ما زال الغموض يسود مصير خروج الشريك الأصعب في الاتحاد الأوروبي. قبل نحو شهرين فقط من الموعد المقرر لخروج بريطانيا من الاتحاد "بريكست" نهاية مارس/ آذار الجاري، وخلال الأشهر القليلة الماضية، كانت رئيسة الوزراء، تيريزا ماي، تعقد الأمل على أن يصوت البرلمان لصالح الاتفاق الذي أبرمته مع الاتحاد بشأن خروج بلادها من التكتل، ورأت أن ذلك يضمن خروجًا سلسًا.
لكن البرلمان البريطاني أجهض هذا الأمل، الثلاثاء، بعد أن صوتت أغلبية ساحقة من الأعضاء على رفض الاتفاق. والآن وفي ظل هذا الغموض تبقى هناك عدة سيناريوهات محتملة بشأن عملية خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.
تدخل البرلمان
وتقول وسائل إعلام بريطانية، إن أول السيناريوهات في هذا الشأن، هو تدخل البرلمان وبسط سيطرته على سير عملية الخروج "بريكست"، وفي هذه الحالة، سيفوض البرلمان مجموعة من أعضائه لرسم أجندة خروج البلاد من الاتحاد، على أن تقوم تلك المجموعة بتوجيه وإرشاد الحكومة بشأن ما يمكن أن تفعله.
استفتاء ثان
يمكن أن يدعو حزب العمال المعارض إلى استفتاء ثان، لاسيما في ظل اتجاه متصاعد من المؤيدين لهذه الفكرة. وفي ظل هذا السيناريو، ربما يتم تخيير الناخبين بين خطة ماي أو البقاء في الاتحاد الأوروبي. ويتطلب ذلك الاستفتاء موافقة من جانب البرلمان.
وعلى الرغم من أن زعيم حزب العمال، جيرمي كوربين، يرفض فكرة الدعوة لإجراء ذلك الاستفتاء، فإنه قد يلجأ إليه في النهاية إذا استنفد ما بجعبته من خيارات أخرى. لكن على أي حال، تظل هناك معارضة قوية داخل البرلمان لإجراء ذلك الاستفتاء.
طلب تنازلات
في إطار المحاولة لإنهاء ذلك المأزق، يمكن أن تعود ماي، إلى الاتحاد الأوروبي مجددا، بهدف إعادة التفاوض بشأن اتفاقها الذي أجهضه البرلمان، وتدعو إلى تصويت جديد. وفي هذه الحالة، ربما تسعى ماي إلى طلب مزيد من التنازلات من جانب الاتحاد الأوروبي لتعود إلى البرلمان وتحاول كسر الجمود.
الدعوة لتأجيل "بريكست"
بموجب المادة 50 من معاهدة الاتحاد الأوروبي، يمكن تأجيل عملية الخروج من التكتل بعد موافقة جميع الأعضاء الـ27.
وربما توافق دول الاتحاد الأوروبي على ذلك في ثلاث حالات: إما في حالة الدعوة إلى انتخابات جديدة، أو استفتاء آخر، أو في حالة عدم وجود خطة جديدة واضحة.
لكن هذا لن يتم، حسب مراقبين، إذا كانت الحكومة البريطانية تحاول فقط، من أجل كسب الوقت اللازم للحصول على مزيد من التنازلات من جانب التكتل.
الخروج بدون اتفاق
يعد الخروج بدون اتفاق هو الخيار الأخير والتلقائي في حال عدم تحقق أي من السيناريوهات المشار إليها.
ففي ظل عدم تغير المعطيات، ستنفصل بريطانيا تلقائيا عن الاتحاد الأوروبي في 29 آذار/ مارس، حتى بدون التوصل لاتفاق بين الجانبين.
لكن هذا الخيار لا يحظى بتأييد داخل البرلمان أو حتى بين أعضاء حكومة ماي. فهذا السيناريو يعني أن بريطانيا لن تلتزم بالقواعد الأوروبية، وستتبع بدلا منها شروط منظمة التجارة العالمية فيما يتعلق بالتجارة.
كما سيقتضي ذلك فرض ضرائب جديدة على الواردات والصادرات والخدمات بين الجانبين، مما سيزيد على الأرجح تكاليفها ومن ثم ارتفاع ثمنها.
وسينغي كذلك أن تعيد بريطانيا التفاوض بشأن الاتفاقيات التجارية التي عقدتها مع الدول الأخرى في الاتحاد الأوروبي، بموجب معطيات الواقع الجديد.
إسكتلندا وأيرلندا الشمالية
وخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي بدون اتفاق، ربما يؤدي إلى إشعال فتيل المساعي الرامية لإجراء استفتاء جديد في إسكتلندا الراغبة في الاستقلال عن بريطانيا والبقاء عضو في الاتحاد الأوروبي.
كما أن ذلك سيؤدي إلى فرض حدود مادية بين أيرلندا الشمالية والجنوبية، بشكل ربما يعزز الاتجاهات الانفصالية.
يشار أن أبرز الجوانب الحساسة في عملية "بريكست"، هي تلك المتعلقة بأزمة الحدود بين جمهورية أيرلندا العضو لدى الاتحاد الأوروبي وبين أيرلندا الشمالية التابعة لبريطانيا، حيث ينص اتفاق الجمعة العظيمة أو "بلفاست" (الموقعة في نيسان/ أبريل 1998)، على ألا تكون هناك حدود فاصلة بين جزئي إيرلندا.
وكانت بريطانيا قد اتخذت قرارًا بالخروج من الاتحاد الأوروبي، عبر استفتاء أجرته في 23 حزيران/ يونيو 2016.
وفي 29 آذار/ مارس 2018، بدأت البلاد رسميًا عملية الخروج من الاتحاد، من خلال تفعيلها "المادة 50" من اتفاقية لشبونة، والذي ينظّم إجراءات خروج الدول الأعضاء.