في نهاية تشرين الثاني/ نوفمبر،يصادف هذا العام غداً الجمعة 29 تشرين الثاني/ نوفمبر، تطلّ علينا "الجمعة السوداء "(Black Friday)، بعروضاتها التسويقيّة المضلّلة، وبحملات أسعار تبدو وكأنها تنزيلات، لكنَّ الحقيقة تقول عكس ذلك، إذ يتأهَّب عشاق التسوق للانقضاض على سلعٍ وبضائع كانت على رفوف المتاجر وبالأسعار نفسها على مدار كل السّنة، لكنّ بدهاء التسويق وزيفه يحتال الباعة على المستهلكين، من خلال رفع أسعار البضائع قبل شهر من موعد الجمعة السّوداء، ثمّ خفضها يوم انطلاق هذا اليوم، وفقًا لما صدر عن دراسات في موضوع التخفيضات التجاريّة.
ما سبب التسمية؟
الحدث السنويّ الذي ينتظره الملايين بمختلف الدول بدأ في الولايات المتحدة الأميركية في العام 1869، وينظّم حالياً في عدد كبير من الدول الأوروبية والشرق الأوسط. وبحسب موقع "بيزنس إنسايدر" الأميركي، فإن تسمية اليوم بهذا الاسم ترجع إلى أنَّ المخازن كانت تُفتح في وقت باكر في هذا الوقت، وتقدم مبيعات مختلفة، وغالبًا ما يطغى اللون الأسود عليها.
كيف بدأ هذا اليوم؟
الأصل التاريخي لفكرة التخفيضات في هذا اليوم ترجع إلى 24 أيلول/ سبتمبر 1869، نتيجة الركود الاقتصادي والتضخّم. وقد أثّر ذلك في قيمة العملة والأسهم، بسبب زيادة المنتجات، وعدم رغبة المستهلكين في الشراء. وجاء هذا اليوم لتنخفض قيمة الأسهم 20%، فتوقفت التجارة الخارجية، وعانى المزارعون انخفاضاً بنسبة 50% من قيمة محصول القمح والذرة لتغطية الخسائر، الأمر الذي أجبر أصحاب المحلات التجارية والسلع على بيع بضائعهم بأقل من ثمنها. ومع مرور الأيام، اعتاد التجار تقديم تخفيضات كبرى على بضائعهم في مثل هذا اليوم كل عام لتذكّر هذه الأزمة.
الظروف المُخطّطة توقعك في الفخّ!
في بعض الأحيان، تقوم بعض المتاجر باستباق الموقف قبل قدوم "الجمعة السوداء" التي تعتبر مقدمة حركة العطلات العالمية، فتقوم برفع أسعار المنتجات والبضائع عن سعرها المعتاد. وعندما تأتي "الجمعة السوداء" بالتخفيضات الكبيرة المعتادة، تقوم المتاجر بخفض الأسعار مرة أخرى، لتعود إلى سعرها الأصلي الأول أو بسعر أقل قليلًا، بحيث لا تزيد أحيانًا نسب الخصومات الفعليّة على 10%.
وأغلب مواقع التجارة الرقمية الآن تستخدم ملفات تعريف الارتباط المسمّاة "Cookies" بهدف تتبّع زوّارها الإلكترونيين. هذه الملفات الصغيرة دورها تتبّع البضائع التي تقوم بتصفّحها عادةً، وتتبّع أيضًا "عادات الشراء" الخاصة بك. لذلك عندما تعود إلى المتجر الرقميّ من وقت إلى آخر، تجد نفسك مباشرةً أمام المنتجات التي اعتدت تصفّحها وشراءها.
وفي العديد من المتاجر الرقمية، ستجد عدًّا تنازليًا تستخدمه هذه المتاجر في صفحتها الرئيسية خلال هذا اليوم دائمًا، لإشعار المستهلك بأنَّ الوقت يمرّ سريعًا، وأنّهُ إذا لم يستدرك ويشترِ في أقرب فرصة، فستفوته عروض مميّزة لن تتكرَّر طوال العالم، وهذه الحالة معروفة بين المسوّقين باسم "فومو "(FOMO)، وهي اختصار لجملة "الخوف من أن يفوتك شيء " (The Fear Of Missing Out)، وهي تعتبر من أهمّ التكتيكات التي تركّز عليها المتاجر التقليدية والرقميّة في يوم الجمعة السوداء تحديدًا.
ورغم أنّ الأمر لا يحتاج إلى كلّ هذا التّوتُر، ففي الواقع، الكثير من المناسبات خلال العام تضمّ تخفيضات كبيرة وممتازة أيضًا، ما يعني أنَّ فكرة أن "الجمعة السوداء" هي اليوم الّذي يضمّ صفقة العام بأكمله ليست صحيحة بالمطلق.