خلصت مجموعة من الخبراء والأكاديميين الفلسطينيين والعرب المشاركين في ندوة متخصّصة أقيمت مساء السبت في العاصمة البريطانية لندن إلى إطلاق دعوة لــ"مقاومة صفقة القرن ومقاطعة مؤتمر البحرين" الذي تعتزم الولايات المتحدة تنظيمه في المنامة أواخر الشهر الحالي.
ووصف المشاركون في الندوة التي نظمها "منتدى التفكير العربي" في لندن خطَّة السلام الأميركية المعروفة إعلامياً باسم "صفقة القرن"، بأنها "نكبة جديدة بأيدٍ عربية"، في إشارة إلى تأييد بعض الدول العربية لها، والسعي للضغط على الفلسطينيين من أجل تمريرها.
وشارك في الندوة التي نظمها المنتدى بالتزامن مع الذكرى السنوية لنكسة العام 1967 الأستاذة في جامعة "إكستر" غادة الكرمي، والأستاذ في جامعة "وستمنستر" عاطف الشاعر، إضافةً إلى جمع من الخبراء والأكاديميين والمثقفين، من بينهم رئيس المجموعة العربية في حزب العمال البريطاني عطا الله سعيد، وعضو الأمانة العامة للمؤتمر القومي العربي الدكتور كاظم الموسوي، ومدير مركز العودة الفلسطيني طارق حمود، وحشد من المثقفين والمختصين بالشأن الفلسطيني.
ووصفت الدكتورة غادة الكرمي الصفقة بأنها "حلّ اقتصادي يستهدف إلغاء حقّ العودة ودمج إسرائيل في المنطقة"، مبديةً استغرابها
من اندفاع بعض الدول العربية، كالسعودية والإمارات، خلف هذه الصفقة ومسابقتهم الزمن لتنفيذ المشاريع الأميركية.
ورأى الدكتور عاطف الشاعر أنه في غمرة الانشغال بالحديث عن الخطّة، تم تطبيقها عملياً قبل إطلاقها رسمياً، فمنذ دخول ترامب إلى البيت الأبيض، اعترف بالقدس عاصمة للكيان الصهيوني، وألغى قضية اللاجئين، وغير ذلك من الإجراءات.
وحذَّر الشاعر من أنَّ التحركات الاقتصادية المثيرة للشكّ، كخطة مشروع "نيوم"، تستهدف في المحصلة إقامة علاقات طبيعية بين الكيان الصهيوني والسعودية، معبراً عن اعتقاده بأنَّ "هناك عزماً لإحياء خط الحجاز الذي يصل مكة بإسرائيل".
ووسط حضور كثيف من النخب العربية والكتاب والصحافيين، تدارس المجتمعون الخيارات التي ينبغي للفلسطينيين والعرب اتخاذها في ظل حالة الانقسام العربي، وخروج البلدان العربية الكبرى من دائرة الفعل، وانشغال ما تبقى منها بأزماته الداخلية، داعين الفلسطينيين إلى إنهاء الانقسام والتوحد على مشروع وطني موحّد، وبخاصة أنهم جميعاً متفقون على رفض صفقة القرن واعتبارها خيانة وطنية وقومية.
وفي كلمته في افتتاح الندوة، اعتبر رئيس منتدى التفكير العربي محمد أمين أنَّ "انعقادها يمثل حدثاً بالغ الأهمية، في ظل تصاعد هرولة بعض الدول العربية نحو التقارب مع إسرائيل، ومحاولة جعل التواصل معها أمراً طبيعياً، واعتبارها شريكاً مقابل اعتبار الفلسطينيين عدواً".
وانتهى أمين إلى الإشارة إلى أنَّ الشيء الوحيد الإيجابي في الصفقة هو غياب الشريك الفلسطيني، وعدم تورط أي طرف فلسطيني في إعطائها شرعية، داعياً منظمة التحرير إلى التقاط اللحظة والدعوة إلى حوار وطني جامع لإعادة ترتيب البيت الفلسطيني وتوحيده.
وتميَّزت الندوة التي حضرتها "عربي21" بالمناقشات الصريحة والمعمَّقة حول الخيارات الفلسطينية المطروحة، ودار جدل كبير حول دعوة الدكتورة غادة الكرمي إلى أن يكرس الفلسطينيون نضالهم من أجل المواطنة والمساواة، بدلاً من الاستمرار في الحديث غير المجدي عن حلّ الدولتين، ففي رأيها، "ينبغي إحراج إسرائيل بذلك دولياً، وطرح فكرة دولة المواطنة على غرار تجربة جنوب أفريقيا، والنضال ضدّ نظام الفصل العنصريّ"، فيما رأى آخرون أن "المسار الوحيد هو المقاومة بمختلف أشكالها، فإسرائيل لم تقدم تاريخياً أي تنازل من دون أن تكون مضطرة إلى ذلك".