نالت رصاصة قاتلة لقناص اسرائيلي مجرم، من مضمدة الجروح، ملاك الرحمة، شهيدة الإنسانية، المسعفة رزان أشرف عبد القادر النجار (21 عاماً)، وأوقعتها شهيدة شرق خان يونس جنوب قطاع غزة، بعد ان اصابت قلبها الانساني بشكل مباشر من جهة الخلف.
وروى شهود عيان، لـ"وفا"، أن رزان، كانت تبعد حوالي 100 متر إلى الغرب من السياج الشرقي الفاصل لحظة استهدافها، وكانت تساعد في إخلاء المصابين وتقديم المساعدة الطبية لهم، وكانت ترتدي سترة عليها شارة توضح طبيعة عملها كمسعفة. فوقعت ضحية رصاصة قاتلة بعد ان نجحت في اسعاف مسن اصيب في المكان ميدانيا.
وروت الحكيمة رشا عبد الرحمن قديح، مشهد اعدام القناص الاسرائيلي لرزان حيث كانت برفقتها وقت الجريمة: كانت توجد إصابات بجانب السياج، ذهبنا معلنين سلميتنا وفقط نريد اسعاف المصابين واخلاءهم مِن المكان، تقدمنا لنقطة الصفر، في هذه اللحظة كان هناك خمسة جيبات عسكرية اسرائيلية اثنان منها كان تركيزهم علينا، فجأة رأيت جنديين خرجا من الجيب العسكري ووجه قناصة بنادقهم ناحيتنا نحن الأربعة، هنا صرخت على زملائي للرجوع واخد الحيطة والحذر وتم إطلاق النار علينا وبعد دقائق تمكنا من اخلاء المصابين المحاصرين.
وقالت: وبعد انتهاء المهمة رجعنا للخلف ما يقارب 20 مترا عن السياج الفاصل، أمامنا تم إطلاق قنابل الغاز، فهرول الناس المتجمهرين الى الشرق من تجمعنا بعد رجوعنا من نقطة الصفر، وهنا فجأة أتت رصاصات الغدر.
وأضافت بحرقة شديدة: نالت منا رصاصتهم.
وتابعت بعد محاولة لاسترداد انفاسها: اطلقت عدة رصاصات متفجرة نحونا، اصابت احداها رزان، والثانية اصابت المسعف رامي ابو جزر في الفخذ الايسر وشظية اخرى في رجله الثانية وثالثة في يده، وشظية أخرى اصابت المسعف محمود عبد العاطي.
وتابعت قديح "هنا يظهر استهداف الاحتلال للأطقم الطبية بشكل مباشر وموجه لنا، هنا تنتهك حقوق الفرق الطبية، وتظهر عنجهية الاحتلال، وتظهر صورة الاحتلال الغاشم، فهو لا يفرق بيننا. فكل فلسطيني في نظره عدو، الاحتلال يريد ان يقتلنا كلنا".
من جانبه، سرد ابراهيم النجار الذي تمكن مع وحدة من نقل الضحية بعد اصابتها، كيف تعمد جندي قاتل المس بالأطقم الطبية.
وقال: كانت هناك اصابة لمسن قرب السياج الفاصل، وتمكنت الضحية برفقة بعض المسعفين من الوصول الى المسن ونجحت في علاجه ميدانيا، رغم انها تأثرت بالغاز المسيل للدموع الذي استنشقته خلال علاجها للمسن ونجحت في السيطرة على نفسها ومواصلة عملها.
وتابع: رزان كانت ترتدي معطفها الأبيض وعليه شارات طبية تميزها عن غيرها في المكان، هي وزملائها، وعند الخروج من المكان بعد علاج المسن باغتتنا انا ورزان ومجموعة من المسعفين رصاصات اطلقها جنود الاحتلال صوبنا اصابت احداها رزان من الخلف ووقعت على الأرض، فحملتها وحدي الى سيارة اسعاف وكانت على قيد الحياة الى المستشفى الميداني ومن ثم تم نقلها الى المستشفى الأوروبي وانا كنت برفقتها في سيارة الاسعاف أيضا الى المستشفى.
أما الدكتور صلاح الدين الرنتيسي مدير المستشفى الميداني في خزاعة حيث نقلت رزان فورا للعلاج فور اصابتها: فقال "إن رزان وصلت الى المستشفى الميداني في حالة خطيرة جدا وكانت تفقد حياتها في كل ثانية تمر وهذا الأمر معروف طبيا لنا بسبب خطورة حالتها، وقمنا بوضع انبوب هوائي في القصبة الهوائية لها كي نساعدها على التنفس، ووضع المحاليل اللازمة لها.
وأضاف: للأسف كانت تعاني من نزيف داخلي وليس خارجي، وتحديدا في منطقة الصدر لأن الرصاصة على ما يبدو قد اصابت الشريان الرئيسي في القلب، مشيرا الى ان رزان كانت متميزة في عملها، وحصلت على شهادة تؤكد تأهلها للعمل مسعفة ميدانية وكانت متميزة وناجحة جدا في عملها.
وقال الباحث ياسر عبد الغفور نائب مدير دائرة البحث الميداني في المركز الفلسطيني لحقوق الانسان لـ"وفا": إن قتل قوات الاحتلال لرزان دليل جديد على استمرار تلك القوات في استهداف الأطقم الطبية بشكل مباشر وعمدي حيث أصابت 7 منهم هذا الأسبوع أغلبهم شرق خان يونس، كما تضررت إحدى سيارات الإسعاف شرق غزة، مؤكدا أن أفراد المهمات الطبية ووسائط النقل الطبية والمستشفيات الميدانية كانت مميزة ويسهل معرفتها، وكان أفرادها يرتدون زيا طبيا مميزا، فضلاً عن وضوح عربات الإسعاف ووجود شعارات الهلال والصليب الأحمر اللذين يميزانهما عن وسائط النقل الأخرى، فيما وضعت الشارات المميزة فوق المستشفيات الميدانية، غير أنها كانت عرضة للاعتداءات من قبل القوات المحتلة.
وأدان عبد الغفور جريمة قتل المسعفة النجار التي استهدفت وهي ترتدي "البالطو" الأبيض المميز خلال عملها في إنقاذ الجرحى، وإصابة زملائها، حيث سبق وأن قتلت قوات الاحتلال المسعف موسى ابو حسنين، وأصابت 223 فرداً من أفراد الطواقم الطبية، منهم 29 مسعفاً أصيبوا بالرصاص الحي أو نتيجة اصابتهم مباشرة بقنابل الغاز المسيل للدموع التي أُطلقت تجاههم، منذ انطلاق مسيرة العودة في 30 آذار الماضي.
ويدلل هذا العدد الكبير من الضحايا في صفوف الطواقم الطبية على وجود سياسة إسرائيلية ممنهجة في استهداف الطواقم الطبية خلال عملها الإنساني.
وبين الباحث عبد الغفور، أن الاعتداءات المختلفة على الطواقم الطبية الفلسطينية، خاصة أولئك العاملين منهم في الميدان، تشكل مساساً خطيراً بقواعد القانون الدولي الانساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان، وهو مؤشر خطير لانتهاك هذه المعايير الدولية التي نظمت قواعد حماية رجال المهمات الطبية، بمن فيهم طواقم الإسعاف وسياراتهم ومنشآتهم الطبية. وترتقي الانتهاكات الجسيمة الممارسة والاعتداءات المتعمدة على أفراد الطواقم الطبية إلى جرائم حرب، وفق اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949، وبخاصة لنطاق الحماية التي توفرها لهم.
وأكد أن استمرار إسرائيل في نهجها هذا مخالف لميثاق روما الأساسي الخاص بالمحكمة الجنائية الدولية واتفاقية جنيف الرابعة ويشكل ما تمارسه جرائم حرب. داعيا الى الإسراع في تشكيل لجنة التحقيق دولية، وفقاً لقرار مجلس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة، للتحقيق في الجرائم التي اقترفتها قوات الاحتلال بحق المدنيين العزل في فعاليات مسيرة العودة.
وكان مركز الميزان لحقوق الإنسان أعرب في بيان له عن استنكاره الشديد لقتل المسعفة رزان النجار، وتكرار استهداف العاملين في الخدمات الطبية وسيارات الإسعاف، بالرغم من التزامهم بالحيادية الطبية، وبالرغم من وضوح شاراتهم المميزة، مكررا إدانته واستنكاره لسلوك قوات الاحتلال، وتعمدها إيقاع الأذى في صفوف المدنيين دون اكتراث بقواعد القانون الدولي الإنساني ومبادئ القانون الدولي لحقوق الإنسان.
وطالب مركز الميزان، المجتمع الدولي ولا سيما الأطراف الموقعة على اتفاقية جنيف الرابعة بالتحرك العاجل لحماية المدنيين في الأراضي الفلسطينية المحتلة، والعمل على وقف انتهاكات قوات الاحتلال، وملاحقة كل من يشتبه في ارتكابهم انتهاكات جسيمة لقواعد القانون الدولي، والعمل دون إبطاء على رفع الحصار عن غزة وتقديم مساعدات عاجلة لإحياء اقتصاده وتحسين خدماته، والعمل على وقف الانتهاكات وضمان احترام قوات الاحتلال بقواعد القانون الدولي.