في مطار شنغهاي الصيني، مجموعة من التجار الأميركيين، يحملون مبالغ مالية ضخمة نقداً، وكما في الأسواق الشعبية، يعرضون على الشركات الصينية المصنعة للأقنعة الواقية، مبالغ مالية مغرية تصل أحياناً إلى ثلاثة أضعاف وربما أربعة أضعاف مقابل شحنات الأقنعة الموضبة والجاهزة للتصدير إلى دول أخرى بأمس الحاجة إليها، كإسبانيا أو إيطاليا وفرنسا.
رئيس منطقة "غراند إيست" الفرنسية جان روتنر، كشف قبل يومين أن الأميركيين حاولوا وضع اليد على شحنة من مليوني قناع كانت قد طلبتها مستشفيات المنطقة، ولا سيما مستشفيات مدينة "ميلوز"، أكثر المدن الفرنسية تأثراً بهذا الوباء، لكن وجود فريق فرنسي شخصياً في أرض المطار لمرافقة هذه الشحنة إلى فرنسا، قطع الطريق على إبرام الصفقة.
وشرح المسؤول الفرنسي تفاصيل المحاولة الأميركية، قائلاً إن فرنسا مثلها مثل أي بلد آخر تعقد اتفاقيات مع الشركات الصينية لشراء الأقنعة، لكن بمجرد وصول هذه الطلبيات من المصنع إلى مدرج المطار الصيني وقبل مغادرتها إلى وجهاتها الأساسية، يتم شراؤها من قبل الأميركيين.
وأكد أن الأميركيين يدفعون ثلاثة أضعاف السعر الحقيقي، ما يجعل الأمر في غاية التعقيد، وأحياناً "علينا أن نقاتل لنحافظ على أقنعتنا وهذا ما حصل فعلاً يوم الثلاثاء الماضي، عندما استطعنا استعادة الشحنة التي وصلت ليل الأربعاء إلى مطار بازل – مولوز و"كنت سعيداً جداً برؤية وصول هذه الشحنة".
هذه النهاية السعيدة، لم تحض بها مستشفيات منطقة "باكا" (كوت دازور) جنوب فرنسا، رئيس هذه المنطقة رينو موسيليه كشف أن شحنة من خمسة ملايين قناع طلبتها مستشفيات هذه المنطقة من الصين، وكان من المفترض أن تصل مطلع الأسبوع الجاري، لكن تم تحويلها إلى الولايات المتحدة في اللحظات الأخيرة، ونقلت الصحف الفرنسية عنه قوله إن الأميركيين اشتروا الطلبية نقداً، وذهبت الطائرة التي كانت ستأتي إلى فرنسا مباشرة إلى الولايات المتحدة.
كما نقلت الصحف الفرنسية خلال الأيام الماضية أن عدداً آخر من المناطق الفرنسية التي تطلب الأقنعة مباشرة من الصين، وقعت بدورها ضحية المزايدات الأميركية، فالأميركيون مستعدون لفعل أي شيء للحصول على الأقنعة، "فهم يشترونها أينما وجدوا وبغض النظر عن الثمن ويدفعون قبل حتى أن يروا البضاعة"، بحسب روايات المسؤولين الفرنسيين المحليين.
جدير بالذكر أن جسراً جوياً بدأ قبل أيام بنقل شحنات من مليار قناع صيني إلى فرنسا التي تعاني نقصاً حاداً بمعدات الحماية اللازمة للفرق الطبية، والتي تعتمد بالأساس على شرائها من الخارج ولا سيما من الصين ودول آسيوية أخرى، وقد بدأت بعض المصانع الفرنسية قبل أسابيع فقط بإنتاج الأقنعة لكن بأعداد غير كافية لاستهلاك المستشفيات الفرنسية.
وخلال زيارته أحد المصانع، أمس الأربعاء، وعد الرئيس الفرنسي إمانويل ماكرون بوصول البلاد إلى الاستقلال التام في عملية إنتاج الأقنعة مع نهاية العام الجاري.
ملنشون: قرصنة أميركية
وفي مداخلة تلفزيونية له، انتقد رئيس حزب "فرنسا غير الخاضعة" جان لوك ميلونشون، إدارة الرئيس الفرنسي إمانويل ماكرون لعدم اتخاذه أي موقف اتجاه "القرصنة الأميركية"، كما انتقده بسبب إدارته للأزمة، خصوصاً ضعف النظام الصحي في مواجهة انتشار الوباء.
وتساءل كيف يمكن لدولة كفرنسا أن تعاني نقصاً في المعدات الطبية وأن لا يكون لديها مصانعها الخاصة لصناعة الأقنعة ومعدات الحماية؟ وطالب الدولة بإجبار مصانع الألبسة وتحويلها لإنتاج الأقنعة فوراً