أطلقت الشّرطة السودانية الغاز المسيّل للدموع، أمس الأحد، لتفريق عشرات المتظاهرين المطالبين بإجراء تحقيق مستقل في عملية فضّ اعتصام المحتجين أمام مقر قيادة الجيش في الخرطوم الشهر الفائت، رغم أنَّ تحقيقاً رسمياً اتهم ثمانية ضباط بالتورط في الأمر.
يأتي ذلك في وق ستستأنف قوى "إعلان الحرية والتغيير" في السودان، الثلاثاء المقبل، التفاوض المباشر مع المجلس العسكري الانتقالي حول "الإعلان الدستوري"، بحسب قيادي معارض.
وقال القيادي في قوى "الحرية والتغيير"، ساطع الحاج، إنَّ المشاورات بين كتل قوى التغيير ما تزال مستمرة، بهدف الوصول إلى رؤية وصيغة موحدة بشأن "الإعلان الدستوري". وسيحدد "الإعلان الدستوري" واجبات ومسؤوليات مجلس السيادة المقترح لإدارة شؤون السودان خلال مرحلة انتقالية تنتهي بإجراء انتخابات.
وأضاف الحاج: "نستقبل حاليًا الرؤى والملاحظات من قوى الحرية والتغيير والشخصيات الأكاديمية والمختصّة حول الإعلان الدستوري، تمهيدًا لبلورة رؤية موحّدة والانخراط في التفاوض المباشر مع العسكري الثلاثاء". وتُعقد جلسة تفاوض الثلاثاء برعاية الوسيط الأفريقي محمد الحسن ولد لبات.
وكشف محقّقون سودانيون من النيابة العامة والمجلس العسكري الحاكم، يوم السبت، أنّ عناصر من قوات الأمن، من بينهم جنرال في قوات الدعم السريع شاركوا في العملية الدامية لفضّ الاعتصام في 3 حزيران/ يونيو، من دون أن يتلقّوا أوامر رسمية بذلك.
وأعلن رئيس فريق التحقيق فتح الرحمن سعيد أنّ التحقيقات أظهرت أنّ ثمانية ضباط تورَّطوا في الحملة الأمنية الدامية، ويواجهون اتهامات بارتكاب جرائم ضد الإنسانية، لكنَّ قادة الاحتجاجات شكَّكوا في نتائج التحقيق، وجدَّدوا مطالبتهم بتشكيل لجنة تحقيق مستقلة لا تضمّ ممثلين للأجهزة الأمنية، وخرجت تظاهرات السبت في هذا السياق.
كذلك تظاهر العشرات، أمس الأحد، في شوارع حي بوري في شرق الخرطوم، استجابة لدعوات تجمع المهنيين الذي أطلق الاحتجاجات ضد الرئيس السوداني السابق عمر البشير.
وأوضح الشهود أنّ قوات مكافحة الشغب فرّقت المحتجين سريعاً بواسطة الغاز المسيّل للدموع، فيما ردّ المحتجّون برشق القوات بالحجارة.
وقال سعيد إنّ جنرالاً في قوات الدعم السريع أمر بفضّ الاعتصام، فيما كانت قوات الأمن تقوم بتطهير مكان على مقربة من موقع الاعتصام. وذكر في مؤتمر صحافي بثّه التلفزيون الرسمي أنّ الجنرال "خالف التوجيهات، وقام بقيادة قوة معسكر الصالحة (التابعة لقوات الدعم السريع) إلى داخل منطقة الاعتصام، وأصدر توجيهاته بإنزال القوّة من العربات وقام بجلد المعتصمين".
واتّهم المحتجّون ومنظمات حقوقية مراراً قوات الدعم السريع التي يقودها نائب رئيس المجلس العسكري محمد حمدان دقلو المعروف بحميدتي، بالهجوم على المعتصمين، في حين يقول حميدتي إنها مزاعم هدفها تشويه سمعة قواته. وأصرّ المجلس العسكري مراراً على أنّه لم يأمر بفضّ الاعتصام، فيما يصرّ المحتجون على رفض نتائج التحقيق "بالكامل".
وقال تجمّع المهنيين في بيان السبت: "اللجنة كُوِّنت بتكليف من المجلس العسكري، وهذا يطعن في نزاهتها مبتدأ، لأنّ المجلس العسكري نفسه متّهم في هذه القضية وهو خصم فيها، ولا يمكن أن يكون الخصم هو الحكم".
وأكّد سعيد مقتل 87 شخصاً بين يومي 3 و10 حزيران/ يونيو، من بينهم 17 شخصاً في ساحة الاعتصام يوم فضّه.
في المقابل، قالت لجنة أطباء السودان المركزية المقرّبة من حركة الاحتجاج إنّ 127 شخصًا قتلوا في الثالث من حزيران/ يونيو خلال فضّ الاعتصام.