آلة الزمن تعود بك ملايين السنين بمجرد أن تطأ قدماك وادي الحيتان بمحافظة الفيوم 150 كم عن القاهرة، حيث تشعر أن الجبال والرمال ومئات بقايا الحفريات المختلفة والأصداف وهياكل الكائنات البحرية، الساحرة بجمالها وروعتها.
ويقع وادي الحيتان في محمية وادي الريان بالفيوم وسطي مصر، وكان جزءًا من محيط احتوى على الكثير من الأحياء المائية وعرف ببحر تيثي قبل أن يتحول إلى صحراء وجبال، وهو مقصد سياحي يضم 10 هياكل كاملة لحيتان كانت تعيش في تلك المنطقة قبل نحو 40 مليون عامًا.
وتم تصنيف منطقة وادي الحيتان عام 2005 من قبل منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة الـ"يونيسكو" على أنها منطقة تراث عالمي، واختارتها كأفضل مناطق التراث العالمي للهياكل العظمية للحيتان.
ومن مميزات المنطقة سمائها الصافية المليئة بالنجوم والمجرات والشهب والتي تُرى واضحة بالعين المجردة.
وتم اكتشاف حفريات وادي الحيتان إلى عام 1902 من خلال المسح الجيولوجي في مصر، ويعد موقعًا استثنائيًا لدراسة الحياة القديمة، بسبب وجود ما يزيد عن 400 حفرية لهياكل الكائنات البحرية، لا سيما الحيتان وعروس البحر والقرش، وغيرها.
ويعد الموقع بيئة طبيعية للحيوانات المُهددة بالانقراض، مثل الغزال بنوعيه الأبيض والمصري، والثعالب بنوعيها الفنك والرمال، والذئاب، والطيور المهاجرة النادرة مثل صقور شاهين، والغزال، والحر، والعُقاب، والنساري، والبط، والسمان.
ويوجد في وادي الحيتان أيضًا نباتات برية مثل الأتل، والرطريط الأبيض، والعاقول، والسمار، والغاب، والبوص، والغردق، والحلفا، وغيرها.
وتم افتتاح متحف الحفريات وتغير المناخ، بمنطقة وادي الحيتان وفي كانون ثان/ يناير عام 2016، ليكون الأول من نوعه على مستوى العالم، ويضم مقتنيات نادرة من الحفريات التي يعود تاريخها إلى ملايين السنين.
ويعمل متحف الحفريات في الترويج للسياحة البيئية، إذ يُعرض بداخله حوت "الباسيلو سورس أيزيس" وهو أضخم حوت حجري، ويظهر للمرة الأولى الأطراف الخلفية "الأرجل" للحوت والتي تشير أنّ الحيتان كانت تعيش على اليابسة، وتطورت بمرور الزمن إلى كائنات تعيش في مياه البحار والمحيطات.
وأعلن الاتحاد الدولي لصون الطبيعة (منظمة بيئية دولية) في تشرين ثان/ نوفمبر 2018، ضم وادي الحيتان للقائمة الخضراء التي تعمل منذ إطلاقها عام 2014 على قياس مدى فعالية المناطق المحمية.
كما ويتم منح المواقع المدرجة على القاﺋﻤة الخضراء شهادة تثبت أنها تُدار بشكل فعال وعادل، وذات تأثير إيجابي على الناس والطبيعة، وهي أمور من شأنها دعم وتنشيط الملف السياحي المصري.
وتعود أهمية وادي الحيتان إلى كونه شاهدًا على التغيرات المناخية التي حدثت قبل وأثناء وبعد تكوين الصخور بها أي قبل 40 مليون عامًا.