كشفت دراسة حديثة أجراها باحثون في جامعة ساو باولو في البرازيل، وستُعرض نتائجها أمام المؤتمر السنويّ لجمعية الطبّ الإشعاعيّ في أميركا الشمالية، الَّذي سيُعقد في الفترة بين 1 و6 كانون الأول/ ديسمبر القادم في مدينة شيكاغو الأميركية، أنَّ السمنة المفرطة في مرحلة المراهقة قد تحدث تلفًا في مناطق مهمة في الدماغ مسؤولة عن التحكّم بالعواطف.
وأجرى الفريق فحوصات على أدمغة 95 من المراهقين الذين يعانون السمنة المفرطة، و61 آخرين أصحاء، وتراوحت أعمار المشاركين بين 12 و16 عامًا. وتتبَّع الباحثون انتشار المادة البيضاء التي تحمل الإشارات في الدماغ لرصد التلف الذي يصيب خلايا المخ باستخدام تقنية للتصوير بالرنين المغناطيسي.
وأوضح الباحثون أنَّ السمنة تسبّب الالتهاب في الجهاز العصبي الَّذي قد يؤدي إلى تلف مناطق مهمَّة من الدماغ نتيجة الخلل الذي يسببه الوزن الزائد.
واستخلص الباحثون مقياسًا يسمى "تباين الكسر" يرتبط بحالة المادة البيضاء في المخ، ويدلّ الانخفاض في مقياس تباين الكسر على زيادة الضرر في المادة البيضاء، وهي النسيج الَّذي تمر عبره الرسائل بين مناطق مختلفة من المادة الرمادية داخل الجهاز العصبي المركزي في المخ.
وأظهرت النتائج انخفاضًا في مقياس "تباين الكسر" لدى المراهقين الذين يعانون السمنة المفرطة في المناطق الواقعة في الجسم الثفني، وهو أكبر مجموعة من المادة البيضاء في الدماغ، كما أنه عبارة عن مجموعة من الألياف العصبية التي تربط بين النصفين الأيمن والأيسر للمخ.
كما وجدوا أيضًا أنَّ المصابين بالسمنة المفرطة يعانون ضرراً في منطقة التلفيف المداري الوسطى، وهي منطقة في الدماغ مرتبطة بالتحكم العاطفي ودائرة المكافآت، مقارنة بالمجموعة الأخرى.
وقالت قائدة فريق البحث، الدكتورة باميلا بيرتولازي، إنَّ "التغيرات في الدماغ تم رصدها لدى المراهقين الذين يعانون السمنة المفرطة، وتحديداً في المناطق المهمة المسؤولة عن السيطرة على الشهية والعواطف والوظائف المعرفية".
وأضافت: "يرتبط هذا النمط من الضرر ببعض العلامات الالتهابية، مثل الخلل في هرمون اللبتين، وهو هرمون تصنعه الخلايا الدهنية ويساعد في تنظيم مستويات الطاقة ومخزون الدهون. لدى بعض الأشخاص الذين يعانون السمنة المفرطة، يتسبب هذا الخلل بالاستمرار بتناول الطعام على الرغم من عدم حاجة الجسم إلى مزيد من الدهون".
وأشارت بيرتولازي إلى أنَّ "هذا الخلل يرتبط أيضًا بمستويات الأنسولين، وهو هرمون ينتج في البنكرياس يساعد في تنظيم مستويات السكر في الدم. ويعاني الأشخاص الذين يعانون السمنة المفرطة في كثير من الأحيان من مقاومة الأنسولين، وهي حالة يكون فيها الجسم مقاومًا لآثار الهرمون، ويقودهم ذلك إلى الإصابة بمرض السّكري".
وكشفت منظَّمة الصحّة العالميَّة، في أحدث تقاريرها، أنَّ أكثر من 42 مليون طفل دون سنّ الخامسة كانوا يعانون فرط الوزن في العام 2016.
وذكرت أنَّ سمنة الطفولة من أخطر المشكلات الصحية في القرن الحادي والعشرين، ومن المحتمل أن يتحوّل الأطفال ذوو الوزن المفرط إلى مصابين بالسمنة عند الكبر. ومن المحتمل أيضاً أن يصابوا أكثر من غيرهم بالسكري وأمراض القلب في سنّ مبكرة، ما قد يؤدي إلى وفاتهم وإصابتهم بالعجز في مراحل مبكرة.