نظمت وكالة الأنباء القرآنية الدولية (إکنا) في مقرّها بالعاصمة الايرانية طهران أمس الأربعاء 22 يونيو / حزيران 2022 للميلاد حفلاً لتكريم الباحث والکاتب والمستشار الثقافي الايراني السابق لدى لبنان "الدكتور عباس خامه يار".
وأقيم هذا الحفل الذي جمع بين الحضور والافتراض بمشاركة كل من نائب الأمين العام لحركة "حزب الله" اللبنانية "الشيخ نعيم قاسم"، ووزير الثقافة اللبناني "محمد وسام المرتضي"، والباحث في معهد الكويت للأبحاث العلمية، والعضو في رابطة الصداقة الكويتية ـ الايرانية "المهندس مصطفی غلوم عباس"، والأمين العام للمجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الاسلامية "الدكتور الشيخ حميد شهرياري"، والوزير السابق للتربية والتعليم في ايران "محسن حاجي ميرزايي"، والرئيس السابق لرابطة الثقافة والعلاقات الاسلامية في إیران "أبوذر ابراهيمي تركمان".
وقال وزير الثقافة اللبناني في الكلمة التي ألقاها في هذا الحفل عبر الفضاء الافتراضي أن الدكتور عباس خامه يار، أثناء وجوده سنوات طويلة ضمن طاقم السفارة الإيرانية في بيروت، وسابقًا في مناصبَ ثقافية أخرى، كان عملُه تعبيراً حيّاً عن إيمانه بهذا الدور الجامع الذي ينبغي لمن كان في موقعه أن يلعبه.
وفيما يلي النص الكامل لكلمة وزير الثقافة اللبناني "القاضي محمد وسام المرتضى" في حفل تكريم المستشار الثقافي الايراني السابق لدى لبنان الدكتور عباس خامه يار:
"سبق لي في مناسبة أخرى أن قلت في الصديق الدكتور عباس خامه يار أنّه توّج مسيرته الثقافية في لبنان بكتاب أسماه "جرحٌ وزيتون، أعيانٌ وأزمان"، كأنه أراد أن يتوّجَ مسيرته الثقافية في لبنان بأثر أدبيّ إنساني يقول لنا عنوانه الجميل: مثلما يداوي زيتُ الزيتون الجرحَ ، وكما يصنعُ الأعيانُ الزمانَ، هكذا تفعلُ الثقافةُ التي هي خيرُ وسيلةٍ للتواصلِ بين الشعوب، تُضمِّدُ الجراح وتُبلسم القلوب وترهُنُ الأزمنةَ للإبداعات.
والدكتور خامه يار، أثناء وجوده سنوات طويلة ضمن طاقم سفارة الجمهورية الإسلامية الإيرانية في بيروت، وسابقا في مناصبَ ثقافية أخرى، كان عملُه تعبيراً حيّاً عن إيمانه بهذا الدور الجامع الذي ينبغي لمن كان في موقعه أن يلعبه. وهو لم يقتصر على تعريف اللبنانيين بتجليات الثقافة في وطنه فحسب، بل كان أيضاً جسر تواصل بين الثقافتين والمثقفين في البلدين طرداً وعكساً، جيئةً وذهاباً، وهذا ما تشهدُ له به المنتدياتُ والمواقعُ الثقافية في لبنان كُلِّه، من العاصمة إلى الجنوب فالشمال فالبقاع فالجبل، التي جال فيها وتبادل معها، فأخذ وأعطى من غير ما تفرقة بين منطقة وأخرى، أو طائفة وأخرى، مؤكدًا الطابع التعددي للثقافة الحقيقية، ومؤكّداً أيضاً، على ما قلته أنا في مناسبةٍ سابقة، "أنّ السمة الأساس للقاء اللبناني الإيراني كانت ولا زالت السمة الثقافية المرتكزة إلى القيم ومنها السيادة والحرية ومقاومة الظلم وجبهُ العدوان، وهذا غير مرتبط بطائفة دون أخرى، بل هو لكل اللبنانيين والإيرانيين على السواء بل بالأحرى لكل العرب وبخاصةٍ للشعب الفلسطيني المقهور داخل الأرض المحتلة وفي الشتات".
كثيرة هي الإسهامات الثقافية التي تمّت على يد الدكتور خامه يار في لبنان. آخرُها، الأسبوع الثقافي الإيراني في بيروت-أيامُ الفجر الثقافية، الذي افتتحناه سوياً مع سعادة السفير محمد جلال فيروزنيا ومعالي وزير الثقافة والإرشاد في الجمهورية الإسلامية الإيرانية د. محمد مهدي اسماعيلي، ولقد عكست تلك الفعالية الثقافية الراقية شكلاً ومضموناً ومستوى، الصورة الحقيقية البهيّة لإيران الإرث الحضاري وإيران الإبداع الثقافي وإيران الحس الإنساني فأثلجت صدور الكثيرين وصحّحت المفاهيم المغلوطة التي زرعها التضليل في أذهان الكثيرين، وكانت من أهم الفعاليات التي شهدتها بيروت في ظل الأزمة الخانقة التي يمر بها الشعب اللبناني بفعل الحصار، فشكّلت مع معرض الكتاب، الذي ينظمه سنويًّا النادي القومي العربي، فرصتين جميلتين استرجع فيهما المواطنون بعضًا من الألق الذي تميز به لبنان، أرضُ الأبجدية والوطنُ الرسالة.
إنّ افضال سعادة المستشار خامه يار الثقافية في لبنان سوف تبقى محفورةً في العقل والقلب والضمير والوجدان وبفعلها سوف ينبزغ فجرٌ جديد من الصداقة المتينة بين الشعبين اللبناني والإيراني مبني بشكل أساسي على الحرية النابذة للإحتلال وعلى السلام الحقِّ والتنمية المستدامة والازدهار الذي نستأهلُه لبنانيون وايرانيون.
بعد تركه لبنان مضى سعادة المستشار خامه يار الى أخرى من معتركات العلم والحرف والحبر والسطور وسائر مجالات الثقافة. قد يكتب جراحًا وزيتونًا، غيرَ ما كتب، وقد يلتقي أعيانًا في بلدان وأزمانٍ، لكنه بعد اليوم سيحملُ معه عبقًا من نفحاتِ أرزِ لبنان وحبات رملٍ من شاطئنا المحرر، وهبّة نسيم من ناحية فلسطين. هذه كلُّها ستكون له كنوزًا ملءَ العقل والقلب والقلم، تفتحُ له أفاقًا لإنجازاتٍ جديدة، وتُطلع أمامه فجرًا لأيامٍ ثقافية متنوعة. أما نحن فسيبقى عندنا بشخصه ومسيرته عنوانَ لقاءٍ لا وداع فيه.
نحبّه ونقدّره ونتمنى لخ كل التوفيق في مسيرته المستقبلية،
والسلام عليكم جميعاً ورحمة الله وبركاته!