لأوَّل مرة منذ العام 2014، تجري اليوم الخميس انتخابات لرئاسة الليكود بين رئيس الحكومة الحالية بنيامين نتنياهو ومنافسه الوحيد غدعون ساعر، فيما يخشى المرشحان أن تعيق الأجواء الماطرة والعاصفة عملية التصويت في 106 صناديق لأكثر من 116 ألف عضو في الليكود.
وقبل ساعات من افتتاح صناديق الاقتراع، قطع نتنياهو خطابًا انتخابيًا بعد دوي صفارات الإنذار في مدينة عسقلان وإعلان الاحتلال أنَّ "القبة الحديدية" أسقطت قذيفة صاروخية أطلقت من قطاع غزة مساء أمس. وقال نتنياهو في أعقاب ذلك إن حركتي "حماس" و"الجهاد الإسلامي" لا تريدان نجاحه في الانتخابات.
أطلق المرشّحان حملة انتخابية على رئاسة الليكود لم يشهدها الحزب منذ نحو خمس سنوات، إذ انتخب نتنياهو لرئاسة الحزب آخر مرة في العام 2014. ورغم أنَّ التقديرات تشير إلى أن نتنياهو سيفوز برئاسة الحزب، فإنه عقد لقاءات انتخابية مكثفة في عدة بلدات في الجنوب، كما عقد ساعر في الأيام الأخيرة عدة لقاءات انتخابية، وأجرى حملة اتصالات هاتفية مع أعضاء الليكود، لكنه لم يستطع تجنيد أعضاء كنيست بارزين من الليكود لحملته.
وتركَّزت جولات نتنياهو الانتخابية في البلدات الجنوبية على عدد إنجازاته السياسية والدبلوماسية والأمنية خلال ولايته في رئاسة الحكومة. في المقابل، شدَّد ساعر على أنه الأكثر قدرة على تشكيل حكومة يمينية بعد الانتخابات البرلمانية المقبلة، وقال إنَّ نتنياهو لن يستطيع تشكيل حكومة، بينما هو قادر على إخراج الليكود من أزمته الحالية ومنع خسارته للحكم.
ولتشجيع أعضاء الحزب على التصويت في ظلِّ حالة الطقس العاصفة والخشية من انخفاض نسبة التصويت، قرر الليكود تمديد ساعات التصويت حتى الساعة 11 مساءً.
ويعوّل نتنياهو على نسب تصويت مرتفعة في البلدات الجنوبية وغير المركزية، وعلى دعم أعضاء الكنيست من الليكود، فيما يعوّل ساعر على نسب تصويت مرتفعة في المدن الرئيسية، وتحديدًا تل أبيب، وعلى دعم أعضاء الليكود في الصناعات الجوية الصهيونية، وخصوصًا أن أحد داعمي ساعر، عضو الكنيست حاييم كاتس، كان رئيسًا لنقابة العمال في الصناعات الجوية لسنوات طويلة.
ويترأس نتنياهو الليكود منذ العام 2005 بعد انشقاق رئيس الحكومة السابق، أريئيل شارون، عن الحزب وتشكيله حزب "كاديما". وفاز شارون على نتنياهو في الانتخابات الداخلية في العام 2002 بحصوله على 56 في المئة، فيما حصل نتنياهو على 40 في المئة من الأصوات.
وفي العام 2005، حصل نتنياهو على 45 في المئة من المصوّتين في الانتخابات على رئاسة الليكود، وحصل منافسه حينها، عضو الكنيست السابق سيلفان شالوم، على 33 في المئة، وعضو الكنيست السابق موشيه فيغلين على 13 في المئة، ووزير الخارجية الحالي، يسرائيل كاتس، على 9 في المئة.
وفي العام 2007، حصل نتنياهو على 72 في المئة من الأصوات، وحصل منافسه فيغلين على 23 في المئة، فيما نال عضو الكنيست السابق وسفير الكيان الصهيوني في الأمم المتحدة، داني دانون، 4 في المئة.
وفي العام 2012، حصل نتنياهو على 77 في المئة من المصوّتين في انتخابات الليكود، فيما حصل منافسه فيغلين على 23 في المئة.
أما في العام 2014، فقد اكتسح نتنياهو الانتخابات على رئاسة الحزب بحصوله على 85 في المئة، ومنافسه دانون حصل على 15 في المئة. وبعد عامين، لم تحصل منافسة على رئاسة الحزب، وبقي نتنياهو المرشح الوحيد.
وتوجَّه نتنياهو إلى أعضاء حزبه في مقال نشرته صحيفة "يسرائيل هيوم"، اليوم الخميس، قائلاً: "أوصلنا دولة إسرائيل إلى إنجازات عظيمة. الاقتصاد يزدهر، التشغيل، الناتج القومي، الدخل الفردي، متوسط الأجور... التصدير، السياحة، الاستثمارات، كلّها وصلت إلى ذروة غير مسبوقة. البطالة في أدنى مستوياتها... جلبنا اعترافًا أميركياً بسيادتنا على الجولان، والقدس كعاصمة لإسرائيل، وقانونية الاستيطان اليهودي... عزَّزنا قوة إسرائيل بشكل غير مسبوق، وجعلناها قوى عظمى".
وأضاف أنه تمكَّن من "لجم إيران في كل الساحات، ولولا ذلك لحصلت على سلاح نووي قبل سنوات"، بحسب تعبيره. وقال: "إننا نمنعها من التموضع في سوريا، ونقرّب إلينا الدول العربية التي تتحدّث علانية عن تطبيع العلاقات والسلام معنا".
ودعا نتنياهو أعضاء الليكود إلى تفويضه مرة أخرى بهدف تحقيق "إنجازات أخرى لم نحلم بها، بينها اعتراف أميركي بغور الأردن، ومعاهدة دفاعية تاريخية مع الولايات المتحدة، وفرض السيادة على المستوطنات، والتحييد النهائي للخطر الإيراني".
وأعلن نتنياهو، أمس الأربعاء، عن نيَّته تقديم خطَّة لبناء 3 آلاف وحدة استيطانيَّة ومناطق صناعية جديدة في مستوطنات الضفة الغربية. وجاء هذا الإعلان قبل ساعات من الانتخابات الداخلية على رئاسة حزب الليكود.
ويسعى نتنياهو من خلال هذا الإعلان إلى الحصول على دعم أعضاء الليكود في المستوطنات، حيث نجح منافسه على رئاسة الحزب ساعر في استمالتهم والحصول على دعم نسبة عالية من منتسبي الليكود في المستوطنات.
وذكرت صحيفة "يسرائيل هيوم"، أمس الأربعاء، أنَّ القرار الّذي أعلن عنه نتنياهو خلال حملته الانتخابية لرئاسة الليكود، سيقدّم خلال الأسبوعين القادمين للمصادقة عليه من قبل المجلس الأعلى للتخطيط.
وكرَّر نتنياهو التعبير عن رغبته وعزمه على ضم غور الأردن وشمال البحر الميت، وشدَّد في حديث لإذاعة الاحتلال الصهيوني، أمس الأربعاء، على أنه ينوي التوجّه إلى الولايات المتحدة وحثّها على "الاعتراف بالسيادة الإسرائيلية على جميع التجمعات والبؤر الاستيطانية في الضفة الغربية".
وقال: "إنني أعتزم استصدار اعتراف أميركي بسيادتنا في غور الأردن وجميع التجمعات الاستيطانية في يهودا والسامرة (الضفة المحتلة)، كما جلبت في السابق اعترافًا أميركيًا على سيادتنا في مرتفعات الجولان، والقدس عاصمة لإسرائيل. لديَّ القدرة على التأثير في الجمهور الأميركي على أقل تقدير".
وشدَّد نتنياهو على أنه يعتزم ضمّ غور الأردن "بالتأكيد" خلال المستقبل القريب، وقال: "خلال فترة الانتخابات، هناك مشكلة قانونية للقيام بذلك في ظلّ حكومة انتقالية، لكنني سأفعل ذلك فور انتخابي".
في المقابل، كتب ساعر في الصحيفة ذاتها إنَّ الانتخابات اليوم مصيرية لليكود والكيان الصهيوني. وقال: "بعد أن خسرنا الأغلبية في الكنيست لأوَّل مرة منذ عقد، وفشلنا في تشكيل حكومة مرتين، فإنَّ التغيير بات ضروريًا. إذا لم نقم اليوم بتغيير في قيادة الليكود، فإنَّ الخطر الكبير هو أن نخسر الحكم لخصومنا من اليسار".
وأضاف: "الاستطلاعات تثبت باستمرار أنَّني الوحيد الذي بمقدوره زيادة حجم معسكر اليمين وتشكيل حكومة ليكودية قوية...". وتابع: "يجب تحرير الدولة من العذابات المستمرة بسبب الجولات الانتخابية غير المنقطعة، وإتاحة المجال بشكل نهائي لمعالجة التحديات... مثل التربية والصحة ومشكلة غزة".