صادف أمس السادس من حزيران، الذكرى السنوية الـ 52 لـ "نكسة حزيران" أو ما يُطلق عليها اسم عدوان عام 1967، والذي تمثّل بهجوم إسرائيل على قوات عربية (مصرية وسورية وأردنية)، قبل احتلالها للضفة الغربية وشرقي القدس وقطاع غزة، وشبه جزيرة سيناء وهضبة الجولان.
وبدأ الكيان الصهيوني الحرب في الخامس من حزيران/ يونيو، بهجوم عسكري مفاجئ على الجبهة المصرية، دشّنته بغارتين متتابعتين على القواعد الجوية في سيناء وعلى قناة السويس.
وكان هذا الهجوم النقطة الفاصلة بين فترة ثلاثة أسابيع من التوتر المتزايد والحرب الشاملة بين إسرائيل وكل من مصر وسوريا والأردن، ساندتها قوات عراقية في غضون العدوان.
وبعد أن انتهى جيش الإحتلال من القضاء على سلاح الجو المصري، تحوّل إلى جبهتي الأردن وسورية (وكان الطيران الأردني والسوري ومعهما الطيران العراقي قد بدأ بشن غارات على المستوطنات الصهيونية لتخفيف الضغط عن الجبهة المصرية).
وما أن انقضى نهار 5 حزيران/ يونيو حتى كان الطيران العربي؛ المصري والسوري والأردني، خارج ساحة القتال، حيث تمكنت الكيان الصهيوني من السيطرة على مساحات كبيرة من الأرض العربية بزيادة أربعة أضعاف ما كانت احتلته عند إنشائها عام 1948؛ فضمت إليها كل من الضفة الغربية وقطاع غزة، وسيناء والجولان.
ما جنته "إسرائيل"
وتمكن الكيان الصهيوني من السيطرة على المصادر النفطية في سيناء وعلى الموارد المائية في الضفة الغربية والمرتفعات السورية، والذي مكنها من زيادة عمليات الهجرة والاستيطان في الأراضي العربية المحتلة.
وأما على الجانب الجيو استراتيجي فقد استطاعت الدولة العبرية من إقامة حدودها الجديدة عند موانع أرضية حاكمة (قناة السويس - نهر الأردن - مرتفعات الجولان) وازاد بذلك العمق الاستراتيجي للدولة العبرية.
واحتلت إسرائيل بذلك الشطر الغربي من مدينة القدس عام 1948، وكان يمثل ما نسبته 84.1 في المائة من المساحة الكلية للقدس، وتسبّبت بموجة تشريد جديدة طالت نحو 300 ألف فلسطيني، استقر معظمهم في الأردن، حتى بات "يوم النكسة" عنوانًا آخر لتهجير الفلسطينيين بعد ما تعرّضوا له خلال "النكبة" عام 1948.
ويأتي ذلك بالتزامن مع سيطرة جيش الإحتلال على الخليل، كما شرع لواء من جيش الاحتلال بالزحف شرقًا نحو نهر الأردن، وفي الوقت نفسه هاجمت قوات صهيونية بيت لحم مدعومة بالدبابات، وتم الاستيلاء على المدينة.
أما نابلس فقد دارت على أطرافها معركة شرسة، ولولا تفوق سلاح الجو الإسرائيلي لكان من الممكن تحقيق نصر للجيش الأردني فيها.
وفي اليوم نفسه وصل جيش الإحتلال إلى نهر الأردن وأغلق الجسور العشرة الرابطة بين الضفة الغربية والبلاد، وبعد انسحاب قوات الجيش العراقي، تمت السيطرة على أريحا.
آثار "عميقة" للنكسة
ومن بين الآثار العميقة التي تركتها الحرب كان أفول نجم القومية العربية بزعامة جمال عبد الناصر، وبروز الوطنية الفلسطينية المقاتلة التي باتت تمثل فلسطينيي الضفة الغربية وغزة والشتات والتي ختمت مسيرتها بعقد اتفاق أوسلو مع إسرائيل عام 1993.
غير أن هذا الاتفاق لم يعالج مشكلة الاستيطان ولا مصير القدس ولا منح وطن للفلسطينيين، كما أخفقت مساع مصالحة سوريا مع إسرائيل على غرار الاتفاق المصري الإسرائيلي الذي أتاح استعادة سيناء.
وقد ساهمت حرب يونيو/حزيران 1967 في أفول نجم القومية العربية وشجعت الحركات والمنظمات الفلسطينية على تجاوز وصاية الأنظمة العربية.
ومن من نتائجها أيضًا بروز الإسلاميين كقوة جديدة نافذة في المنطقة، بحسب ما يقول مؤرخون.
وقد خالفة هزيمة يونيو ما هو معروف من أن الهزائم تمثل فرصة للتصحيح والمراجعة وتجنب الأخطاء.
ومثلت الهزيمة من الناحية العسكرية فرصة لعودة العسكريين إلى مهمتهم الأساسية في الدفاع والحرب، وتمت بالفعل إعادة بناء الجيش المصري على أسس مختلفة من الانضباط والعقيدة القتالية، الأمر الذي مكّن مصر من شن حرب الاستنزاف، ثم حرب 6 أكتوبر وهزيمة العدو وعبور قناة السويس.
لكن هذا الأمر لم يستمر طويلا كما أنه لم يمتد إلى بقية أوجه الخلل الأخرى.