في الوقت الذي لا يزال العالم بأسره مصدوما من هول المشاهد التي بثث وعرضت للمجزرة الوحشية التي ارتكبها أسترالي إرهابي متطرف في مسجدين في نيوزيلندا، وجهت محكمة مدينة كرايست تشريش في نيوزيلندا، اليوم السبت، تهمة القتل للإرهابي الأسترالي برينتون تارنت (28 عاما)، منفذ مجزرة مسجدي النور ولينوود في المدينة،على أن يمثل أمام المحكمة في الخامس من نيسان/ أبريل المقبل، حيثعرضت على الإرهابي التهم الموجهة إليه، ولم يتقدم بطلب الإفراج عنه بكفالة، وسيبقى في السجن حتى مثوله أمام المحكمة.
يشار إلى أن تارنت، وهو مدرب لياقة بدنية وناشط يميني، قد تزود بأسلحة نصف آلية وأطلق النار بشكل عشوائي على المصلين في مسجدي، وقتل 49 شخصا، وأصاب العشرات.
وتعهّدت رئيسة الوزراء النيوزيلنديّة، جاسيندا أرديرن، اليوم السبت، بتشديد قوانين حمل الأسلحة غداة الاعتداء.
كما تحدّثت رئيسة الوزراء عن "أحلك يوم" في تاريخ البلد الواقع في جنوب المحيط الهادئ وكان يعدّ آمنا قبل أسوأ اعتداء يستهدف مسلمين في بلد غربي.
وأعلنت سلطات بلغاريا فتح تحقيق حول زيارة أجراها مرتكب الاعتداءين إلى هذا البلد بين 9 و15 تشرين الثاني/ نوفمبر.
من جهته، قال مسؤول تركي إن منفذ اعتداء نيوزيلندا أجرى رحلات عدة إلى تركيا حيث فتحت السلطات تحقيقا لتتبع أنشطته واتصالاته. وأضاف "نعتقد أن المشتبه به تمكن من زيارة دول أخرى في أوروبا وآسيا وإفريقيا (انطلاقا من تركيا)".
وأعلنت بريطانيا الجمعة تعزيز الرقابة على المساجد في البلاد.
وكان الإرهابي قد نقل مباشرةً على الإنترنت مقاطع من الاعتداء، حيث أمكن رؤيته يتنقّل من ضحية إلى أخرى، مطلقاً النار على جرحى حاولوا الهرب.
وقالت الشرطة إنها أوقفت المهاجم ووجّهت إليه تُهما بالقتل. وأوقف رجلان آخران لكن لم تُعرف التُهم الموجهة إليهما.
وكان قد نشر المشتبه به الأساسي "بيانا" عنصريا على مواقع التواصل الاجتماعي قبل تنفيذ الهجوم. وبدا أنه استوحى نظريات منتشرة في أوساط اليمين المتطرف تقول إن "الشعوب الأوروبية" تُستبدل بمهاجرين غير أوروبيين.
ويفصّل البيان مرحلة عامين من التحوّل إلى التطرف ومن التحضيرات قبل التنفيذ.
وقالت أرديرن "لا يمكن وصف ذلك سوى بأنه هجوم إرهابي". وتابعت أن الاعتداءين "خُطّط لهما جيّدا بحسب معلوماتنا".
وفي سيدني، وصف رئيس الوزراء الأسترالي المهاجم بأنه "شخص عنيف متطرف من اليمين".
يشار إلى أن المسجدين المستهدفين هما مسجد النور في وسط المدينة حيث قتل 41 شخصا، بحسب الشرطة، ومسجد آخر في ضاحية لينوود حيث قتل 7 أشخاص. وقضى شخص متأثرا بجروحه في المستشفى.
ونقل حوالى 50 مصاباً إلى المستشفيات، حالات 20 منهم خطرة، بحسب رئيسة الوزراء. وبين القتلى نساء وأطفال.
وروى فلسطيني كان موجوداً في أحد المسجدين أنه رأى رجلاً يفارق الحياة بعد تلقّيه رصاصة في الرأس.
ونقلت "فرانس برس"، عن الفلسطيني قوله "سمعت ثلاث طلقات نارية سريعة، وبعد عشر ثوان، بدأ كل هذا. لا بدّ أنه سلاح آلي فلا أحد يستطيع الضغط على الزناد بهذه السرعة". وتابع "بعد ذلك بدأ الناس يخرجون وهم يركضون وبعضهم كان مغطى بالدماء".
وقالت الشرطة إن المقاطع التي نشرها منفذ الهجوم "مؤلمة جدا"، فيما حذرت السلطات بأن من ينشر تلك المقاطع قد يعاقب بالسجن إلى ما يصل لـ10 سنوات. وظهر في الفيديو الذي صوّره المهاجم بتثبيت كاميرا على جسمه رجل أبيض حليق يقود سيارته حتى مسجد النور. ثم يدخل إلى المسجد ويطلق النار على الموجودين منتقلا من قاعة إلى أخرى.
وإضافة إلى الفيديو، أظهرت صور مرتبطة بمنفذ الهجوم على مواقع التواصل أسلحة شبه آلية كُتبت عليها أسماء شخصيات تاريخية عسكرية، بينهم أوروبيون قاتلوا القوات العثمانية في القرنين الخامس عشر والسادس عشر.
وأثار الهجوم صدمة في نيوزيلندا، البلد الذي يبلغ عدد سكانه 5 ملايين نسمة، 1% فقط منهم مسلمون. وهي لا تسجل سوى خمسين جريمة قتل في المتوسط في السنة، وتفخر بأنها مكان آمن.
إلى ذلك، فرضت قوات الأمن طوقا أمنيا في كرايست تشيرش قبل أن ترفع الإجراءات بعد ساعات. وطلبت من المسلمين تفادي المساجد "في كل أنحاء نيوزيلندا".
ورفعت البلاد مستوى الإنذار فيها إلى "عالٍ". وداهمت الشرطة منزلا له علاقة بالهجوم، وأخلت الحيّ الذي يتواجد فيه.
وروى شاهد لموقع الأخبار النيوزلندي "ستاف" أنه كان يؤدي الصلاة في مسجد النور على جادة دينز عندما سمع إطلاق نار. ولدى محاولته الهرب، شاهد جثة زوجته صريعة أمام المسجد.
وقال رجل آخر إنه شاهد أطفالا يُقتلون وإن "الجثث كانت في كلّ مكان".
وكان فريق الكريكيت البنغلادشي يؤدي الصلاة في أحد المسجدين لدى وقوع الهجوم، لكن لم يصب أي من اللاعبين بجروح، بحسب متحدّث باسم الفريق.
يذكر أن عمليّات القتل الجماعية نادرة جدا في نيوزيلندا التي شدّدت قوانين حمل الأسلحة في 1992، بعد عامين من إقدام رجل يعاني مشاكل نفسية على قتل 13 شخصاً في ساوث آيلند.