يقترب المعلّمون الأردنيّون من نهاية الأسبوع الثّاني لإضرابهم، دون تطوّرات في خلافهم مع الحكومة الرّافضة لمطالبتهم بزيادة تبلغ 50 بالمئة من الراتب الأساسي، وهو ما دفع نقابة المعلّمين، التي تعتبر من أكبر النقابات في الأردن، للدّعوة إلى الإضراب المفتوح، الذي تخوضه حاليًّا.
وبرر مجلس الوزراء رفضه، بالكلفة غير المسبوقة للزيادة على المالية العامة، والّتي تصل 150 مليون دولار سنويا وسط عجز في موازنتها. واشترطت الحكومة لقبول الحوار مع نقابة المعلمين، أن يتم التنازل عن العلاوة المطلوبة والقبول بالمسار المهني للمعلمين، الذي ربطته الحكومة بمنح العلاوة.
وأمس الأربعاء، فشلت جولة أخرى من المباحثات بين الحكومة والنقابة، في اجتماع استمر حتى ساعة متأخرة، على أن تستأنف المباحثات خلال وقت لاحق اليوم، ووصف رئيس الوزراء عمر الرزّاز، الذي انضم للحوار أمس، الاجتماع، بأنه مهم وإيجابي.
من جهته، قال وزير التربية والتعليم وليد المعاني، إن "الاجتماع كان ودّيًّا"، وتم التوافق على عقد لقاء جديد الخميس، لمواصلة الحوار، وفق ما نقلته الوكالة الرسمية "بترا".
وتصرّ الحكومة على رفض أيّة زيادة لكافة المعلمين وهو الذي تطالب به النقابة، واقترحت تقييم أداء المعلمين مسبقا، وتحدد على إثره مستحقي الزيادة، وقال الخبير الاقتصادي حسام عايش، إن الحكومة تأخذ بعين الاعتبار مخاوف أن يفتح رضوخها لهذه المطالب، مجالات لاحقة لمطالبات قد لا تنتهي من نقابات ومهن أخرى.
وبيّن الخبير الاقتصادي أنّ هذه الأزمة ليست طارئة بل هي موضع حديث منذ سنوات، عبر حكومات متعاقبة، إذ اتّفقت تلك الحكومات على أن تترافق الزيادة، مع شروط بتحسين الأداء، بحسب عايش، الّذي قال إنّه "يجب عدم النظر إلى النفقة النقدية على زيادات المعلمين على أنها تكلفة مالية، بل يجب في هذا الخصوص الأخذ بعين الاعتبار العائد الاجتماعي للإنفاق على المعلمين، على أنه استثمار في التعليم والمجتمع عموما".
ورأى عايش أنه يمكن إيجاد مخارج لهذه الأزمة، "إما من خلال تخصيص جزء من المنح والمساعدات لهذا البند، أو توفيره من خلال ضبط أكبر للنفقات في الموازنة". مبيّنًا أنّ "هذه الحلول يمكن أن تكون على عدة مراحل، تبدأ من إعطاء المعلمين مطالبهم بداية ثم ربطها مستقبلا بالأداء"، بحسب الخبير الاقتصادي.
وقال منتدى الاستراتيجيات الأردني، في دراسة أصدرها مؤخرا، إن تكلفة الرواتب والأجور والعلاوات للمعلمين بلغت في 2017 نحو 737.9 مليون دينار (1.04 مليار دولار)، شكلت 85 بالمئة من إجمالي إنفاق الوزارة، البالغة 874.3 مليون دينار (1.2 مليار دولار).
وذكر المنتدى أن العلاوة التي يطالب بها المعلمون على رواتبهم، 50 بالمئة على الراتب الأساسي، من المحتمل أن تكلف الحكومة نفقات إضافية سنوية قد تتراوح بين 120 إلى 140 مليون دينار (169.2 - 197.4 مليون دولار).
في المقابل قال الناطق الإعلامي باسم نقابة المعلمين، نور الدين نديم، إن "الحكومة ما تزال تتعامل مع مطالبهم بندّيّة، الأمر الذي انعكس على العلاقة بين الطرفين، وأدى إلى تصاعد الأزمة"، واعتبر أن الأزمة الحالية هي أزمة ثقة أكثر منها اختلاف على وجهات النظر، أدت إليها الأوضاع المادية التي وصل إليها المواطنون ومنهم المعلمون، نتيجة تآكل الدخول وارتفاع مستويات التضخم.
ورأى نديم أن حوارات الحكومة مع الفئات المهنية، تغلب عليها المصلحة، أي أنها (أي الحكومة)، توجه هذه الحوارات لما يحقق مصلحتها.
بالمقابل، رأى أستاذ علم الاجتماع، موسى اشتيوي، أنه بغض النظر عن الجهة صاحبة الحق في هذا الخلاف، فإن الطرف الأهم الأكثر تضررا وهم الطلاب، الذين حرموا من تلقي الدروس والذهاب إلى المدارس، الأمر الذي ينتج عنه سلوكيات سلبية. والأمر كذلك، بالنسبة للأهل خصوصا العاملين منهم، نتيجة تغيير نمط الحياة وإرباك الأسرة بأكملها بسبب عدم الدوام أو تواجد مكان لإبقاء الأبناء فيه، وغياب الرقابة عنهم خلال فترة دوام أولياء أمورهم.
وبحسب إحصاءات رسمية فإن عدد طلبة المدارس الحكومية بلغ نحو 1.5 مليون طالب وطالبة، فيما يصل عدد المعلمين حوالي 80 ألفا وعدد المدارس الحكومية 3870.