصيبوا وتضرروا من هذه الكارثة، وبعيدا من الاعتبارات الطائفية والمذهبية والسياسية.. وفي الوقت نفسه لا بد من التقدير للمساعدات التي قدمتها العديد من الدول من خلال المؤتمر الذي عقد أخيرا في باريس برئاسة الرئيس الفرنسي والتي أظهرت الموقع الذي يحتله لبنان في العالم وإن لم يحجب ذلك المصالح السياسية لهذه الدول..
واشار الى ان “الدور الأساس المنتظر يبقى للدولة اللبنانية التي عليها القيام بمسؤوليتها تجاه مواطنيها في إشعارهم باحتضانها لآلامهم وجراحهم وبلسمتها والإسراع بإعمار ما تهدم مما لم يشعر به من عانوا ولا يزالون يعانون من آثار الكارثة، حيث لا يعفيها ما يقوم به المواطنون والخارج عن القيام بمسؤولياتها”.
وتابع “في هذا الوقت ينتظر اللبنانيون بفارغ الصبر نتائج التحقيقات من القضاء اللبناني الذي أخذ على عاتقه مسؤولية جلاء الصورة عما حدث في الرابع من آب ومن تسببوا فيه والذي يريده اللبنانيون أن يكون جديا وشفافا وبعيدا من الاعتبارات والغطاءات السياسية والطائفية التي كانت تجهض أية صورة من صور العدالة. إن على القضاء أن يعيد إلى اللبنانيين الثقة به والمصداقية بأحكامه حتى لا يرتفع بعد ذلك صوت يدعو إلى تحقيق دولي في هذه الكارثة أو أي جريمة قد تحصل، أو إلى الاستعانة بهذه الدولة أو تلك، فالقضاء يمتلك كل الكفاءة والقدرة على تحقيق العدالة ورفع الظلم عن المظلومين إن قرر ذلك ولم يخضع إلا لسيف واحد هو سيف العدالة القاطع. إن اللبنانيين الذين عانوا ويعانون من نتائج هذه الكارثة لن يغفروا لهذا القضاء إن لم يصل إلى نتائج حاسمة تطال كل من قصروا، وتحاسب كل من أجرموا”.
وقال “وإلى تداعيات ما جرى على الصعيد السياسي، حيث كنا ننتظر مع جميع اللبنانيين أن يساهم ما حدث في دفع القوى السياسية بكل عناوينها وأطيافها إلى رص صفوفها والتعاون في ما بينها للملمة جراحها من أجل إنقاذ البلد من هذه الكارثة، ولكن بدلا من ذلك رأينا كيف تغلبت المصالح السياسية الفئوية، وعقلية الثأر وتصفية الحسابات على المصلحة الوطنية وأدت إلى خطاب سياسي وإعلامي وإلى مواقف كادت تفضي إلى فتنة داخلية تتجاوز حدود الغضب المشروع على الفساد والإهمال والحزن الكبير على الضحايا وإلى هدم كل أركان الدولة، والوقوع في فراغ قاتل في ظل عدم توفر البديل، ما يجعل الوطن في مهب العواصف الداخلية والخارجية بما يهدد وجوده ومصيره. ومن هنا، فإننا ندعو كل من هم في المواقع السياسية أو من يتحركون في الشارع والساحات أن يعوا جيدا مخاطر وتداعيات أية خطوة تتخذ في مرحلة هي من أصعب المراحل التي يمر بها هذا البلد وفي ظل كل التجاذبات التي تحصل في داخله وخارجه”.
وتابع “من هنا، إننا وبعد استقالة الحكومة ندعو كل القيادات الفاعلة إلى تجاوز كل الاعتبارات والإسراع بتشكيل حكومة قادرة على قيادة البلد في هذه المرحلة الصعبة، أولويتها تنفيذ الإصلاحات في كل القطاعات الأساسية، وأن تتشكل من عناصر تحمل الكفاءة والنزاهة والمصداقية والهم الإصلاحي حتى لا يكون الإصلاح شعارا بل سلوكا وممارسة”.
وفي مجال آخر، قال: “نستعيد في هذا اليوم النصر الذي حظي به اللبنانيون في عام 2006 عندما وقفوا وساندوا جيشهم ومقاومتهم في مواجهة العدو الذي أراد أن يثأر لهزيمة العام 2000، وأن يحول لبنان إلى منصة لبناء شرق أوسط جديد، ما أوقعه في هزيمة جديدة وسقط معه مشروع الشرق الأوسط الجديد.. وتأكد معها للبنانيين أنهم أقوياء إن توحدت جهودهم وقدراتهم ولم يكد بعضهم للبعض ولم يسمحوا لشياطين الجن والإنس أن يدخلوا بينهم أو أن يتلاعبوا بوطنهم”.
واضاف “نتوقف عند التطبيع الذي يحصل بين دولة الإمارات والكيان الصهيوني، والذي ما كنا نريد له أن يحصل ونراه إضعافا للموقف العربي والإسلامي والفلسطيني وهدية مجانية للكيان الصهيوني وتعزيزا له، في وقت لا يزال هذا العدو يتابع مخططه التهويدي الكامل لفلسطين”.