تتواصل الأزمة السياسية التي انزلق إليها النظام السياسي الصهيوني منذ عام تقريباً، إذ تقترب المهلة المتاحة لتشكيل حكومة من الانتهاء، فيما يتصلَّب جميع الفاعلين السياسيين كلٌّ على موقفه، ما قد يدفع الكنيست إلى حلّ نفسه تلقائيًا صباح الأربعاء المقبل، ويجعل بالتالي احتمال إجراء انتخابات ثالثة في آذار/ مارس أقرب إلى الواقع.
وقد أعلن رئيس حزب "ييش عتيد" يائير لبيد، أمس الإثنين، المرشح الثاني على قائمة "كاحول لافان"، أنه سيتنازل عن اتفاق التناوب على رئاسة الحكومة الذي اتحد بموجبه مع حرب "مناعة لإسرائيل" لخوض الانتخابات في نيسان/ أبريل الماضي، كما أكدت الكتلة أنها تخوض الانتخابات المقبلة موحدة ضمن الكتلة نفسها التي خاضت الانتخابات لاختيار الكنيست الـ21 والـ22.
في المقابل، أكَّد مسؤولون في حزب الليكود أنَّ رئيس الحكومة الصهيونية المتهم بقضايا فساد بنيامين نتنياهو لن يتنازل عن طلب الحصانة، في ظل دعوات غانتس له للتنازل عن الحصانة لتشكيل حكومة وحدة منعاً لإجراء انتخابات ثالثة في أقل من عام، وذلك مع اقتراب انتهاء مهلة الـ21 يوماً الممنوحة للكنيست لتكليف أحد أعضائها بتشكيل الحكومة.
وقال لبيد في اجتماع لكتلة "كاحول لافان": "نحن جميعاً في كاحول لافان متحدون خلف غانتس؛ مرشحنا لرئاسة الحكومة. أنا لا أعلن عن تنازل. إنه لشرف عظيم أن أكون جزءًا من كاحول لافان"، وما إن أعلن لبيد عن تنازله عن التناوب مع غانتس، حتى ألغى كل من الليكود "ويسرائيل بيتينو" الذي يتزعمه أفيغدور ليبرمان اجتماعين منفصلين لكتلتيهما البرلمانية.
يُشار إلى أنَّ قائمة "كاحول لافان" هي تحالف بين ثلاثة أحزاب، هي "ييش عتيد" برئاسة يائير لبيد، وحزب "مناعة لإسرائيل" برئاسة غانتس، وحزب "تيلم" برئاسة موشيه يعالون.
وبينما نقلت القناة 12 الصهيونية عن مسؤولين في الليكود أنَّ نتنياهو لن يتنازل عن طلب الحصانة باعتبارها "حقّاً صريحاً تمنحها الهيئة التشريعية"، تجاهل الأخير، بدوره، دعوات غانتس، ودعا ليبرمان إلى خوض مفاوضات مكثفة لتشكيل حكومة "وطنية"، في إشارة إلى حكومة "يمين ضيقة".
ولم يفوّت غانتس اجتماع كتلة "كاحول لافان" من دون أن يهاجم نتنياهو، قائلاً: "ادَّعى نتنياهو خلال حملته الانتخابية أنّ جميع الملفات ستنهار مثل برج من بطاقات الورق، وسرعان ما استيقظنا على ثلاث تهم خطيرة موجهة ضده... لقد جلسنا عشرات الساعات في غرف التفاوض، وبقي نتنياهو متمترساً خلف مع الشعار نفسه. مجرد كلمات عن الحصانة والتناوب وإعلان التعذر عن القيام بمهامه رئيساً للحكومة".
وكرَّر غانتس التفاؤل الذي عبّر عنه بالأمس، رغم الوقت المتاح لتشكيل الحكومة (48 ساعة تقريبًا)، وأضاف: "رغم ذلك، حتى اليوم، لم تنته الفرص لمنع انتخابات باهظة الثمن وغير ضرورية. يجب على نتنياهو أن يضع إسرائيل على سلم أولوياته وأن يتحرك. أدعو نتنياهو مجدداً، وأكرر ما قلته لك ولمندوبيك منذ اليوم الأول للمفاوضات - إذا تخليت عن الحصانة، فنحن شركاء في مفاوضات مشتركة".
في المقابل، قال نتنياهو مخاطباً قيادة "كاحول لافان": "غانتس ولبيد، كفى مع كل هذه المراوغات المكشوفة التي تهدف إلى صرف الانتباه عن رفضكم تشكيل حكومة وحدة وطنية واسعة من شأنها إقامة تحالف دفاعي مع الولايات المتحدة وضم أجزاء كبيرة من يهودا والسامرة (الضفة الغربية المحتلة)".
وادَّعى نتنياهو أنَّ ليبرمان هو الشخص الوحيد الذي يستطيع في هذه المرحلة منع إجراء انتخابات ثالثة تبدو وشيكة أكثر من أي وقت مضى، ووجَّه له رسالة قال فيها: "لأن لبيد وغانتس يصران على رفض التعامل مع التحديات، ويدوران في حلقات جوفاء، هناك خيار واحد ووحيد لمنع إجراء انتخابات غير ضرورية. أحث أفيغدور ليبرمان على الدخول في مفاوضات سريعة خلال الـ 48 ساعة المتبقية لتشكيل حكومة وطنية قوية لإسرائيل".