جدّد مجلس الإفتاء الأعلى في فلسطين تأكيده فتوى حرمة تسريب العقارات والأراضي في مدينة القدس أو أيّ أرض فلسطينيّة أخرى للاحتلال الصّهيونيّ.
وشدّد مجلس الإفتاء خلال جلسته الـ168، برئاسة المفتي العام للقدس والديار الفلسطينية، رئيس مجلس الإفتاء الأعلى الشيخ محمد حسين، على أنّ فلسطين أرض خراجيّة وقفية، يحرم شرعاً بيع أراضيها وأملاكها، أو تسهيل تمليكها للأعداء، فهي تعد من الناحية الشرعية من المنافع الإسلاميّة العامّة، لا من الأملاك الشخصيّة الخاصّة، وفقاً للفتاوى الصّادرة عن علماء فلسطين والعالم الإسلامي.
وقال إنَّ البيع للاحتلال أو التسريب أو تسهيل التمليك من خلال السماسرة المرتزقة، يعدّ خيانة عظمى للدين وللوطن والأخلاق، وإنّ كلّ من يتواطأ في هذه الجريمة هو متآمر على الأرض والقضية والشعب الفلسطيني، وباع نفسه للشيطان، ويجب محاربته على الأصعدة جميعها، والتبرؤ منه عائلياً، بعد ملاحقته أمنياً، ليكون عبرة لكلّ من تسوّل له نفسه أن يتخلّى عن شبر واحدٍ من هذه الأرض المباركة.
وأكّد مجلس الافتاء أنّ كلّ عملية بيع للاحتلال تعتبر لاغية بحكم القانون الدولي، حيث إنّه لا يجوز قانونياً شراء المحتل لأراض أو عقارات تحت الاحتلال، وفقاً للاتفاقات الدولية.
من جهة أخرى، أدان المجلس اقتحامات قطعان المستوطنين اليومية للمسجد الأقصى المبارك، في محاولة منهم لإحلال أمر واقع فيه، وتقسيمه زمانياً ومكانياً بالقوة وتحت تهديد السلاح، على غرار المسجد الإبراهيمي في مدينة الخليل.
وأكد أن المسجد الأقصى المبارك، كان وسيبقى إسلامياً عربياً، رغم أنوف المحتلين، محملاً حكومة الاحتلال، والإدارة الأميركية بالدرجة الأولى، المسؤولية كاملة عن تصاعد التوتر في المنطقة بأكملها، وبخاصة بعد المواقف المنحازة للاحتلال من الرئيس الأميركي، الأمر الذي اعتبر بمثابة ضوء أخضر للاحتلال للإمعان بممارساته التصعيدية بحق الشعب الفلسطيني وأماكن عبادته.
وندَّد المجلس بعزم بلدية الاحتلال على إغلاق مؤسسات وكالة غوث وتشغيل اللاجئين "الأونروا" في القدس المحتلة، ضاربة بعرض الحائط القوانين الدولية والإنسانية كلها، وغير آبهة بالرأي العام الدولي بمؤسساته كافة، الرافض بشكل واضح لإجراءات حكومة الاحتلال التعسفية بحق الفلسطينيين وحقوقهم الإنسانية والوطنية المشروعة.
وأكد أن الاحتلال، بهذا التصعيد غير المسبوق، يقضي على بذور الأمن والسلم في المنطقة، من خلال محاولته القضاء على المؤسسة التي تعتبر شاهدًا على جرائمه، بعد أن طرد أصحاب الأرض الأصليين، وقام بتهجيرهم من أراضيهم قسراً في عام الـ48، ليكونوا أرقاماً على لوائح المؤسسات والجمعيات الدولية، وثمّن صمود مؤسسة الأونروا المعهود بالقدس، وإصرارها على تقديم خدماتها للاجئين الفلسطينيين فيها، رغم ما يفتك بها من تهديدات وقرارات متخبطة من قبل الاحتلال.
وشدد المجلس على ضرورة مواصلة الدعم والمساندة لقرية الخان الأحمر في صمودها أمام الاحتلال، الذي يهدف إلى تقطيع أوصال الوطن، وفرض نكبة فلسطينية جديدة، داعياً الأطر الفصائلية والشعبية كافة إلى التوجه إلى الخان الأحمر وإعلان النفير العام.
من جهة أخرى، ثمّن المجلس موقف منظمة الأونيسكو باعتمادها القرارين (28) و(29)، بعنوان "فلسطين المحتلة"، واللذين ينصّان على أن مسجد بلال بن رباح في بيت لحم، والمسجد الإبراهيمي في الخليل، يشكّلان جزءاً لا يتجزّأ من الأراضي الفلسطينية المحتلَّة، كما أن القرارين يدينان الإجراءات التي تتخذها سلطات الاحتلال، الهادفة إلى تغيير طابع الأراضي الفلسطينية المحتلَّة، ووضعها القانوني، وتركيبتها الديمغرافية، شاكراً كل من يقدم الدعم والمساندة لصيانة التاريخ والتراث والآثار الفلسطينية، والحفاظ عليها في القدس وغيرها من المواقع في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
وفي سياق متصل، جدَّد المجلس دعوته للعالم بمؤسساته وحكوماته للوفاء بالتزاماته تجاه الشعب الفلسطيني وحقوقه الوطنية والإنسانية المشروعة، وتقديم المساندة لمؤسسة الأونروا في إكمال رسالتها الإنسانية المشرفة، واتخاذ موقف واضح فيما يتعلق بالمسجد الأقصى المبارك واقتحاماته اليومية.
وطالب الأمم المتحدة بأن تكون صارمة حيال ما يقع على كاهل الفلسطينيين وحدهم، داعياً الأمم المتحدة إلى عدم الاكتفاء ببيانات التنديد والشجب وحدها، بل العمل الجاد للحد من جرائم الاحتلال على الأصعدة كافة.