تدفَّق المتسوّقون في أنحاء الولايات المتحدة الأميركية، وفي أوروبا، إلى المتاجر يوم الجمعة الماضية (23 تشرين الثاني/ نوفمبر 2018) ضمن ما يعرف بـ"الجمعة السوداء"، لشراء سلع تم خفض أسعارها بنسب كبيرة للغاية، وذلك خلال موسم الشراء السنوي الذي يعقب عيد الشكر. ويتزامن التسوّق في "الجمعة السوداء" مع بداية موسم شراء الهدايا قبل عيد الميلاد، حيث يركّز المتسوّقون على الأسعار المخفضة للأجهزة الصغيرة والإلكترونيات، ولا سيما شاشات التلفزة المسطَّحة الكبيرة وأجهزة ألعاب الفيديو.
وبحسب شركة "أدوبي" للبرمجيات، فإنَّ عيد الشكر الأخير شهد وصول المبيعات عبر الهواتف الذكية خلال يوم واحد إلى مليار دولار لأول مرة.
من جهته، نقل موقع "تي أونلاين" الألماني عن رابطة التجارة في ألمانيا توقّعه وصول المبيعات إلى 2.4 مليار يورو في "الجمعة السوداء"، فيما يشير الاتحاد الوطني الأميركي للبيع بالتجزئة إلى أن 116 مليون شخص في الولايات المتحدة يعتزمون التسوق في "الجمعة السوداء". ومن المتوقّع أن يتوجّه 164 مليون متسوق إلى المتاجر خلال خمسة أيام، بدءاً من عيد الشكر، وانتهاءً بما يسمى يوم "الإثنين السيبيري" أو (سايبر مونداي)، وهو اليوم الذي يقبل فيه السكان على الشراء عبر المواقع الإلكترونية. يُذكر أنه منذ العام 2010، بدأ التسويق ليوم "الإثنين السيبيري" في أوروبا وفي الولايات المتحدة لاستقطاب الزبائن عبر المنصَّات الإلكترونيّة.
وتُقدّم في أسبوع التخفيضات عروض رخيصة للبضائع، لكن بعض المتاجر يستغل حمى التسوق ويقوم بزيادة الأسعار قبل بدء موسم التسوق، ومن ثم خفضها في الموسم، كما ذكر موقع "تي أونلاين". ويمكن ملاحظة ذلك مثلاً في المنصّات التي تعرض الأسعار، من مثل موقع "idealo.de" الألماني، إذ ارتفعت أسعار الأجهزة الإلكترونية بصورة واضحة في الخامس عشر من تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، أي قبل أسبوع من بدء موسم التخفيضات، ومن ثم انخفضت في يوم "الجمعة السوداء"، لتصل إلى أسعارها السابقة.
من جانبه، حذَّر أستاذ علم النفس الألماني، كريستيان إلغر، من التّخفيضات ومردودها النفسي السّيئ على الإنسان، فالبشر يملكون بنية في الدماغ اسمها "نظام المكافآت"، وهذا يعني أنه في كلّ مرة يتم تنشيط هذه الهياكل في الدماغ، يتم أيضاً تنشيط مجموعات من الخلايا العصبية معها، ما يعطي شعوراً بالراحة بشكل جيد للغاية، بحيث ينسى عمل الأشياء الأخرى نوعاً ما. وبالمقارنة مع الأسعار الاعتيادية للبضائع، فإنَّ بعض الكلمات تنشط هذه المنطقة في الدماغ، من مثل كلمات "خصم" أو "تخفيض".
وحذَّر كريستيان إلغر من التنشيط المستمرّ لنظام المكافآت في الدماغ، لأنه يعمل في المنطقة التي تنشط عبر المخدّرات أيضاً. لذلك، يمكن أن تتطوَّر حمى التسوّق بسهولة إلى إدمان.
على صعيد متّصل، ذكر غيورغ تريبا من مكتب حماية المستهلك الألماني لموقع "تي أونلاين"، أنه في مثل الأيام، تبدأ المحال التجارية باستخدام الحيل لتسويق بضاعتها، وهو ما أيَّده أيضاً أستاذ علم النفس إلغر، الذي ذكر على سبيل المثال استخدام اللون الأحمر للدلالة على التخفيضات، لتأثيرها النفسي في الإنسان، أو استعمال موسيقى خاصة تجذب الزبائن للشراء، فيما قدَّم غيورغ تريبا من مكتب حماية المستهلك بعض النصائح للتغلّب على حمى التسوق، مثل:
- على الزبائن طرح السؤال دائماً عما إذا كانوا بحاجة فعلاً إلى تلك البضائع في حياتهم أم لا.
- متابعة التقييمات المستقلّة للبضاعة قبل الشراء.
- متابعة الأسعار في مواقع الإنترنت وإجراء مقارنة بين أكثر من موقع.
- عدم الانصياع لضغط الوقت والانجراف للشّراء بصورة مستعجلة خوفاً من انتهاء وقت العرض.
- الحذر من المواقع الإلكترونيَّة المزيّفة، والتدقيق في بيانات المواقع التي تعرض البضاعة بسعر رخيص جداً.
المصدر: dw. arabic