تواصل السّلطات الصّهيونية مخطَّطاتها لتجنيد الشباب العرب في البلاد عموماً، وفي منطقة النقب بالجنوب خصوصاً، في صفوف الجيش الصهيوني.
وفي إطار الترويج لذلك، أعلنت وزارة الأمن الصهيونية، الأسبوع الماضي، عن مخطَّط "سنة تحضيرية للانضمام للجيش" بهدف زيادة أعداد المجندين العرب من المجتمع البدوي، بحسب تعريفها. وخلال عرضها للحملة الجديدة للتجنيد في "المجتمع البدوي"، نشرت الوزارة إحصائيات أشارت فيها إلى ارتفاع جدّي في عدد المجندين البدو في الجيش الصهيوني. ووفقاً لهذه المعطيات، انضم 467 مجنداً جديداً في العام 2018 إلى الجيش الصهيوني من المجتمع البدوي مقارنة بـ312 مجنداً فقط في العام 2014.
وصرح رئيس وحدة البدو في القسم السياسي الاجتماعي لوزارة الأمن الصهيونية، فيني غانون، أنَّ الجيش الصهيوني "يتلقّى سنوياً بين 450-500 طلباً من راغبين بالانضمام للجيش من المجتمع البدوي في البلاد، وأن الهدف الحالي للوزارة هو مضاعفة هذه الأرقام، وهو هدف تم تحقيقه في المجتمع البدوي بالنقب، ولم يتحقق بعد في المجتمع البدوي في الشمال".
وتتواصل المعارضة والرفض بشدة للخدمة العسكرية في الجيش الصهيوني، وتستمر مناهضة مشاريع الأسرلة التي تسعى لتشويه هوية الشباب في المجتمع العربي.
وفي هذا السياق، قال النائب عن القائمة المشتركة، سعيد الخرومي، لـ"عرب 48"، إنَّ "مؤسَّسات التجنيد تحاول تثبيت إشاعة التجنيد في النقب بكل ثمن وخلق حالة "النقب الإسرائيلي" من دون علاقة حقيقية للإشاعة بالواقع في النقب. عرب النقب مجموعة ملاحقة تعاني من التمييز وسلب الحقوق وسياسات التهجير وهدم البيوت، وتواجه في السنوات الأخيرة أعتى الحملات القمعية الهادفة لإنهاء حضورها على أراضيها التاريخية. والهم اليومي للعرب في النقب هو الصمود والبقاء، وليس الخدمة العسكرية في الجيش الإسرائيلي".
وأضاف الخرومي: "بالنسبة إلينا في النقب، فإنَّ التجنيد مسألة منسيّة وقد تخطَّيناها، والانضمام إلى الجيش الإسرائيليّ هو عمل فردي ينسب إلى فاعله فقط. إحصائيات وزارة الأمن الصهيونية لا تعبر عنّا ولا تمت لنا بصلة، ومهما كانت الموارد والمشاريع الموضوعة لتجنيد شباب النقب، فإن الوعي الوطني وواقع الملاحقة اليومي للعرب في النقب لا يسمح لنا بالانخراط في هذه المؤسسات".
وفي سياق ذي صلة، أشارت إحصائية وحيدة بشكل واضح إلى عدد المجندين من عرب النقب في الجيش الصهيوني ضمن تقرير مراقب الدولة الصهيوني في أواخر العام 2016 إلى "انخفاض كبير في عدد المجندين العرب من النقب خلال السنوات الماضية"، بينها تصريح وزارة الأمن ذاتها بشأن انخفاض عدد المجندين الجُدد بين الأعوام 2014 و2015 بنسبة %40.
ووفقاً للتقرير المذكور، تراوحت نسبة المتطوعين في الخدمة العسكرية الصهيونية من عرب النقب بين 6 و7%، وبلغ عدد المنتسبين للخدمة العسكرية من بدو النقب في العام 2013 نحو 130 فرداً، وفي العام 2015 انخفضت إلى 89 فرداً، فيما وصلت في العام 2016 إلى 110 أفراد، وذلك رغم محاولات وزارة الأمن المتمثلة في مخططاتها وإغراءاتها المختلفة لتجنيد الشباب العرب البدو من النقب للخدمة في صفوف الجيش الصهيوني .
والملاحظ أنه بعد صدور تقرير مراقب الدولة للعام 2016 والإعلان عن فشل السلطات في أحد أهدافها القومية، حسب تعريفها، وهو "تجنيد الجيل الشاب في النقب للخدمة العسكرية"، تغيَّرت طريقة عرض الإحصائيات للمجندين من التخصص في عرب النقب في التقرير إلى ضم المجندين من عرب النقب في الجيش الصهيوني إلى مصطلح "الطائفة البدوية "أو "المجتمع البدوي"، ومن ضمنهم العرب من الأصول البدوية، شمالي البلاد وعرب النقب، ما رآه العديد من أهالي النقب إمعاناً بالحرب النفسية بهدف صنع حالة تجنيد في النقب.
وقال عضو المكتب السياسي في التجمع الوطني الديمقراطي والنائب السابق، جمعة الزبارقة، لـ"عرب 48"، إن "الانضمام للجيش الإسرائيلي والخدمة في صفوفه أمر مرفوض ونقاش مستهلك. الموقف الوطني في جميع أنحاء الداخل الفلسطيني هو الرافض والمقاطع للمؤسسة العسكرية الصهيونية، ومحاولات وزارة الأمن المستمرة لفرض التجنيد وصناعة وعي إسرائيلي لدى العرب في النقب لم تجد سابقًا ولن تفيدهم اليوم".
وأكَّد الزبارقة أنَّ "تعامل مؤسسات التجنيد مع عرب النقب وقح. الجيش الصهيوني يقوم بالتدريب في القرى البدوية في النقب ويترك مخلفاته فيها، ويقتل ويقصف أهلنا في غزة، ومع ذلك يستمر في محاولاته تجنيد أبنائنا".
ومن التفاصيل التي نشرت عن برنامج الدورة الجديدة الهادفة لتجنيد عرب النقب في الجيش تبيَّن أنَّها تستهدف شباب النقب الذين أنهوا تعليمهم الثانوي والقابلين للانخراط في المجتمع الصهيوني.
وقال الناشط السياسي، بشير الزيادنة، من مدينة رهط لـ"عرب 48"، إن "الأوهام والوعود التي تحاول المؤسسة بيعها لشباب النقب من أجل الانضمام للجيش الصهيوني كثيرة، وهي تستهدف من تعتقد أنَّ لديهم القابلية للانضمام للجيش بسبب انعدام وجود مستقبل آخر أمامهم وخلفيتهم الاجتماعية صعبة وأنهم من واقع فقير، وترى أنهم قد يقعون في فخ التجنيد سعيًا لمستقبل أفضل يعدهم به متعاقدو التجنيد، وهو أمر خاطئ، وقد ثبت كذب المؤسسة فيه".
وأكد الزيادنة أن "الأفراد الذين يخدمون في الجيش الصهيوني يحركهم في معظم الحالات الفقر ونقص الأطر والبرامج العاملة على تحسين واقع حياتهم، إلى جانب انعدام المؤسسات الجماهيرية العاملة للحفاظ على الوعي الفلسطيني وتحسين الحياة للعرب في النقب، ما يعطي مؤسَّسات التجنيد مساحة للعمل والاستفراد بالشباب العربي بالنقب".