أعلن عملاق التكنولوجيا الأميركي "فيسبوك" عن نيّته توظيف صحافيين مهنيين وتشكيل فريق صغير من الصحافيين لاختيار أبرز الأخبار الوطنية "لضمان إبراز الحوادث الصحيحة"، بدلًا من استخدام الخوارزميّات في المهمّة، لتظهر هذه الأخبار في قسم "نيوز تاب" أي شريط الأخبار، الّذي ) الذي سيكون منفصلًا عن القسم التقليدي الذي تظهر فيه تحديثات المستخدمين الآخرين من الأصدقاء.
ويأتي القرار في وقت يمر قطاع الإعلام الأميركي بأزمات فقدان وظائف وإغلاق صحف ومحاولة المؤسسات الإعلامية إيجاد وسائل لتحقيق أرباح في عصر الأخبار المجانية، لتشكّل الخطوة تغييرصا إيجابيًّا، إلّا أنّها لن تؤدي إلى تغيير أوضاع صناعة الإعلام التي تمر بأوقات صعبة، وفق محلّلين.
ونقلت وكالة أنباء "فرانس برس" عن أستاذة الاتصالات في جامعة "ديلاوير"، دانا يونغ، قولها إنّ "نظريا أرى ذلك تطورًا إيجابيًّا حقًّا. إنه شيء واعد جدا"، لكنّها اعتبرت أنّ "هذا ليس تحولا لأنه لن يغير بالضرورة سلوك الأفراد الذين يشيرون إلى القصص" على صفحاتهم، وأضافت أنّ "هذا هو مصدر القوة، الأفراد الذين تعرفهم وتثق بهم يضعون ختم الموافقة الضمني على القصص من خلال مشاركتها".
وسيقوم صحافيو "فيسبوك" باختيار قصص من المواقع الإخبارية ولن يقوموا بإدخال تعديلات تحريرية على العناوين أو يعيدوا كتابة المحتوى، إذ أكّدت الشّركة أنّها لا تريد أن يتم اعتبارها مؤسسة إعلامية تقوم بقرارات تحريرية.
وسيكون قسم الأخبار أول خدمة إخبارية للموقع تستخدم مشرفين بشر بعد إغلاق قسم "الموضوعات الشائعة" في العام الماضي بعد فضيحة سببتها معلومات أفادت أن موظفي القسم حجبوا قصصًا متعلقة بقضايا لا تثير الاهتمام، في حين ستبقى المقالات التي لا تعتبر من أهم الأخبار موجودة باستخدام خوارزميات تستند إلى تاريخ المستخدمين، مثل الصفحات التي يتبعونها والنشرات التي اشتركوا فيها والأخبار التي تفاعلوا معها بالفعل.
وقال رئيس الشراكات الجديدة في "فيسبوك"، كامبل براون، إنّ "هدفنا من وضع علامة الأخبار هو توفير تجربة شخصية وثيقة للناس"، وفقًا لـ"فرانس برس".
ويأتي إطلاق قسم الأخبار المتخصص في وقت يقوم فيه "فيسبوك" بسلسلة مبادرات لتعزيز الصحافة، بينما تتهمه المؤسسات الإعلامية التقليدية بالاستفادة ماليًّا من عملها الشاق، إذ تهيمن منصات التواصل الاجتماعي على مساحات الإعلان على الإنترنت، ما يجعل من الصعب على المؤسسات الإخبارية نقل الإعلانات المطبوعة التي كانت مربحة للغاية لصفحاتها على الإنترنت.
وفي كانون الثاني/ يناير الفائت، أعلن "فيسبوك" أنه سيستثمر 300 مليون دولار على مدى ثلاث سنوات لدعم الصحافة وخاصة المؤسسات الإخبارية المحلية، كما موّل مشاريع لتقصي الحقائق في جميع أنحاء العالم.
وأفادت التقارير أن "فيسبوك" سيدفع أموالًا لبعض الناشرين لقاء نشر المحتوى الإخباري لهم في قسم الأخبار. لكن أحد الكتّاب حول الإعلام الرّقمي لمجلة "كولومبيا جورناليزم ريفيو"، ويدعى ماثيو إنغرام قال إنه لا يتوقع أن توظف هذه الأموال لمؤسسات بحاجة ملحة إلى دعم مادي، مبيّنًا أنّه يعتقد "أن الشركات التي سيتم اختيارها هي تلك التي أداؤها جيد أساسًا. قد يمنحها القليل من المال الإضافي لكنني أرى أن الأمر لن يقود إلى زيادة كبيرة في عدد زائريها".
وتشهد الصحافة المطبوعة في الولايات المتحدة تراجعًا كبيرًا مؤخّرًا، إذ تفوقت وسائل التواصل الاجتماعي على الصحف كمصدر رئيسي للأخبار للأميركيين، وأغلقت قرابة ألفي صحيفة أميركية خلال السنوات ال15 الماضية، وفقا لجامعة "نورث كارولينا"، تاركة ملايين السكان من دون مراسلين يتابعون ما تقوم به سلطاتهم المحلية.
كذلك انخفض عدد الصحافيين العاملين في الصحف الأميركية بنسبة 47 بالمئة من العام 2008 إلى العام 2018، وفقا لاستطلاع أجراه مركز "بيو" للأبحاث العام الماضي، حيث وجدت المجموعة أن إجمالي عدد الصحافيين في غرف الأخبار انخفض بنسبة 25 بالمئة، فيما قالت شركة الاستشارات "تشالنجر غراي آند كريسماس" إن العام الجاري سيكون الأسوأ في تسريح الموظفين منذ 2009.
واعتبرت يونغ أن "موت الأخبار المحلية له آثار مدمرة للديموقراطية، إنها قضية معقدة لا يمكن لـ‘فيسبوك‘ حلها بمفرده".