انتهت دراسة ألمانيَّة إلى أنَّ الصحّة الذهنية للكثير من النساء تتأثَّر بشكل ملحوظ في السّنوات التالية للولادة.
وأظهرت الدراسة التي أجراها المعهد الألماني لأبحاث الاقتصاد (دي. آي. دبليو)، ونُشِرَتْ في برلين، أنَّ ما يقارب واحدة من كلّ ثلاث نساء، بنسبة 29.5 في المئة، عانت تدهوراً كبيراً في صحّتها الذهنية في السنوات السبع الأولى من الأمومة.
وتثبّت الباحثون من التأثير المعاكس، إذ أوضحت الدراسة أنَّ نحو واحدة من كلّ خمس نساء (19 في المئة) شعرت بتحسّن ملحوظ في السنوات التالية بعد السنوات السبع.
وشملت الدراسة أسئلة عن عدد مرات انسحاب النساء بسبب المشاكل النفسية، والمرات التي شعرن فيها بالإحباط، وتلك التي شعرن فيها بالتوازن، أو أحسسن فيها بالنشاط والحيوية.
وأظهرت الدّراسة تدهوراً في الصحة الذهنية للنساء اللاتي ليس لديهن أطفال، ولكن بدرجة أقل من النساء الأمهات، وأوضحت أنّ تدهور الصّحّة الذهنية للأمهات ظهر بشكل خاص في الفترة الممتدة بين السنتين الرابعة والسابعة بعد الولادة.
ويقول ماركو جيسلمان من معهد دي. آي. دبليو: "نحن نفسّر ذلك بأنَّ الصّورة النّمطيّة للأمّ العاملة في هذه المرحلة تصبح مضطربة، وأنَّ هذه المرحلة تشهد علاقة متوتّرة واضطرابات مرتبطة بالصّحَّة".
وأعلن المعهد أنَّ من الممكن تخفيف أعباء الأمهات، من خلال توسيع نطاق قطاع رعاية الأطفال وإلغاء ضريبة الدخل المشتركة للزوجين. واستندت الدراسة إلى بيانات لجنة مختصَّة بالشؤون الاجتماعية والاقتصادية في الفترة بين 2002 و2016، جمعت خلالها معلومات عن دخل 15 ألف أسرة في ألمانيا وتعليمها وصحّتها، وكان الدافع للدراسة نقاش أثير في العام 2015 حول موضوع "الندم على الأمومة".
وأكَّدت أنّ الحمل وإنجاب الأطفال يمكنهما أن يتركا أثراً دائماً في الدماغ، ويؤثرا في كيفية استجابتهن للعلاجات الهرمونية في وقت لاحق من حياتهنّ.
وتوصّلت الدراسة التي قادتها الدكتورة ليزا غاليا، وهي اختصاصية في دراسة العلاقة السلوكية بين الجهاز العصبي وجهاز الغدد الصماء، في جامعة بريتيش كولومبيا، إلى أنَّ الإنجاب يؤثر بشكل دائم في دماغ المرأة، لأن ارتفاع الهرمون الجنسي النسائي خلال الحمل يؤثر في تطوّر أجزاء أساسية في الجهاز العصبي المركزي.
وأوضحت غاليا قائلةً: "بحثنا يظهر أنَّ الأمومة تغيّر الإدراك والمرونة العصبية لدى الاستجابة للعلاج الهرموني، ما يعني أنَّها تغيّر الدماغ بشكل دائم"، مضيفة: "الهرمونات لديها تأثير عميق في الدماغ، فالحمل والأمومة حدثان يغيّران حياة المرأة من حيث إحداثهما تغييرات نفسية وعضوية لديها".