في الوقت الذي تمت فيه المصادقة على المخطط الهيكلي الشمولي لباقة الغربية والمنطقة الصناعية المشتركة مع جت المثلث غرب شارع "عابر إسرائيل"، أصدرت لجنة التنظيم والبناء اللوائية في حيفا إخطارات هدم إدارية لـ8 منازل ومنشآت في باقة الغربية، وذلك بذريعة البناء دون تراخيص.
وتندرج المنشآت التجارية والصناعية والزراعية الخمس والمنازل الثلاثة التي صدرت قرارات هدم بشأنها ضمن مسطح نفوذ بلدية باقة الغربية، حيث تعمل البلدية على إعداد خرائط تفصيلية لضمها لمناطق البناء المرخصة.
وصدرت الإخطارات عن الوحدة القطرية لإنفاذ قوانين البناء في وزارة المالية، حيث أمهلت بعض أصحاب المنازل والمنشآت حتى نهاية أيلول/ سبتمبر الجاري، للإخلاء الذاتي وإلا ستقوم الوحدة القطرية بإسناد الشرطة بتنفيذ أوامر الهدم.
ولوحظ أن جميع إخطارات الهدم وزعت في مناطق خطوط التماس والتي تحد من توسع باقة الغربية بسبب مشاريع البنى التحتية وشارع "عابر إسرائيل" بالجهة الغربية للمدينة، حيث أخطر بهدم 3 منشآت وحظيرة أغنام، بينما في المنطقة القريبة من جدار الفصل العنصري صدرت إخطارات بحق 4 منازل ومنشأة وفي الجهة الشمالية لباقة، وحيث مسطح الأحراش صدر إخطار بحق منشأة قيد الإنشاء.
وتقع بعض المنشآت المهددة بالهدم في تخوم شارع "عابر إسرائيل"، وهي منطقة قيد التطوير الهندسي والعمراني، كما أن إخطارات هدم لمنازل ومنشآت في منطقة النملات، جنوبي شرق المدينة بالقرب من جدار الفصل، وهي أيضا تندرج ضمن خطة هندسية قيد الإعداد.
وبعض الإخطارات علقت على منشآت بالمنطقة الشمالية القريبة من قرية ميسر المجاورة، وهي أيضا ضمن خطة هندسية قدمت أوراقها للجان التنظيم والبناء.
خرائط ومخططات
وقال رئيس بلدية باقة الغربية، المحامي مرسي أبو مخ، لـ"عرب 48" إن "إدارة البلدية تضع في سلم أولوياتها قضية الأرض والمسكن، وضمن ذلك تعمل على إعداد خرائط تفصيلية من أجل تسوية الأراضي غير المشمولة في التراخيص".
وأضاف أن "تسوية الأراضي والمخططات التفصيلية تتطلب منا عملا ومجهودا كبيرا، وكذلك مواصلة الضغوطات على لجان التنظيم والبناء للتعجيل في المصادقة على الخرائط التفصيلية".
ولفت رئيس البلدية إلى أن "أوامر الهدم التي وصلت مدينة باقة الغربية، في مناطق جاري العمل على إعداد خرائط لها، وبعض هذه المخططات سواء التفصيلية أو الشمولية تم إيداعها للمصادقة في لجنة التنظيم والبناء اللوائية في حيفا".
وعن إخطارات الهدم التي وصلت بعض السكان وسبل مواجهتها، أوضح المحامي أبو مخ، أن "إدارة البلدية تتواصل مع طواقم محامين ومهندسين للتنسيق والعمل مع الطواقم الهندسية والقضائية في البلدية، من أجل التوجه للقضاء ومتابعة الملف والعمل بالوسائل القانونية والتخطيطية بغية إنقاذ المنشآت من الهدم".
الأرض والمسكن
وأشار أبو مخ إلى أنه "نجحنا في تحصيل المصادقة على إيداع الخارطة الهيكلية لمدينة باقة الغربية في اللجنة اللوائية للتخطيط والبناء في مدينة حيفا، والتي تعتبر أحد أهم إنجازاتها المنطقة الصناعية الممتدة على 600 دونم، غربي شارع 6".
وإلى جانب إخطارات الهدم، استعرض رئيس البلدية ما تم تحقيقه بكل ما يتعلق بقضايا الأرض والمسكن والخرائط الهيكلية في المدينة، وأبرزها تحييد شارع 61 عن كونه دوليا، إذ كان سيشق باتجاه الشرق حتى الحدود مع الأردن.
وتم تحويل الشارع الواقع بين باقة الغربية وجت، من شارع دولي إلى محلي، وبذلك قامت البلدية بتوفير أكثر من 300 دونم كانت قد صودرت قبل عقد.
وذكر أن "باقة استعادت 300 دونم كانت قد صودرت مع تقليص مناطق الارتداد ونفوذ البناء على جانبي الشارع، كما تم ضم 700 دونم من أراضي الدولة وأراضي مجلس إقليمي 'منشه' لمسطح نفوذ باقة وباتت المصادقة على نقل ملكية الأراضي للبلدية قاب قوسين أو أدنى من التنفيذ والإقرار النهائيين".
ولفت أبو مخ إلى أن "البلدية قدمت، مؤخرا، طلبا للجان التخطيط المختلفة من أجل المصادقة على تعمير حي جديد، شمالي مدينة باقة الغربية، يشتمل على 828 وحدة سكنيّة. وسيتم تباحث هذه الطلب الذي تم تحصيل مصادقات وزارية من أجل إقراره بشكل نهائي".
مصادرة ومعاناة
عانت باقة الغربية ولا تزال من "مشاريع بنى تحتية قطرية" منها شارع "عابر إسرائيل"، الذي صادر مئات الدونمات بملكية خاصة كما قيد استعمال مئات وآلاف الدونمات عزلها عن المدينة، وباتت فريسة سهلة لخط الغاز وخط الكهرباء ومشروع المياه القطري ومشروع سكة الحديد وحتى مخطط المطار الدولي بين باقة الغربية والخضيرة.
وقال المهندس هاني بيادسة لـ"عرب ب48" إن "كل هذه المشاريع تلتهم مساحات واسعة من أراضينا باستثناء مشروع المطار الذي يحد ويمنعنا من البناء متعددة الطوابق بالأحياء الشمالية والغربية لباقة وجت".
وأكد أن "هذه المشاريع عدا عن إقامتها فوق آلاف الدونمات التي صودرت من المواطنين، تفرض تقييدات تحد من إمكانيات التخطيط لما تبقى منها، فعلى سبيل المثال إنشاء المطار غربي باقة سيقيد ارتفاع المباني إلى 15 مترا فقط، ناهيك عن الضوضاء والأضرار البيئية".
وبين بيادسة أن "هذه المشاريع وغيرها تتجاهل الحق الشرعي في استثمار ما تبقى للمواطنين من مسطحات أراضي والاستفادة منها، بدلا من أن تشكل رافعة اقتصادية لباقة، علما أن جميع المشاريع أقيمت على حساب أراضي سكانها".
مخالفات وغرامات
وفي الوقت الذي عانت باقة الغربية ولا تزال من مشاريع البنى التحتية القطرية والتي أقيمت فوق أراضي واسعة تابعة لمواطنين من المدينة، بات ملف الأرض والمسكن، بحسب المهندس بيادسة يؤرق المواطن في باقة، وذلك في ظل شبح الهدم الذي يخيم على العديد من البيوت والمنشآت الصناعية والتجارية والزراعية.
وحث بيادسة بلدية باقة على التسريع في إعداد خرائط هيكلية في عدة مناطق في المدينة لتفادي المخالفات والغرامات أو أوامر الهدم مستقبلا، منها منطقة النملات، أبو كبير، مرج الغزلان، وادي الخروبة، والدردس، والطيون وغيرها من المناطق الزراعية داخل مسطح البناء في البلدة كخلة زيتا.
وأوضح أن "مؤسسات الدولة تسارع في إتمام وإنجاز مشاريع البنى التحتية القطرية، فيما ينتظر المواطن بفارغ الصبر المصادقة على خرائط هيكليه تمكنه من البناء له ولأبنائه بشكل قانوني ليتمكن من الارتباط بشبكة الكهرباء والإفلات من مخالفات وغرامات باهظة بحسب قانون 'كامينتس' والأهم من هذا كله تفادي أوامر الهدم".
ووفقا للمخطط الهيكلي الشمولي، سيكون مساحة نفوذ باقة الغربية 9,930 دونما، ما يعني المصادقة على توسيع مسطح نفوذ باقة الغربية وجت أيضا في الأراضي الواقعة غرب شارع "عابر إسرائيل"، وهو الأمر الذي تعارضه بشدة الكيبوتسات ممثلة بالمجلس الإقليمي "منشه".
ويشمل المخطط الشمولي إقامة منطقة صناعية مشتركة لباقة وجت غرب شارع "عابر إسرائيل" ممتدة على مساحة 1,000 دونم بملكية خاصة للمواطنين بالبلدين. وسيكون نصيب أهالي باقة 320 دونما بالمنطقة الصناعية المشتركة، بينما أهالي جت 687 دونما.
تسييس وتحريض
واستغرب عضو اللجنة الشعبية في باقة الغربية، المزارع إبراهيم مواسي، من إصدار هذه الإخطارات وذلك بعد مصادقة لجنة التنظيم والبناء في حيفا على إيداع المخطط الشمولي للمدينة، لافتا إلى أن المنازل والمنشآت الصادر بحقها أوامر هدم تقع ضمن نفوذ المخطط الشمولي.
وأكد مواسي لـ"عرب 48" أن تكثيف لجان التنظيم والبناء اللوائية من إصدار أوامر الهدم والمخالفات اعتمادا على "قانون التخطيط والبناء - التعديل رقم 116 (قانون كامينتس)، هذه الفترة التي تتزامن مع انتخابات الكنيست، تشير إلى أن الدوافع لذلك سياسية تحريضية وليست مهنية وهندسية.
ولفت إلى أن إخطارات الهدم في باقة كغيرها من البلدات العربية وتصعيد الهدم في النقب تشير إلى أن رئيس حكومة العدو بنيامين نتنياهو، يحرك أوامر الهدم لأهداف انتخابية واستمالة أصوات اليهود لصالح حزبه "الليكود".
وبيّن مواسي أن المناطق المستهدفة وتحديدا في منقطة شارع "عابر إسرائيل" أدرجت عام 2002 ضمن تعهد حكومة الإحتلال بمنح باقة وجت مناطقة صناعية وتسهيلات في البناء بسبب مصادرة مباشرة لنحو 1500 دونم من أراضي البلدين للشارع.
تداعيات ومخاطر
وحذر مواسي من تداعيات إخطارات الهدم وعدم توسيع مسطحات البناء والمماطلة في إقرار الخرائط التفصيلية والمخطط الشمولي لباقة، مبينا أن "هذه السياسية من شأنها أن تؤدي لاندلاع انتفاضة الأرض والمسكن في باقة الغربية التي حوصرت بالأحراش والجدار العنصري وشارع "عابر إسرائيل".
وحث عضو اللجنة الشعبية، البلدية على الإسراع في تحضير الخرائط المفصلة والضغط على لجان التنظيم والبناء على المصادقة على الخرائط والمخطط الشمولي، وتوفير الحلول ومنح الأجوبة عن ضائقة السكن والاكتظاظ للسكان الذين يريدون التوسع والبناء للإسكان والصناعة والتجارة.
وقدم النصح والإرشاد للمواطنين بالتقيد في استعمالات الأرض بهذه المرحلة خاصة في المناطق غير مدرجة ضمن المخططات والخرائط المصادق عليها، وعدم البناء بشكل عشوائي وفرض وقائع على الأرض، وذلك لتجنب إمكانية عرقلة وإعاقة الخرائط والمخططات التي تعدها البلدية.
وشدد مواسي على ضرورة تصعيد النضال الجماهيري ضد أوامر الهدم والعمل بالتنسيق مع البلدية والأحزاب العربية من أجل إلغاء الهدم الإداري في باقة، ومواصلة النضال حتى إقرار المخطط الشمولي لباقة وإقامة منطقة صناعية مشتركة غرب شارع "عابر إسرائيل".