أعلنت اللجنة الوزارية لشؤون الإسكان (كابينيت الإسكان) في حكومة الإحتلال الإسرائيلي أنها صادقت بشكل نهائي، يوم الاثنين الماضي، على إقامة أربع بلدات استيطانية يهودية جديدة، وأخفت مصادقتها على إقامة بلدة استيطانية خامسة مخصصة للأثرياء، تم الكشف عنها اليوم، الخميس. وألمح وزير البناء والإسكان الصهيوني يوءاف غالانت، إلى أن القرار يأتي بموجب بند تشجيع الاستيطان اليهودي في "قانون القومية" العنصري، الذي سنّه الكنيست في 18 تموز/ يوليو الفائت.
والبلدات الاستيطانية الأربع التي أعلن كابينيت الإسكان عن إقامتها هي "دانييل" و"عير أفوت" و"نيتسانيت"، في النقب، و"شيبولت" بالقرب من قرية طرعان في الجليل الأسفل. وكشفت صحيفة "ذي ماركر"، اليوم، عن أن "كابينيت الإسكان" صادق في الجلسة نفسها على إقامة البلدة الاستيطانية "نافيه تماريم" في النقب أيضا، وأن هذه بلدة مخصصة للأثرياء.
وجاء في بيان صادر عن "كابينيت الإسكان" إنه صادق على توصيات "المجلس القطري لإقامة بلدات جديدة. وهذه خطوة هامة من أجل توسيع الاستيطان في النقب والجليل، وتشكل تعزيزا هاما لهاتين المنطقتين". وفي المقابل، فإن إسرائيل تعمل من أجل طرد المواطنين العرب في القرى مسلوبة الاعتراف في النقب عن قراهم وأراضيهم وزجهم في بلدات عربية قائمة، ومحاصرة القرى العربية في الجليل من أجل السيطرة على أراضيهم وسلبها.
وقال غالانت إنه "أرحب بمصادقة كابينيت الإسكان على إقامة بلدات جديدة في النقب، وهذه خطوة هامة أخرى في الخطة الإستراتيجية التي نقودها كجزء من تطبيق حلم (رئيس حكومة إسرائيل الأول دافيد) بن غوريون، وهو حلم الاستيطان اليهودي في النقب. وهذا جزء من خطة ’سهم للجنوب’ لإقامة بلدات وتعزيز الاستيطان اليهودي في النقب".
وكرر البيان الزعم الإسرائيلي المتكرر، في إطار مخططات تهويد الجليل والنقب، بأن "إقامة البلدات الجديدة في النقب ستحرك سكانا من وسط البلاد إلى جنوبها، وستعزز اقتصاد النقب وأمن السكان في المنطقة كلها. وبهدف تعزيز البلدات القائمة، وقعنا في السنوات الثلاث الأخيرة على اتفاقيات مع بلديات بئر السبع وسديروت وديمونا ونتيفوت وأوفاقيم. كذلك فإننا نعيد دفع مشاريع ترميم أحياء ونقود مشاريع تجديد المدن".
4 بلدات استيطانية جديدة في النقب
تقع البلدة الاستيطانية "عير أفوت" ضمن المجلس الإقليمي عرباه الوسطى. وبحسب التخطيط ، فإنها ستحتوي على حوالي 500 وحدة سكنية، سيبنى منها 250 وحدة في المرحلة الأولى. والثانية، "دانييل"، ستقام في شمال غرب النقب. ومن المقرر أن تحتوي هذه البلدة الاستيطانية على ما بين 400 إلى 500 وحدة سكنية.
والبلدة الاستيطانية الثالثة هي "نيتسانيت"، ويأتي القرار بشأنها في سياق قرار الحكومة الإسرائيلية بإقامة بلدات استيطانية يهودية جديدة في النقب، في إطار مخطط تهويد النقب. وستقام بالقرب من "قرية الشبيبة نيتسانا"، وتوسيعها كمستوطنة.
وكشفت صحيفة "ذي ماركر"، اليوم، عن أن "كابينيت الإسكان" صادق أيضا على إقامة بلدة استيطانية رابعة في النقب، هي "نافيه تماريم". ويتوقع أن يبنى فيها قرابة 2070 وحدة سكنية، وستكون مخصصة للأثرياء، كما أن تكلفة إقامتها ستكون مرتفعة جدا، وتصل إلى 434 مليون شيكل، علما أنها ستقام بمبادرات خاصة تشارك فيها شركات بناء وشركات تشتري أراض من الدولة وتعمل على تغيير تصنيفها إلى أراض للبناء.
ووفقا للتخطيط، فإنه ستسوق في هذه البلدة الاستيطانية قسائم بناء كبيرة نسبيا، تصل مساحة الواحدة إلى ما بين 450 – 750 مترا مربعا، وقسم آخر إلى ما بين 800 – 1200 متر مربع. وستشمل مساحات خضراء وملاعب غولف، وسيسمح ببناء بركة سباحة خاصة إلى جانب كل بيت. وكان وزير المالية الإسرائيلي، موشيه كحلون، قد عارض مشروع هذه البلدة الاستيطانية، لكنه عاد ووافق عليه لاحقا بعد ضغوط من جانب وزراء حزب "البيت اليهودي". وستبلغ مساحتها 1650 دونما. وكانت الحكومة الإسرائيلية قد صادقت على المخطط لأول مرة في العام 1999، وفي العام 2001 صادق عليه المجلس القطري للتخطيط والبناء.
الجليل: خنق البلدات العربية
بحسب قرار "كابينيت الإسكان"، ستقام بلدة استيطانية يهودية جديدة، "شيبولت" في قمة جبل طرعان، وبالقرب من البلدة الاستيطانية "بيت ريمون". وجاء في بيان كابينيت الإسكان أن إقامة هذه البلدة "تشكل إضافة وتعزيز هام للاستيطان القروي في المجلس الإقليمي الجليل الأسفل، سواء من حيث النسيج الاجتماعي والجماهيري أو من حيث تنويع الخدمات للجمهور في المنطقة". وستقام في البلدة 350 وحدة سكنية، بينها 80 وحدة سكنية مخصصة لذوي احتياجات خاصة.
وكانت الحكومة برئاسة ايهود باراك قد صادقت على مخطط هذه البلدة الاستيطانية في العام 2000، وتم إيداعها للتخطيط منذ العام 2011، وعندها تم وضع عدة كرافانات في الموقع وهو ليس الموقع الذي أقرته الحكومة، وذلك خلافا لموقف هيئة حماية الطبيعة، التي قالت إن الاستيطان في هذا المكان هو عملية قرصنة وطالبت بإخلائه.
وستقيم هذه البلدة "دائرة الاستيطان"، التي تعمل على إقامة وتوسيع مستوطنات في الضفة الغربية. وقال وزير الزراعة الإسرائيلي المسؤول عن "دائرة الاستيطان"، أوري أريئيل، حول إقامة "شيبولت" إنه "نحقق حلم الصهيونية للعام 2018! وهو إقامة البلدة الجديدة شيبولت، فهي ليست بلدة وحسب وإنما هي بناء مجتمع كامل، إنها تبني إيمانا. وهذا هو استمراريتنا كشعب يهودي في أرضه منذ 70 عاما فقط بعد 2000 عام في الشتات. وبفضل العمل الحثيث لدائرة الاستيطان وبالتعاون مع وزارة البناء والإسكان نطور البلاد المباركة. عسانا نفتتح مدنا وبلدات كثيرة هنا، في أرض إسرائيل".
في المقابل، قدم المركز العربي للتخطيط البديل بالتعاون مع مجلس طرعان المحلي وجمعية حماية الطبيعة اعتراضا على محاولة نقل مخطط مستوطنة "شيبولت" إلى موقع آخر، خلافًا لقرار المجلس القطري للتخطيط والبناء الصادر بتاريخ 7.7.2015، الذي ينص على إقامتها قرب "بيت ريمون". وطالبت الجهات الثلاث بعدم نقل موقع المستوطنة وإقامتها بالقرب من "بيت ريمون".
واستمرت مواجهة إقامة مستوطنة "شيبولت" شمالي طرعان، قرابة عقد من الزمن، بلغت ذروتها في العام 2015، حين نجح مجلس طرعان المحلي، بمرافقة المركز العربي للتخطيط البديل وجمعية حماية الطبيعة، بإقناع المجلس القُطري للتخطيط والبناء برفض الاقتراح المقدم من قبل دائرة الاستيطان لإقامة المستوطنة بمحاذاة طرعان. وحينها أقرّ المجلس القطري للتخطط والبناء نقل موقع المخطط وإبعاده عن طرعان، ليشكل جزءًا من مستوطنة "بيت ريمون" الواقعة في الطرف الغربي من جبل طرعان.
وقال رئيس مجلس طرعان المحلي، عماد دحلة، إن "يقظة المجلس المحلي والتنبه للأخطار المحدقة بنا، توجب منا العمل المتواصل من اجل مستقبل طرعان، والحفاظ على أراضيها التاريخية. والنجاح الذي حققناه في العام 2015 بنقل شيبولت الى محاذاة بيت ريمون لم يكن بالأمر الهين، وتطلب منا جهودًا كبيرة، ومن واجبنا ومسؤوليتنا متابعة هذا الأمر وعدم التفريط بما حققناه".
من جانبه، أوضح رئيس المركز العربي للتخطيط البديل، د. حنا سويد، أنّ الاستحقاقات والتبعات المباشرة لـ"قانون القومية" العنصري ستتجلى في مجالات التخطيط والبناء والأراضي والاستيطان ومناطق النفوذ ومسطحات البناء، منبهًا الطواقم المهنية والهيئات الشعبية ورؤساء السلطات المحلية من استنهاض مخططات قديمة ومستحدثة تستهدف الوجود العربي في البلاد. وقال سويد إنه "لا نستهجن أن يتم في هذه الاجواء رفع وتيرة الترويج بصلافة وعنصرية لمخططات التهويد وسلخ الأراضي وإعادة إحياء مشاريع استيطانية مكدسة على الرفوف، وتشديد سياسات تضييق وخنق البلدات العربية".