أبرم حزب "الشعب" المحافظ النمساوي بزعامة اليميني المتطرف، سيباستيان كورتز، وحزب الخضر اتفاقا لتشكيل حكومة ائتلافية، في خطوة غير مسبوقة ستتيح للسياسي المثير للجدل أن يعود لتولّي منصب المستشار، بعد أن حكم البلاد حتى أيار/مايو مع اليمين المتطرّف.
وقال كورتز الذي ينتهج سياسة متشدّدة حيال الهجرة، أمس الأربعاء، "لقد نجحنا في الجمع بين الأفضل في العالمين... من الممكن حماية المناخ والحدود" في آن معاً. وأضاف خلال مؤتمر صحافي عقده في فيينا مع فيرنر كوغلر، زعيم حزب الخضر "داي غرونين"، الذي سيدخل الحكومة للمرة الأولى، أنّ "المفاوضات لم تكن سهلة لأنّ الطرفين لديهما اتّجاهات مختلفة جدّاً"
من جهته قال كوغلر (58 عاماً) الذي سيصبح نائباً للمستشار في الحكومة الجديدة، إنّ "المهمّة لم تكن سهلة"، مبديا سروره لنجاح الحزبين في "بناء الجسور" من أجل "مستقبل النمسا". وأضاف أنّ الحزبين تعهّدا تحقيق المزيد من "العدالة الاجتماعية" واتخاذ تدابير لمكافحة الاحتباس الحراري. وقال زعيم الخضر إنه "توصّلنا إلى اتفاق حول حماية المناخ أوسع نطاقاً مما كنّا نظنّ".
وسيتم اليوم الكشف عن البرنامج الحكومي الذي اتّفق الحزبان على تنفيذه. وجرت المفاوضات بين الحزبين منذ نحو ثلاثة أشهر، وقد انطلقت إثر الانتخابات التشريعية التي أُجريت في 29 أيلول/ سبتمبر، وفاز فيها كورتز و"حزب الشعب" اليميني الذي ينتمي إليه.
وبهذا الاتفاق ستختبر النمسا للمرة الأولى تحالفا بين حزب "الشعب"، وهو حزب نافذ جدا في السياسة النمساوية، وحزب الخضر الذي سجّل إنجازًا في الانتخابات الأخيرة، لكنّه لم يشارك يوما في حكومة فدرالية.
وكان الائتلاف الذي شكّله كورتز مع القوميين في حزب الحرية النمساوي، انهار في أيار/ مايو بعد تسريب معلومات عن نائبه زعيم حزب الحرية، عرفت باسم "فضيحة إيبيزا" أو "ايبيزا غيت". ويظهر مقطع فيديو محادثات في جزيرة إيبيزا الاسبانية، بين زعيم حزب الحرية السابق، هاينز كريستيان شتراخه، وامرأة قدمت نفسها على أنها ابنة شقيق رجل أعمال روسي قريب من السلطة. وكان شتراخه يشرح لها خلال اللقاء عن طريقة سرية لتمويل حزبه.
ولم يتمكن التحالف بين كورتز وشتراخه الذي شكّل في خريف عام 2017 بغية تنفيذ سياسة مناهضة للهجرة، من الصمود أمام هذه القنبلة الإعلامية. وأجبر شتراخه على الاستقالة، كما كل وزراء حزب الحرية. وتقود حكومة انتقالية النمسا منذ أيار/مايو.
وفي ما يخصّ الائتلاف الحكومي، كتبت صحيفة "تورولر زيتونغ" المحلية أن الحزبين يأخذان "رهانا محفوفا بالمخاطر"، نظرًا إلى "مقاربتهما السياسية المختلفة في الأساس".
وسبق أن شدد كورتز على رغبته في "مواصلة تخفيض الضرائب" و"مكافحة الهجرة غير القانونية". وسيهيمن اليمين بشكل كبير على الحكومة الجديدة التي سيحظى حزب الخصر فيها بأربع حقائب وزارية.