تشكّل المؤتمرات الدولية برعاية أميركيّة أو أوروبيّة، ولقاءات القوة الدولية الخاصّة الموجودة في الأردن، التي من المفترض أن تهاجم داعش، ومناورات عسكريّة أميركيّة، بؤرًا للتطبيع العسكري بين الكيان الصّهيونيّ ودول عربيّة، فهل يقتصر الأمر على ذلك؟
تباهى رئيس الحكومة الصهيونية، بنيامين نتنياهو، خلال العام الأخير، أكثر من مرّة، بتحسّن العلاقات بين الكيان الصهيوني وعددٍ من الدول العربية والإسلاميّة الكبرى، ولم تعد العلاقات سريّة محصورةً بالتلميحات الصهيونية فقط، إنما تجاوز ذلك إلى المشاركة العلنيّة في مؤتمرات دوليّة ومناوراتٍ عسكريّة وبرامج تبادل المعلومات الاستخباراتيّة.
وعاودت مشاركة رئيس الأركان الإسرائيلي، غادي آيزنكوت، في مؤتمر بالعاصمة الأميركيّة واشنطن، بمشاركة نظرائه من السعودية والبحرين والأردن ومصر، التذكير بأبرز "بؤر" التطبيع لهذه الدول وغيرها مع الكيان الصهيوني، عدّدها محلّل الشؤون الأمنيّة في صحيفة "معاريف"، يوسي ميلمان.
ومن بين اللقاءات التطبيعية التي كشف عنها ميلمان، مشاركة رئيس الموساد يوسي كوهين، الشهر الماضي، في مؤتمر دولي في نيويورك بحضور وزير الخارجيّة السعوديّ، عادل الجبير، ومسؤولين رفيعي المستوى من الإمارات والبحرين واليمن، من دون أن يستبعد قيام كوهين بلقاءات سرية مع مندوبي دول عربيّة.
كما تشير تسريبات بين فترة وأخرى إلى أنّ إسرائيل تواصل مشاركتها في قوّة دولية خاصّة مقرّها الأردن، تقول صحيفة "إنتلجنس أون لاين" الفرنسيّة، إنَّ أعضاءها البالغ عددهم 21 دولة، منها الأردن والولايات المتحدة وألمانيا وبريطانيا وفرنسا وإيطاليا والسعوديّة والإمارات ومصر، يتبادلون معلومات استخباراتيّة ويتعاونون عسكريًا.
وتحوّل الأردن، مع بدء النشاط الدولي لمكافحة داعش، إلى نقطة انطلاق لهذه العمليات العسكريّة، واتخذت دول غربية وعربيّة عدّة من القواعد البريّة والجويّة للجيش الأردني قواعدَ لها، وفقًا لـ"معاريف"، التي أضافت أن هذا ليس إلا إضافة لتعاون استخباراتي طويل بين الأردن والدول الغربية والكيان الصهيوني، إذ شارك سلاحا الجو الأردني والإسرائيلي في مناورات عسكريّة مشتركة تحت رعاية دولية، جرى معظمها في الولايات المتحدة الأميركيّة.
لكنَّ ميلمان يقول إنَّ رئيس أركان الجيش الصهيوني ليس مضطرًا إلى المشاركة في مؤتمرات برعاية الولايات المتحدة أو الناتو للقاء نظرائه العرب، ولا يستبعد أن يكون قد التقى خلال ولايته التي امتدّت على 46 شهرًا مع قسم من رؤساء أركان الجيوش العربيّة، "إن لم يكن قد التقاهم جميعًا".
وألمح ميلمان إلى زيارة عدد من تجار السلاح وخبراء القرصنة الإلكترونية إلى الرياض وأبو ظبي والبحرين ودبي، عبر كتابته: "ما زال باكرًا للإسرائيليين التخطيط لزيارة الرياض والبحرين وأبو ظبي ودبي، إلا إن كانوا تجار سلاح أو خبراء في السيبر والأمن الداخلي".
وتعتبر إسرائيل رائدة في رائدة في صناعة البرامج الإلكترونية لأغراض التجسّس، ولا تتردّد في بيعها لعدد من الدول، منها الإمارات، التي كشف الشهر الماضي عن استخدامها تكنولوجيا "بيغاسوس" الإسرائيليّة للتجسّس على خصومها، التي طوّرته شركة NSO الصهيونية.
وأظهر تقرير نشرته "هآرتس" اليوم أنّ الشركات الإسرائيلية باعت قدرات هجومية كهذه للكثير من الدول ذات الأنظمة التي تقمع مواطنيها بشدة بالغة، ومن دون أن تتوفّر إمكانية لدى هذه الشركات لمعرفة كيفية استخدام برامجها الإلكترونية في ملاحقة مواطنيها. ووفقاً لإفادات مسؤولين وعاملين في الشركات الإسرائيلية ومنظمات حقوقية في دول عديدة، فقد استخدمت هذه البرامج الإلكترونية الهجومية من أجل سجن ناشطين حقوقيين ومثليين وإسكات معارضين أو مجرد مواطنين انتقدوا أنظمة بلادهم، وتوجيه تهم بالكفر في دول إسلامية، لا توجد علاقات رسمية بينها وبين الكيان الصهيوني، بل إنَّ هذه الشركات استمرت في بيع هذه البرامج التجسّسية حتى بعد الكشف عن إساءة استخدامها ضد مواطنين.
وكشف التقرير أنَّ الشّركات الصهيونية باعت برامج التجسّس وجمع المعلومات الاستخبارية لدول، من بينها البحرين، إندونيسيا، أنغولا، موزنبيق، جمهورية الدومنيكان، أذربيجان، سويزلاند، بنغلادش، سلفادور، بنما، نيكاراغوا، ماليزيا، فييتنام، المكسيك، أوزبكستان، أثيوبيا، جنوب السودان، هندوراس، بيرو، كولومبيا، أوغندا، إكوادور والإمارات العربية المتحدة. وهناك أدلَّة على أنَّ السعودية استخدمت برنامجاً كهذا.