يقضي الأشقّاء الأربعة من عائلة دياب، محمد (29 عامًا) وأحمد (توأمه)، وبلال (27 عامًا)، وأخوهم الأصغر سعيد (19 عامًا)، الذين يقطنون جميعًا في مخيم البريج وسط قطاع غزة، جلَّ أوقاتهم في علاج إصابات سيقانهم جراء إطلاق النار عليهم من قبل الاحتلال الصهيوني أثناء مسيرات العودة التي انطلقت في آذار/ مارس الماضي في قطاع غزة.
أجرى سعيد حتّى الآن خمس عمليات جراحية في قدميه، ولا يزال يضع المثبّتات الطبية (القضبان المعدنية) الخارجية والداخلية في قدمه اليسرى، ويمشي بواسطة كرسي متحرك، بعد أن أصيب في اليوم الأول لبداية مسيرات العودة في غزة برصاص متفجّر تسبَّب في تفتّت العظم في ساقيه.
ونظرًا إلى حجم الآلام الكبيرة التي سبَّبتها الإصابة، والوقت الذي استهلكته العمليات الجراحية ومسارات العلاج، لم ينجح سعيد في الحصول على شهادة الثانوية العامة. يقول سعيد لوكالة "الأناضول": "فقدت سنة من عمري بسبب الإصابة، لكنني مصمّم على إعادة العام الدراسي. الأهم الآن أن أعود إلى المشي من دون هذا الكرسي"، ويؤكّد: "نعم، لم أستطع أن أنجح بسبب الإصابة والعلاج".
أمّا التوأمان أحمد ومحمد وشقيقهم بلال، فقد أصيبوا ثلاثتهم في 11 أيار/ مايو الماضي، ما استدعى إجراء أربع عمليات جراحية في قدم بلال اليمنى، فيما يعاني محمد كسراً في ركبته اليسرى بعد أن أصابته رصاصة صهيونية بشكل مباشر في ركبته. أمّا أحمد، شقيقه التوأم، فأصيب برصاصة متفجّرة في فخذه الأيمن، استلزمت قيامه بأربع عشرة عملية جراحية بسبب خطورة وضعه، وفقًا لما ذكره لوكالة الأناضول.
ويسكن محمَّد، وهو المتزوّج الوحيد بين أشقائه الأربعة، في شقَّة صغيرة مستأجرة مع زوجته وابنته الصغيرة التي لم تتجاوز العامين من عمرها. وكان يعمل قبل إصابته في مصنع للحجارة، وها هو اليوم يقف عاجزًا عن العمل متخوّفًا من أن تمنعه إصابته من العمل مجدّدًا.
وكذلك يتخوّف شقيقه أحمد، الذي يعمل معه في المثنع، وبلال، الذي انخرط في مهنة البناء، من ألّا يستطيعوا معاودة العمل الذي يوفّر لهم لقمة العيش، وهو العمل الذي يحتاج الوقوف ساعات طويلة وسرعة في الحركة، وهو ما تحرمهم منه إصاباتهم.
يقول محمد لـ "الأناضول": "الإصابة أثرت في حياتنا. لم نعد إلى أعمالنا بعد، فقدنا مصدر الدخل الأساسي".
وفي ساعات الليل المتأخرة، تتسلَّل أنّات الشبان المصابين إلى غرفة والدتهم - التي يعتمد عليها ثلاثتهم في كل تفاصيلهم الحياتية اليومية - ما يدفعها إلى الإسراع إليهم للتخفيف من آلامهم، وإن كان بالدعاء والتضرع لله رغبةً وطلبًا لتخفيف وطأة الوجع عليهم. يقول سعيد إنّ "كل ما نحتاجه من أصغر تفاصيل الحياة تلبّيه لنا الوالدة".
وتقول الوالدة مروة عياش لـ "الأناضول": "أشعر بغصَّة في قلبي عندما أرى أبنائي على عكاكيز، وآخر على كرسي متحرك".
كما يناشد الأشقاء الأربعة المؤسَّسات الصحّية المحلية والدولية توفير العلاجات اللازمة لتماثلهم للشّفاء بشكل كامل. ويتمنى الشبان الفلسطينيون أن تعمل أي من الدول العربية والإقليمية على "إجراء العمليات الجراحية اللازمة لهم، في ظل نقص إمكانات القطاع الصحي بغزة، للعودة إلى أوضاعهم التي كانوا عليها قبل الإصابة".
وأكّدوا أنّ إصابتهم مهما منعتم من تفاصيل حياتهم وعيشها كما اعتادوا، فإنّها لا يمكن أبدًا أن تثنيهم عن المشاركة في مسيرات العودة الأسبوعية، حتى عودتهم إلى قرية "المسمِيّة" التي هُجِّر منها أجدادهم العام 1948، على حد تعبيرهم.