ألقى الرئيس البوليفي المستقيل تحت ضغط الجيش، إيفو موراليس، أمس الثلاثاء، كلمة في المكسيك التي وصل إليها بعد حصوله على لجوء سياسي فيها، أكَّد فيها أنه غادر بلاده لأنَّ حياته كانت مهدّدة.
وقال الرئيس المدني المستقيل في مؤتمر صحافي إنه أُجبر على مغادرة بوليفيا تحت ضغط تهديده بانقلاب عسكري، قائلاً: "ظننت أننا انتهينا من التمييز العنصريّ والإذلال، لكن ظهرت مجموعات جديدة لا تملك احتراماً للحياة"، مشيراً إلى أنَّ معارضيه اليمينيين يمارسون العنصرية ضدّه كأول رئيس للبلاد من الأغلبية الأصلانية.
وشدَّد على أنه إذا كان مداناً بأيّ جريمة خلال فترة حكمه الممتدة منذ العام 2006، فهي كونه أصلانياً و"معادياً للاستعمار"، فيما انتهزت النائب الثانية لرئيس مجلس الشيوخ البوليفي جانين آنيز، فرصة استقالة موراليس لتنصيب نفسها رئيسة انتقالية للبلاد الثلاثاء خلال انعقاد جلسة للكونغرس بشكل مخالف للقانون.
واستُدعي النواب إلى جلسة للمصادقة على استقالة الرئيس إيفو موراليس الأحد، وتأكيد تعيين آنيز البالغة من العمر 52 عاماً رئيسة انتقالية، بهدف إنهاء حالة الفراغ في السلطة.
وقالت آنيز في كلمة أمام الكونغرس، بحضور النواب المعارضين لموراليس فقط: "نريد أن ندعو إلى انتخابات جديدة بأسرع ما يمكن"، بعد أن كانت قد أعلنت نفسها في وقت سابق رئيسة لمجلس الشيوخ.
وأضافت: "إنه التزام أمام البلاد قطعناه على أنفسنا، وطبعاً سنحققه".
وأشارت آنيز، عضو مجلس الشيوخ عن دائرة بيني الشمالية الشرقية، إلى أنّ هناك "حاجة لخلق مناخ من السلم الاجتماعي".
وبعد الجلسة، قام كارلوس ميسا، المرشح الذي هزمه موراليس في انتخابات 20 تشرين الأول/ أكتوبر الرئاسية، بتهنئة آنيز في تغريدة على "تويتر".
كما أعلن الزعيم المعارض لويس فيرنانديز كاماتشو إلغاء الإضرابات وعمليات الحصار التي كان قد دعا إليها قبل ثلاثة أسابيع احتجاجاً على إعادة انتخاب موراليس.
وآنيز مخولة وفق الدستور لتولي الرئاسة بعد نائب الرئيس ورئيسي مجلس الشيوخ ومجلس النواب في الكونغرس الذين استقالوا جميعاً معها، لكنها لم تُكمل العملية القانونية من أجل القيام بإجراء كهذا.
وأحدثت الاستقالات الجماعية فراغاً في السلطة بعد أسابيع من الاحتجاجات الشعبية والعنيفة التي تلت انتخاب موراليس لولاية رئاسية رابعة.
وفي سياق متصل، دعا الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو، الثلاثاء، الجيش في بوليفيا إلى إعادة موراليس إلى السلطة، مشيراً إلى أنَّ الوضع في بوليفيا "قد يؤدي إلى حرب أهلية"، وهو أمر عبّر عنه عدّة محللين يساريين خلال اليومين الماضيين، وخصوصاً أنَّ الآلاف من منصاري موراليس، ومعظمهم من الطبقات المسحوقة والأصلانيين، خرجوا إلى الشوارع رفضاً لـ"الانقلاب" عليه، في مواجهات مع الأجهزة الأمنية.
وقال مادورو في اجتماع لدعم موراليس في كراكاس: "أتوجه إلى القيادة العسكرية العليا في بوليفيا: كونوا على دراية بما تفعلونه".
وتابع: "قائدكم الأعلى من خلال النظام الدستوري وتصويت الشعب يدعى إيفو موراليس آيما، وعليكم إعادته إلى السلطة".
وأضاف: "لا تقمعوا الناس. لا تقتلوا الناس".
وواجه الزعيم اليساري الفنزويلي موجة اضطرابات شعبية في بلاده منذ العام 2014 خلفت أكثر من 200 قتيل، وسط أزمة اقتصادية خانقة أجبرت الملايين على الفرار.
وقال مادورو إنَّ موراليس أُجبر على الاستقالة "بمسدس مصوّب إلى رأسه، وهو مهدّد بالموت" بعد أن سحبت قوات الأمن دعمها له بعد أسابيع من الاحتجاجات المناهضة للحكومة.
تجدر الإشارة إلى أنَّ موراليس الذي جاء إلى السلطة عبر انتخابات ديمقراطية في العام 2006، هو أول رئيس أصلاني لشعب بوليفيا الذي يتكون من أغلبية أصلانية ساحقة، بعد أن حُكمت البلاد على يد الأوروبيين وأسلافهم منذ الاستعمار الإسباني.
ونجح حزبه "حركة نحو الاشتراكية" أثناء وجوده في منصب في تقليل الفقر بنسبة 42 بالمئة، والفقر المدقع بنسبة 60 بالمئة، وخفض البطالة إلى النصف، وأجرى عدداً من برامج الأشغال العامة المثيرة للإعجاب.
ورأى موراليس نفسه كجزء من موجة مفكّكة الاستعمار في جميع أنحاء أميركا اللاتينية، ورفض النيوليبرالية، وأمّم الموارد الرئيسية للبلاد، وأنفق العائدات على الصحّة والتعليم والغذاء بأسعار معقولة للسكّان.