ذكر المحلّل السياسيّ في صحيفة "معاريف"، بن كسبيت، أنَّ تقديرات الجيش الصّهيونيّ تشير إلى سقوط مئات القتلى بين جنوده في حال شنّ عملية عسكرية بريّة في قطاع غزّة.
ونقل كسبيت عن مصادر عسكريَّة قولها إنَّ عملية عسكرية واسعة ضد القطاع لن تنتهي بضربة جوية، لأن حماس والجهاد الإسلامي تمتلكان قدرة صاروخية كبيرة، وبعضها أكثر خطورة من السابق، وبخاصَّة على منطقة "غلاف غزة"، حيث سيسقط قتلى في الطرف الصهيونيّ، ويتشكَّل ضغط على الحكومة، الأمر الَّذي سيضطر نتنياهو إلى الخروج بعملية عسكريّة في قلب قطاع غزة.
وبحسب كسبيت، فإنَّ حماس بنت مدينة مترامية الأطراف من الأنفاق تحت الأرض خلال السنوات الماضية. وتقديرات الجيش الصهيوني أنَّ عملية عسكرية جدّية ستكون بمثابة حمام دمّ لجنوده وستكلّفه مئات القتلى.
ويرجّح كسبيت ألا يقدم نتنياهو على دفع مثل هذا الثمن الباهظ، وبخاصَّة أنه لا يوجد لديه إستراتيجية لإسقاط حماس، بل العكس. ولذلك، فإنه سيعود "بعد دفن نصف كتيبة من الجنود الشباب" إلى المربع الأول، وهو ما يجعل غالبية الوزراء يدركون أيضاً أنَّ الوضع الراهن هو "جنة عدن" بالنّسبة إلى الخيارات الأخرى.
ومن أجل تكريس الوضع الراهن وعدم شنّ عملية عسكرية، يحصّن نتنياهو نفسه، بحسب كسبيت، بدرعين واقيين يحميانه من الحرج أمام مصوتيه. الدرع الواقي الأول هو المجلس الوزاري الأمني المصغّر (الكابينيت) الذي نجح في توظيفه لخدمة حاجاته السياسية، والدرع الواقي الثاني هو الجيش الذي يعارض مثل هذه العملية بسبب كلفتها الكبيرة.
ويستعرض الجيش الصهيوني أمام الكابينيت صورة الوضع كما هو، بما تحمله من "انتعاش للاستيطان في منطقة غلاف غزة، إلى جانب الخسائر التي أوقعها بالفلسطينيين في القطاع، حيث تم قتل 220 فلسطينياً، ومهاجمة 200 موقع لحماس، وقصف 16 نفقاً، وإصابة ستة آلاف فلسطيني برصاص الجيش منذ 30 آذار/ مارس الماضي".
في المقابل، لم يحظَ الفلسطينيون الَّذين يطالبون بفكّ الحصار، بعد شهرين ونصف الشهر من جولات مبعوث الأمم المتحدة سيرغي ملادينوف المكوكية، سوى بـ15 شاحنة سولار يومياً لزيادة تزويد القطاع بالكهرباء من أربع ساعات إلى ثماني ساعات، لكن في الواقع فإنَّه خلال ثلاثة أيام تم إدخال ما بين 2 - 4 شاحنات في اليوم، بسبب تهديدات رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، لشركة المحروقات الصّهيونية "باز" بعدم تسديد أثمان السولار.
وفي السياق ذاته، حذَّرت صحيفة "هآرتس" في افتتاحيتها اليومية من تأثير حرب المزاودات الكلامية الدائرة بين وزير الأمن الصهيوني أفيغدور ليبرمان ووزير التعليم نفتالي بينيت، بخصوص التعاطي مع قضية غزة، في قرار الكابينيت حيال توجيه ضربة عسكرية للقطاع، رغم معارضة الجيش وجهاز الأمن العام (الشاباك).
ويسعى ليبرمان إلى "استعراض عضلات أمام غزة" عبر توجيه ضربة عسكرية لزيادة قوة حزبه المتآكلة في الانتخابات القريبة، والفوز في المنافسة الجارية مع بينيت على أصوات الأوساط المتطرفة في المجتمع الصهيوني. في المقابل، يريد الجيش والشاباك إعطاء فرصة للجهود المصرية الهادفة لإبرام "التسوية" والتوصّل إلى تهدئة طويلة الأمد.
وأشارت هآرتس إلى أنَّ هناك خيارات أخرى غير العملية العسكرية الواسعة، لوقف البلونات الحارقة وتظاهرات الجدار وتهدئة المنطقة. ودعت الصحيفة نتنياهو إلى عدم الانجرار إلى صراع ليّ أذرع بين ليبرمان وبينيت، ووقف قارعي طبول الحرب على غزة، ودفع الجهود المصرية الهادفة إلى استكمال التسوية والتهدئة طويلة الأمد، وعدم ترك الجمهور الصهيوني أسير الصراع السياسي الحزبي وضحية لمزايدات السياسيين.