في ظلِّ السيناريوهات التي تناولت احتمالات اندلاع مواجهة عسكرية على الجبهة الشمالية، والتحذير من تهديد حزب الله بقصف المنشآت الكيماوية ومصافي البترول ومصانع الكيماويات في حيفا، يوصي الاحتلال الصهيوني بإقامة وبناء منصة للغاز في البحر على بعد حوالى 10 كيلومترات من الساحل في حيفا، على نحو مشابه للتوصيات ببناء منصة للغاز على مسافة مماثلة من شاطئ الطنطورة.
وعزا الجيش توصياته هذه إلى اعتبارات أمنية، وذلك بداعي المخاوف من محاولات "تنظيمات إرهابية، على رأسها حزب الله، ضرب منصات الغاز وقصفها".
في المقابل، أبدت وزارة الطاقة والبنية التحتية تحفّظات على هذه التوصيات، ومن المرجّح أن لا يتم تبنّيها، باعتبار أنَّ الحديث ليس عن موقع ذي أهمية استراتيجية.
وكانت المباحثات، بحسب صحيفة "هآرتس"، بشأن إقامة منصات للغاز والطاقة قبالة شواطئ البلاد قد بدأت قبل عدة سنوات حول حقل الغاز الأكبر "لفياتان". ووفقاً للخطة الأصلية، كان استخراج الغاز سيتم بواسطة سفينة كبيرة بالقرب من الحقل الذي يبعد 120 كيلومتراً عن الشاطئ، إلا أنَّ أجهزة الأمن وسلاح البحرية عارضوا ذلك، باعتبار أن الحديث عن موقع استراتيجي يتطلَّب حماية واسعة النطاق.
وأوضحوا أنه على الأقل حتى وصول سفن البحرية التي تم شراؤها من ألمانيا، والتي بنيت في أحواض بناء السفن هناك، فإنَّ من الخطورة ترك البنية التحتية مكشوفة نسبياً بمكان بعيد عن الشاطئ.
ووفقاً لقرار وزارة الطاقة، سيتم بناء منصة للغاز تابعة لحقل "لفياتان" على بعد 10 كيلومترات من شاطئ الطنطورة، حيث تثير هذه الخطورة وقرار المشروع احتجاجات واسعة النطاق من قبل سكان المنطقة، محذرة من احتمال وقوع كارثة جماعية إذا تضرَّرت المنصة نتيجة قصف وهجوم مسلح أو حادث، إلى جانب احتمال إلحاق الضرر بالبيئة والطبيعة.
يُشار إلى أنه تمّ بناء المنصَّة في تكساس، ومن المتوقّع أن تصل إلى البلاد في غضون ستة أشهر. وكان موقع صحيفة "يديعوت أحرونوت" قد نشر، الأسبوع الماضي، توصيات سلاح البحرية بخصوص حقل "لفياتان"، الذي نوقش وعرض على ما يبدو منذ عامين، حيث خلصت التوصيات إلى أنَّ بناء منصّة للغاز بالقرب من الشاطئ سيوفر حماية أفضل له بواسطة منظومات الدفاعات الجوية (القبة الحديدية).
ولفت التقرير إلى أنَّ توصيات الجيش كانت تتضمَّن إقامة منصّة الغاز على بعد 15 ميلاً بحرياً (نحو 28 كيلومتراً)، إلا أنَّ وزارة الطاقة هي التي قررت أن تكون على بعد 10 كيلومترات، وذلك لاعتبارات تتصل بعمق قعر البحر.
من جهته، أعلن وزير الأمن السابق موشيه يعالون، أنّه خلافاً لتقارير نشرت بوسائل الإعلام الصهيونية، لم تتم المصادقة على قرار تقريب حقول الغاز من الشاطئ خلال فترة ولايته بين الأعوام 2013-2016، قائلاً إنه "رأى ميزة أمنية في بناء المنصّة بعيداً عن الشاطئ".
وفي مقابلة مع "إذاعة الجيش"، قال يعالون إنَّه طلب من مراقب الدّولة يوسف شابيرا فحص آليات اتخاذ القرار بهذا الشأن. وأرسل الرئيس السابق لمجلس الأمن القومي، عوزي أراد، رسالة إلى شابيرا، قال فيها إنَّ من المعلومات الواردة هناك اشتباه في "سلوك خطير وسيئ" في اتخاذ القرار بشأن موقع منشآت الغاز.
لكن يتَّضح الآن أنَّ الجيش عاد على توصياته الأولى بتقريب وإحضار السفن ومنصات الغاز إلى الشاطئ حتى في حالة حقل "كريش" الذي يقع بالقرب من الحدود اللبنانية. وبحسب التوصيات التي حوّلت لوزارة الطاقة، فإن بالإمكان تقريب حقل "كريش" الصغير نسبياً الذي لا تصل مساحته 10% من مساحة حقل الغاز "لفياتان".
يُشار إلى أنَّ حقل "كريش" يقع على بعد حوالى 100 كيلومتر عن الشاطئ في شمال البلاد. ومن المتوقّع أن يبدأ إنتاج الغاز في غضون ثلاث إلى أربع سنوات. وفي هذه الحالة أيضاً، طرحت قضية مكان منصة الغاز القريبة من الشاطئ بالشمال، وقررت وزارة الطاقة أنه لا يوجد سبب يمنع بناء المنصة بجوار حقل الغاز بعمق البحر، بادعاء أنَّ الحديث ليس عن مخزون استراتيجيّ.
وفي الآونة الأخيرة، أبدى الجيش تحفّظه على توصيات وزارة الطاقة، وأوصى بضرورة إقامة المنصّة بالقرب من الشاطئ في شمال البلاد. وأدرج موقف الجيش وتوصياته في رسالة موقّعة من نائب رئيس أركان الجيش، أفيف كوخافي، حيث تمَّ إرسالها قبل شهر تقريباً إلى وزير الطاقة يوفال شطاينيتس، وقد صدرت الرسالة بموافقة وزارة الأمن.