حذَّر المستشار القضائي للحكومة الصّهيونيّة أفيحاي مندلبليت رئيسَ الحكومة الصهيونية المنتهية ولايته بنيامين نتنياهو من تداعيات ضم غور الأردن على الكيان الصهيوني في المحافل القضائية الدولية، مشدداً على أن إعلان الضم قد يؤدي إلى فتح تحقيقات جنائية ضد رؤساء مجالس استيطانية وضباط في قوات الاحتلال.
وخلصت المباحثات التي عقدت خلال الفترة الماضية في مكتب المستشار القضائي للحكومة الصهيونية إلى أنه لا يوجد مانع قانوني (بموجب قوانين الاحتلال الصهيوني) قد يحول دون إعلان حكومة صهيونية دائمة عن ضم غور الأردن في الضفة الغربية المحتلة.
وحذّر الخبراء القانونيون في مكتب مندلبليت من تداعيات إعلان الضم على مجرى التحقيقات التي تجريها المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية، فاتو بنسودا، حول "النشاطات الإسرائيلية في الضفة المحتلة".
وأشارت المشاورات القانونية، حسبما أورد الموقع الإلكتروني لصحيفة "هآرتس"، إلى أنَّ إقدام الحكومة على إعلان ضم غور الأردن إلى سيادة الاحتلال قد يقوّض الجهود التي يقودها نائب مستشار القانون الدولي روعي شيندورف، ومجلس الأمن القومي الصهيوني، والمؤسسة الأمنيّة، لتجنب المساعي الرامية إلى إدانة الكيان الصهيوني في الساحة القانونية الدولية.
وحذّر مكتب المستشار القضائي للحكومة من أنَّ "الحكم الأوروبي بشأن وسم منتجات المستوطنات سيكون مجرد البداية"، وأضاف أنَّ ذلك سيعرض الكيانات الصهيونية العاملة في الضفة الغربية للتحقيقات الدولية، بما في ذلك رؤساء السلطات الاستيطانية.
وكرَّر نتنياهو، في الأشهر الأخيرة، تصريحات حول فرض "سيادة إسرائيل" على غور الأردن وشمال البحر الميت. وأخذت هذه التصريحات منحى تصاعديًا بعد الإعلان الأميركي الداعم للمستوطنات الصهيونية في الضفة الغربية المحتلة. واعتبرت هذه التصريحات ضمن سياق حملة نتنياهو الانتخابية، لكن قادة كتلة "كاحول لافان"، وفي مقدمتهم رئيسها بيني غانتس، أعلنوا عن تأييدهم لخطوة كهذه.
وصرّح نتنياهو خلال مشاركته في مؤتمر عقدته صحيفة "مكور ريشون"، أمس الأحد، بأنَّه "حان الوقت لضم الأغوار وتسوية أوضاع المستوطنات الأخرى في الضفة داخل الكتل الكبيرة وخارجها"، وأضاف: "مثلما أردت اعترافاً أميركياً بسيادتنا في هضبة الجولان، أريد اعترافاً أميركياً بسيادتنا على غور الأردن. حان الوقت لفرض السيادة الإسرائيلية على غور الأردن".
وتابع: "الإدارات الأميركية قالت لي فيما يتعلَّق بيهودا والسامرة (الضفة الغربية المحتلة) إنَّه لن يهدم حجر واحد (في إشارة إلى المستوطنات)، وقد تصديت للضغوط، ولم نقتلع أحداً، ورفعنا عدد السكان".
وكانت بنسودا قد أعربت يوم الخميس الماضي عن قلقها بشأن خطط الحكومة الصهيونية بضم غور الأردن، واعتبرت أنه حان الوقت لاتخاذ الخطوات اللازمة لتصل التحقيقات الأولية التي يجريها مكتبها بشأن جرائم الحرب "المزعومة" في الضفة الغربية إلى نهايتها.
جاء ذلك في التقرير الذي يصدره مكتبها عن الأنشطة المتعلقة بالتحقيقات الأولية للعام 2019، ويستعرض حالة النزاعات المختلفة التي فتح مكتبها فيها تحقيقات أولية. وكتبت بنسودا أنها "تتابع بقلق المقترحات المقدمة خلال العملية الانتخابية الأخيرة التي ستعرض على الكنيست بشأن ضم إسرائيل لغور الأردن في الضفة الغربية".
وقالت بنسودا: "المكتب ركَّز في تحليله على جرائم الحرب المزعومة المرتكبة في الضفة الغربية، بما في ذلك القدس الشرقية، منذ 13 حزيران/ يونيو 2014"، وأضافت: "وفي هذا الصدد، فإنَّ المكتب جمع معلومات عن مختلف أنواع الإجراءات المزعومة، وقام بتحليلها، مع التركيز بشكل خاص على الأنشطة ذات الصلة بالاستيطان التي مارستها السلطات الإسرائيلية التي يُزعم أنها ترقى إلى مستوى الجرائم بموجب المادة 8 من النظام الأساسي".
وأشارت إلى أنه "منذ العام 1967، تشير المعلومات المتاحة إلى أنَّ الوجود المدني الإسرائيلي في الضفة الغربية والقدس الشرقية قد نما إلى نحو 600 ألف مستوطن يعيشون في 137 مستوطنة تعترف السلطات الإسرائيلية بها رسمياً، بما في ذلك 12 حياً إسرائيلياً كبيراً في الجزء الشرقي من القدس، ونحو 100 مستوطنة غير مرخّصة أو بؤر استيطانية".
وأوضحت أنَّ مكتبها "واصل أيضاً تلقّي معلومات تتعلق بجرائم أخرى يزعم أنَّ السلطات الإسرائيلية ارتكبتها في الضفة الغربية، بما في ذلك القدس الشرقية، والتي قد تندرج ضمن نطاق المادة 7 من النظام الأساسي بشأن الجرائم ضد الإنسانية، والتي تتعلَّق باضطهاد المدنيين ونقلهم وترحيلهم، فضلاً عن جريمة التمييز العنصري".