ذكرت صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية في تقرير لها أن وثيقة صادرة عن هيئة تابعة لحلف شمال الأطلسي (الناتو) كشفت عن مواقع نحو 150 سلاحاً نووياً أميركياً مخزنة في أوروبا. فقد أثارت وثيقة صدرت مؤخراً - وحُذفت فيما بعد - نشرتها هيئة تابعة لحلف شمال الأطلسي (الناتو) عناوين الصحف في أوروبا بتأكيد واضح لسر معروف منذ فترة طويلة. يقول السر إنه يتم تخزين الأسلحة النووية الأميركية في بلجيكا وألمانيا وإيطاليا وهولندا وتركيا . نسخة من الوثيقة، بعنوان "عصر جديد للردع النووي؟: التحديث والتحكم في الأسلحة والقوات النووية المتحالفة معها" نشرت في نيسان/أبريل الماضي. وقد كتب التقرير سناتور كندي للجنة الدفاع والأمن التابعة للجمعية البرلمانية لحلف الناتو، يقيّم فيه مستقبل سياسة الردع النووي التي تتبعها المنظمة (حلف الناتو). ولكن ما الذي يجعل الأمر في الأخبار بعد أشهر هو إشارة عابرة يبدو أنها تكشف عن موقع نحو 150 سلاحاً نووياً أمريكياً مخزنة في أوروبا. ووفقاً لنسخة من الوثيقة التي نشرت يوم الثلاثاء من قبل صحيفة "دي مورغن" De Morgenالبلجيكية، فإن قسماً من الترسانة النووية يقول: "يتم تخزين هذه القنابل في ست قواعد أميركية وأوروبية - كلاين بروغل في بلجيكا، وبوشيل في ألمانيا، وأفيانو وغيدي توري في إيطاليا، وفولكل في هولندا، وانجرليك في تركيا ". لا تعزو الوثيقة هذه المعلومات إلى أي مصدر. في الأسبوع الماضي، تم نشر نسخة نهائية من التقرير على الإنترنت، وهي تغفل الإشارة المحددة إلى أماكن تخزين القنابل. بدلاً من ذلك، يشير التقرير بشكل غامض إلى الطائرات التي يمكن أن تحمل أسلحة نووية. وجاء في الوثيقة، مشيرة إلى تقرير عام 2018 الصادر عن "مبادرة التهديد النووي"، وهي منظمة أميركية غير حكومية: "إن الحلفاء الأوروبيين غالباً ما يشار إليهم على أنهم يشغلون مثل هذه الطائرات هم: بلجيكا وألمانيا وإيطاليا وهولندا وتركيا". كتب السناتور الكندي جوزيف داي، مؤلف التقرير، في رسالة بالبريد الإلكتروني أن النسخة الأولى من التقرير ليست سوى مسودة وأنه يمكن إجراء تغييرات على التقرير حتى يتم التعامل معه من قبل الجمعية البرلمانية لحلف الناتو في تشرين الثاني/نوفمبر المقبل. وأضاف: "جميع المعلومات المستخدمة في هذا التقرير هي مواد مفتوحة المصدر". وكقاعدة عامة، لا تناقش الولايات المتحدة ولا شركاؤها الأوروبيون موقع أسلحة واشنطن النووية في القارة. وقال مسؤول في حلف الناتو طلب عدم الكشف عن هويته بما يتماشى مع قواعد المنظمة للتحدث إلى وسائل الإعلام: "لا نعلق على تفاصيل الموقف النووي لحلف الناتو". وأضاف المسؤول "هذه ليست وثيقة رسمية لحلف الناتو"، مشيراً إلى أنه كتبها أعضاء الجمعية البرلمانية للناتو. غير أن عدداً من وسائل الإعلام الأوروبية رأت في التقرير أنه تأكيد لسر معلوم. وقال تقرير صحيفة "دي مورغن": "أخيراً بالأبيض والأسود: هناك أسلحة نووية أميركية في بلجيكا". وقالت إذاعة "أر تي أل نيوز" RTL News: "يكشف حلف الناتو عن سر هولندا الأسوأ". وقال كينغستون ريف، مدير سياسة نزع السلاح والحد من التهديد في "جمعية الحد من الأسلحة"، في رسالة بالبريد الإلكتروني: "إن وجود أسلحة نووية أميركية في أوروبا لم يكن مفاجئاً. لقد كان هذا منذ فترة طويلة معلومة معروفة إلى حد ما." كان هناك عدد من المؤشرات الواضحة على وجود أسلحة نووية أميركية من قبل. فقد اقترحت برقية دبلوماسية من سفير الولايات المتحدة في ألمانيا أن هناك مخاوف بشأن مدة بقاء الأسلحة في هذه البلدان. وقالت المذكرة التي كتبها السفير الأميركي فيليب ميرفي في تشرين الثاني/ نوفمبر 2009 إن "سحب الأسلحة النووية من ألمانيا وربما من بلجيكا وهولندا قد يجعل من الصعب سياسياً على تركيا الاحتفاظ بمخزوناتها الخاصة". إن وجود الأسلحة المستمدة من اتفاق تم التوصل إليه في الستينيات من القرن العشرين، وهو من نواح كثيرة من مخلفات عصر الحرب الباردة – لم يكن مصمماً فقط ليكون بمثابة رادع للاتحاد السوفيتي المسلح النووي، ولكن أيضاً لإقناع هذه الدول بأنها لا تحتاج إلى برنامج الأسلحة النووية الخاصة بهم. لكن الأوقات تغيرت. في عام 2016، بعد محاولة الانقلاب في تركيا والانتشار السريع لتنظيم "داعش" المتطرف في الجوار، تساءل المحللون علانية عما إذا كانت تركيا حقاً مكاناً مناسباً لتخزين الأسلحة النووية. وفي الوقت نفسه، بالقرب من قاعدة بوشيل الجوية الألمانية، أثار فشل معاهدات الحد من الأسلحة مع روسيا مخاوف بشأن سباق تسلح جديد. وقال ريف: "إن المهمة العسكرية التي كانت تهدف إليها أساساً هذه الأسلحة (النووية)، وهي وقف الغزو السوفيتي لأوروبا الغربية، بسبب نقص القوات الأميركية وقوات حلف شمال الأطلسي، لم تعد موجودة".