هل تمكَّنت الاستخبارات العسكريَّة الصّهيونيّة فعلاً من تجنيد مسؤول عربّي كبير يزوّدها منذ 5 سنوات بمعلومات استخبارية مهمّة جداً؟ هل يعقل أن يتمّ تجنيد هذا المسؤول من دون أن يدرك ذلك؟ ما الَّذي يدفع الاستخبارات الصهيونية إلى الكشف عن ذلك؟ هل يمكن أن يكون النشر لأهداف استخباراتيَّة؟
أسئلة تبقى من دون أجوبة، نظراً إلى طبيعة النشاط الاستخباراتيّ المتشعّب والمركب، والتي تتداعى بمناسبة نشر تقرير يتحدث عن تجنيد مسؤول كبير جداً في إحدى الدول العربية، تطلق عليه الاستخبارات الصهيونية لقب "طوربيدو".
ويدَّعي التقرير أنَّ "طوربيدو" يقوم منذ 5 سنوات بنقل معلومات سريَّة ذات قيمة كبيرة جداً للكيان الصهيوني، من دون أن يدرك ذلك، معتقداً أنه يعمل لصالح هيئة مدنيّة.
وبحسب مراسل صحيفة "يديعوت أحرونوت" للشؤون العسكريّة والأمنيّة يوسي يهوشوع، والمراسل رؤوفين فايس، فإنَّه بمبادرة من الوحدة "504" السرية في الاستخبارات العسكرية في الجيش الصهيوني، وبمصادقة الرقابة العسكرية، تنشر الصحيفة قصَّة تجنيد هذا المسؤول وتفعيله للمرة الأولى.
وتفيد مقتطفات من تقرير نشرته الصحيفة، أمس الخميس، قبيل نشره بالكامل في ملاحقها الجمعة، أنَّ "ملف طوربيدو هو ملفّ فعال"، وأنَّ المسؤول العربيّ الكبير لا يزال يعتبر مصدراً للمعلومات.
وتكشف الوحدة "504" للمرة الأولى عن عملية تجنيد المسؤول المشار إليه، وتعرض ذلك مرحلة تلو الأخرى، وتتحدَّث عن كيفية نجاحها في تضليله، ودفعه إلى الكشف عن أسرار أمنيّة حسّاسة جداً في دولته.
ويقول اللفتنانت كولونيل (موازية لرتبة مقدم) "ع" الذي يعمل ضابطاً في "الوحدة 504"، ومسؤولان عن "ملف طوربيدو"، إنَّ الوحدة تستهدف دائماً مصادر ذات قيمة استخبارية عالية جداً، وفي مناصب مهمَّة جداً، الأمر الَّذي يرفع من درجة الصعوبة في الوصول إلى هذه المصادر، "فالشخص الذي يصل إلى منصب رفيع كهذا، يكون بالغاً أكثر ومجرباً ومتيقّظاً ومتشكّكاً".
وكتبت الصَّحيفة أنَّ "طوربيدو" اعتبر منذ البداية "هدفاً طموحاً جداً"، حيث إنه وصل إلى منصب رفيع جداً. وفي النتيجة، لديه قدرة على الوصول إلى معلومات حسّاسة جداً تعنى بها الاستخبارات الصهيونية.
وعن هذه الوحدة السريّة، جاء في التقرير أنَّه في المرحلة الأولى يتمّ جمع المعلومات، حيث يدرس عناصر الوحدة جيداً كلّ المواد التي جمعت من مصادر أخرى تم تفعيلها، مثل سفر المصدر إلى خارج البلاد، وبأية
وتيرة، وفي أيّ مرحلة من حياته، وما إذا كان يسعى إلى راتب أعلى، ربما في مجال الأعمال.
وفي المرحلة الثانية، بحسب التقرير، يتمّ اختيار طريقة التجنيد. وفي هذه الحالة، تمَّ اختيار إمكانية "التجنيد المغطّى"، حيث يقول المدعو "د"، المسؤول عن تفعيل "طوربيدو" في الوحدة 504، إنَّ "الهيئة المدنية، على سبيل المثال، لا تهدّد الهدف ولا تخيفه.. فأنت تدخل إلى حيّز الإنكار لديه، حيث إن ذلك يبدو كأنه شيء يحرم عليه فعله، ولكن لا يكون أمراً متطرّفاً بالنسبة إليه أن يعمل في خدمة إسرائيل، على سبيل المثال، فذلك ليس خطاً أحمر في نظره".
ويضيف التقرير: "يتم بناء قصَّة الغطاء، وتكتب السيناريوهات المناسبة، وتبدأ العملية". ويقول "د" إنه خلال جمع المعلومات عن "طوربيدو"، اكتشف أحد معارفه، وهو قريب بعيد له يعيش خارج البلاد، وكانت له علاقة بمجال معين في السباق.
ويتابع "د" أنه بادر إلى الاتصال عن طريق الشبكة بقريب "طوربيدو"، وأثار اهتمامه بمواضيع له خبرة جيدة بها، وتبيَّن أنَّ هذا القريب كان على استعداد للتعاون في هذا المجال.
ويقول "د" إنه لم يأتِ على ذكر "طوربيدو"، إلا أنَّ قريبه، الذي أبدى اهتماماً بالعمل، ذكر اسمه من باب أنه قريب له، وفي منصب رفيع
في تلك الدولة، ولذلك، وبحكم منصبه، فهو قريب من كلّ الجهات ويتمتَّع بشبكة علاقات.
ويضيف أنه لا يحاول أن يبدي للقريب حماسه للفكرة، وإنما يعمل على دفعه إلى فحص رسائل البريد الإلكتروني يومياً في انتظار إجابته، وعندها "تبدأ مرحلة إنشاء الاتصال الأول".