أكَّد تقرير صادر عن الأمم المتحدة، أمس الخميس، أنَّ العنف الجنسيّ الذي مارسته قوات أمن ميانمار (بورما) ضد أبناء الروهينجا كان واسع النطاق وبالغاً، إلى درجة أنه يوضح النية في ارتكاب إبادة جماعية، كما يستدعي إصدار مذكرات محاكمة عن جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.
وقد وجدت بعثة الأمم المتحدة الدولية المستقلة لتقصي الحقائق بشأن ميانمار أنَّ جنود البلاد "استخدموا بشكل ممنهج ومستمر الاغتصاب والاغتصاب الجماعي والأعمال الجنسية العنيفة القسرية الأخرى ضد النساء والفتيات والفتيان والرجال والمتحولين جنسياً، في انتهاك صارخ لقانون الحقوق الإنسانية الدولي".
ويغطّي تقريرها بشأن العنف الجنسي والقائم على النوع في ميانمار أقليتي كاشين وشان العرقيتين في شمالي ميانمار، فضلاً عن الروهينجا في ولاية راخين (أراكان) غربي البلاد.
ويقول التقرير الَّذي صدر في نيويورك إنَّ نيّة الإبادة الجماعية من جيش ميانمار تجاه الروهينجا ظهرت "بوسائل قتل الإناث من مجتمع
الروهينجا، ما سبب للنساء والفتيات أذى جسدياً أو نفسياً بالغاً، ودمر عمداً أوضاع حياة نساء الروهينجا، بهدف تدمير الأقلية كلياً أو جزئياً، بفرض إجراءات منعت الولادة داخل الجماعة".
وكانت عدّة منظَّمات لحقوق الإنسان قد اتهمت ميانمار بالإبادة الجماعية أو التطهير العرقي ضد الروهينجا. وفي تقرير سابق، وثقت بعثة الأمم المتحدة انتهاكات كبيرة أخرى في راخين منذ العام 2016، ومنها عمليات قتل وإحراق قرى واسعة النطاق، ووجدت أنَّ انتهاكات مماثلة ارتكبت في ولايتي كاشين وشان.
ويصف التقرير الجديد العنف الجنسي بأنه "السمة المميزة" لعمليات الجيش، مشيراً إلى أن جماعات حرب العصابات المسلحة من الأقليات العرقية في شمالي ميانمار ترتكبه أيضاً "وإن كان بدرجة أقل بكثير".
ويؤكّد التقرير أنّ "العنف الجنسي هو نتيجة لمشكلة أكبر تتمثل في عدم المساواة بين الجنسين وغياب سيادة القانون"، مشيراً إلى أنَّ تصنيف الأمم المتحدة لعدم المساواة بين الجنسين في ميانمار يضعها في المركز 148 من بين 189 دولة، ويشير إلى أنَّها عرضة بشكل خاص للعنف الجنسي والعنف القائم على الجنس.
بالنظر إلى الأسباب الجذرية للمشكلة في مجتمع ميانمار، خلصت بعثة تقصي الحقائق إلى أنَّ "الإطار التمييزي للقوانين والممارسات، حتى
في وقت السلم، يساهم في تفاقم العنف ضد المرأة في وقت الحرب"، حسبما قالت راديكا كوماراسوامي، وهي محامية سريلانكية، وأحد الخبراء الدوليين الثلاثة للبعثة، في مؤتمر صحافي في مقر الأمم المتحدة في نيويورك.
وقالت كوماراسوامي إنَّ الباحثين وجدوا صلة بين العسكرة في جميع أنحاء ميانمار في كلّ جانب من جوانب الحياة ومستويات أعلى من العنف الجنسي. وأضافت للصحافيين أنَّ التوصية الشاملة للبعثة هي الحاجة إلى إصلاح قطاع الأمن تحت إشراف مدني على الجيش.
وقد تمَّ تشكيل بعثة تقصي الحقائق، بقيادة المحامي الحقوقي الإندونيسي مرزوقي داروسمان، من قبل مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في العام 2017، كردِّ فعل على القمع المتزايد للروهينجا.
وزاد العنف ضدّ الروهينجا بشكل ملحوظ في آب/ أغسطس من ذلك العام، عندما شنَّت قوات الأمن حملة وحشية أدت إلى تهجير أكثر من 700 ألف قروي من الروهينجا إلى بنغلادش المجاورة.