27 كانون الثاني 20 - 16:35
"الحركة العالمية لمقاطعة البضائع الأميركية" (BUP)، هي حركة شعبية، تأسست على يد عددٍ من الصحافيين والناشطين في عدد من الدول العربية والإسلامية، وهي تطمح، وفق استراتيجيتها المرسومة للمرحلة المقبلة، للتوسع باتجاه دول أخرى في أوروبا وأميركا وأفريقيا.
انطلقت فكرة الحركة قبل نحو عامين، وتطورت حتى وصلت الآن إلى نحو 13 دولة حول العالم: ماليزيا أندونيسيا تركيا باكستان أفغانستان إذربيجان تونس لبنان فلسطين المحتلة (غزة) سوريا البحرين السعودية وإيران، إضافة الى المكتب المركزي الموجود في بيروت – لبنان.
عملية المقاطعة دورة متكاملة!
يُجمع القيّمون على المشروع على أن العالم لم يعرف استكباراً أشد ظلماً، ولا تجبراً أعتى عدواناً، مثل ما عرفه في عصر تفرد الولايات المتحدة وسيطرتها على موارد القوة والطاقة والاقتصاد، والتي استخدمتها واشنطن لإحكام قبضتها على الدول وإذلال الأمم وتدمير الحضارات والثقافات والعادات.
ويرى مدير "الحركة العالمية لمقاطعة البضائع الأميركية" حمزة الخنسا، في حديثٍ "للميادين نت" أن السلاح الاقتصادي كان الأكثر فعالية بين أسلحة العدو. وهو السلاح الذي استطاعت الولايات المتحدة من خلاله، وفق الخنسا، تكريس هيمنتها على العالم وتحقيق موارد دخل خيالية، لذا فإن الاستعداد والجهوزية للمواجهة في الميدان الاقتصادي من خلال سلاح المقاطعة وتعميمه لتوحيد الطاقات وربط الجبهات هو الخيار الأمثل والأكثر تأثيراً على عصب القوة الأميركية المكوّن من "نسيج المال والأعمال وشبكته المتمركزة في يد كبريات الشركات الأميركية – الإسرائيلية".
فشلت أغلب حملات المقاطعة السابقة، يقول الخنسا، وبالخصوص تلك المتعلقة بالولايات المتحدة الأميركية. ويتابع "لكن نحن نعتقد أن المتغيّرات اليوم على الأرض مرتبطة بتعامل الادارة الأميركية مع المنطقة. لم تتغّير السياسيات الأميركية، بقدر ما تطوّرت وأصبحت أكثر وضوحًا وسفوراً".
ويوضح أن "الشعوب العربية التي دفعت أثماناً باهظة للتدخلات الأميركية وسياساتها، صار لزاماً عليها أن تتحرّك وتقوم بخطوة ما في سياق المواجهة".
وبحسب الخنسا، فإن الشق الاقتصادي من العدوان المُمارَس أميركياً، لا يقل خطورة عن العدوان العسكري والسياسي. ويشير إلى أنّ مواجهته قد تكون أيسر بالنسبة إلى الشعوب، حيث لا تتطلب الجهد الكبير، خصوصاً إذا ما توفّرت الأرضية المناسبة والتوجيه الصحيح، "وهنا يأتي دورنا كحملة مقاطعة البضائع الأميركية".
الخنسا شدد عى أن عملية المقاطعة والدعوة إليها ليست مجرّد ترف ثوري، أو فلكلور نضالي، إنما هي دورة متكاملة (سياسية وثقافية واقتصادية وشعبية) تفرضها الحاجة إلى الحفاظ على الهوية والسيادة الوطنية من جهة، ومواجهة الحرب الاقتصادية التي غالباً ما تريد تحقيق أهداف سياسية.
من هنا، فإن الدعوة إلى مثل هذه الحملات والعمل على إنجاحها لا بد أن يكون منظماً وواضحاً في الأهداف والرؤية، وألا يكون مبني على ردود الفعل اللحظية، والاتكال على عاطفة الجمهور فقط، إلى جانب تحديد المنتجات الوطنية البديلة.
حملة لمقاطعة "الآيفون".. لماذا؟
أطلقت الـ "BUP" في 20 كانون الثاني/يناير الجاري حملة لمقاطعة منتج "الآيفون" الذي تنتجه شركة "آبل" الأميركية. وحول الأسباب الداعية لإطلاق تلك لحملة يوضح الخنسا أن شركة "آبل" استطاعت برأس مال يقدر بـ 100 مليار دولار في عام 2007 أن ترفع من قيمتها بفضل الإقبال الشديد على شراء أنظمة "ios" إلى أكثر من تريليون دولار وأن ترفع ربحها السنوي إلى 50 مليار دولار في عام 2018.
السلاح الاقتصادي كان الأكثر فعالية بين أسلحة العدوان
وبحسب الأبحاث الدقيقة التي أقيمت، فإن المسلمين في الدول الإسلامية يستخدمون أكثر من 115 مليون جهاز "آبل" والتي إذا أضيفت إلى 55 مليون هاتف "آيفون" التي يستخدمها المسلمون حول العالم في الدول الأخرى يكون الحاصل النهائي 170 مليون جهاز، وإذا فرضنا أن متوسط سعر كل جهاز هو 650 دولار فإن القيمة الشرائية لها جميعا تصبح 110 مليار دولار.
وتقسّم الحملة أسباب المقاطعة إلى 3 أقسام: اقتصادية وسياسية وأمنية.
من الناحية الاقتصادية، يشرح الخنسا أن قيمة "أبل" والتي تساوي أكثر من تريليون دولار يجعلها الإقتصاد السادس عشر عالمياً، في حين تستثمر الشركة بعشرات المليارات لنمو الإقتصاد الأميركي (عام 2018 دفعت 55 مليار دولار)، كما أنها تدفع ضرائب بمقدار 38 مليار دولار سنوياً للحكومة الأميركية، وهي أيضاً تستثمر بأكثر من 10 مليارات دولار في شركات معالجة البيانات داخل الولايات المتحدة الأميركية.
واستخدمت شركة "أبل" مهندسين إسرائيليين، حيث افتتحت أكبر مركز لها خارج الولايات المتحدة في مدينة هرتزيليا داخل الأراضي المحتلة، كما يؤكد الخنسا.
سياسياً، يؤكد الخنسا أن شركة "أبل" تؤمّن الحماية المالية للحكومة الأميركية، كما أن الشركة لديها علاقات حارة مع "إسرائيل" عبر شراء شركات تكنولوجيا معلومات إسرائيلية.
ويشير الخنسا، إلى أن أهم الدوافع السياسية للحملة هي تبعيّة "آبل" للسياسات الأميركية بشكلٍ واضح عبر امتناعها عن بيع منتجاتها لمواطني سبع دول تقاطعها الولايات المتحدة وتمنع مواطنيها من دخول أراضيها.
الأسباب الأمنية خلف حملة مقاطعة "الآيفون" تتمثل بشراء شركة "أبل" لشركتي "Anobit" و"Prime sence" الإسرائيليتين، وهي تضع بين يدي هاتين الشركتين ومهندسيها البالغ عددهم 1000، تكنولوجيا تصنيع الذاكرة الداخلية، وتكنولوجيا التعرف على الوجوه. وعبر الإعتماد على الشركات الإسرائيلية لإنتاج مثل هذه الأجزاء الحساسة فإن "أبل" تضع المعلومات التي تخزّن في ذاكرة التخزين الداخلية وصور صاحب الجهاز الذي يستفيد من برنامج التعرف على الوجوه، بين يدي المخابرات الإسرائيلية التي ستستطيع بكل سهولة التعرف ومتابعة كل من يخالفها.
وإذا كان الإقبال المتزايد على هواتف "أيفون" يرجع إلى "الأمن الكبير" الذي توفره هذه الأجهزة والحماية القوية من الإختراق فإنها، وضعت هذه التكنولوجيا بين يدي "إسرائيل" وتسهيلها لعمليات اختراق الأجهزة، تقتل أحد أهم الأسباب لشراء هواتفها.
ويتابع: "مع العلم أن الأبحاث التي أجريت على أمن هواتف الأيفون أثبتت أن مقدار الحماية التي يوفرها الآيفون هي نفسها التي توفرها أجهزة الأندرويد".
غزة: الحملة تساهم في بناء رأي عام معادٍ للسياسات الأميركية
يستعرض مدير "الحركة العالمية لمقاطعة البضائع الأميركية" في قطاع غزة عمار ياسر، التجاوب مع الحملة، مشيراً إلى أنها ما زالت في بدايتها. ويقول ياسر في حديثٍ "للميادين نت" إن هناك من سيقبل الفكرة بشكل تام استناداً لنظرته المسبقة المعادية للسياسات الأميركية ضد القضية الفلسطينية، بالإضافة إلى بعض الأوساط الشبابية والجامعية.
ويتابع: بعض آخر لا مبالي نظراً للظروف السياسية والاقتصادية الصعبة وحالة اليأس فى وسط الكثير، لكن هذا لا يمنع وجود نظرة العامة تجاه الولايات المتحدة كمحور شر هدّام وجزء أصيل داعم لـ"إسرائيل".
المرتكزات التي تنطلق منها الـ"BUP" في غزة كثيرة، لإقناع الرأي العام بضرورة مقاطعة البضائع الأميركية لا سيما منتجات "أبل" عموماً و"الآيفون" خصوصاً. ويذكر منها ياسر النقاشات التي تثيرها ورش العمل الميدانية، وبعض الأنشطة الميدانية الإعلامية، بالإضافة منصات التواصل الاجتماعى، والإذاعات والقنوات المحلية المسموعة والمرئيّة.
ويشدد ياسر على أن الحملة تساهم في بناء رأي عام معادٍ للسياسات الأميركية، لكنها تحتاج إلى ثقافي طويل الأمد. يؤدى تراكمياً، وفق ياسر، إلى إثارة الأسئلة الأساسية حول جدوى الاقتصاد فى تحصين الذات ضد الهجمة المستمرة على القضية الفلسطينية والأمة بشكل عام.
وفي هذا السياق، يعتبر ياسر أن المعوقات تتوقف على أن "العمل تطوعي" بشكله العام، وبالتالي الوصول لجميع الفئات أمر سيستغرق وقتاً، لكنه يؤكد أن "الإيمان بالكلمة أنها فرقان بين نبي وبغي وأن التراكم مقترن بالإيمان التام فى زوال الاستعمار هو السراج الذى سنراه فى نهاية النفق".
تونس: الحملة تقوم بعدّة أنشطة للتعريف بضلوع شركة "أبل" في تمويل سياسات الإدارة الأميركية
في تونس، يؤكد مدير الحركة هناك يحيى محمد، في حديثٍ "للميادين نت" أنه من السّابق لأوانه الحديث على مدى تقبّل الشارع التونسي لحملة "BUP".
ويقول محمد "إنه من خلال معرفتنا للشعب التونسي الأبيّ الذي لطالما وقف مع القضيّة الفلسطينيّة فليس غريباً عليه أن يكون معادياً لسياسات الإدارة الأميركية الاقتصاديّة منها والعسكريّة". ويشير إلى أن الشعب التونسي سيبادر إلى مقاطعة كل البضائع الأميركية لا سيما تلك المتعلقة بشركة "أبل"، شرط أن تقوم الحملة بكل التعريفات اللازمة لهذه البضائع الخبيثة والقاتلة.
وحول تفاصيل مقاطعة هاتف "أيفون" في تونس، يشدّد محمد على أن الأخير يعتبر ركيزة من ركائز الاقتصاد الأميركي.
ويتابع: شركة "أبل" تبيع منتجاتها في كل أنحاء العالم ليس فقط لأغراض ربحية إنّما ومن خلال هذه الشركة تتمّ نقل معلومات وهي بمثابة آلة تجسّس على الشعوب العربيّة والإسلامية في المنطقة وفي العالم".
وقد ثبت، حسب محمد، أنّ هذه الشركة تموّل بعض الوحدات الاستيطانية في فلسطين المحتلّة، وهي أيضاً تقوم بحراسة أغلب المنشآت العسكريّة والأمنية في الأراضي المحتلة وتلك التابعة للولايات المتحدة حول العالم. بناءً عليه، ستقوم الحملة في تونس "بعدّة أنشطة للتعريف بجرائم هذه الشركة وضلوعها في تمويل الإدارة الأميركية لمزيد من التسلّح ونشر الفوضى والإرهاب في العالم".
الشركة تموّل بعض الوحدات الاستيطانية في فلسطين المحتلّة
وبينما يرى أن الحملة ستساهم في تعميق الرأي العام المعادي للسياسات الأميركية في المنطقة نظراً لما قامت به وما تقوم به الآن من جرائم، فإن محمد، يعتبر أن الأمر يتوقف على مدى تعاطي الحملة بأسلوب علمي وموضوعي في استهدافها لكل شرائح المجتمع التونسي من أجل المقاطعة.
مدير الـ"BUP" في تونس الذي يعتبر أن الحملة ما زالت في بدايتها، يضع أولوية لحملته هي "التصدي لبعض الشركات والمؤسسات التي تتبع بعض رجال الأعمال والسياسيين المرتبطين بالإدارة الأميركية".
موقع "الحركة العالمية لمقاطعة البضائع الاميركية" على الانترنت: https://bupcentral.com/#spotlight
المصدر : الميادين نت