اعتداءات وانتهاكات يومية يتعرَّض لها آلاف المعلمين والتلاميذ والمواطنين العزل في البلدة القديمة والمنطقة الجنوبية من مدينة الخليل، كان آخرها صباح الثلاثاء، حيث أطلقت قوات الاحتلال قنابل الغاز والصوت باتجاه عدد من المدارس وداخل أسوارها في المنطقة، واعتدت على الأهالي، واحتجزت مركبات المواطنين، واتخذت منها سواتر لإطلاق القنابل على التلاميذ أثناء دخولهم مدارسهم.
وقال محمد عادل عصفور (11 عاماً) وهو تلميذ في الصف الخامس في مدرسة النهضة الأساسية للذكور: "تقع مدرستي في المنطقة الجنوبية من مدينة الخليل على تلة قب الجانب، المطلة على البلدة القديمة. أقام الاحتلال معسكراً لجيشه قرب مدرستنا منذ سنوات، وعمل على توسيعه السنة الماضية، والجنود يداهمون مدرستنا كلّ يوم تقريباً، لقد أصابونا بحالة من الرعب، نحن هنا لنتعلَّم ولنخدم وطنننا والإنسانية جمعاء، وهؤلاء الجنود بأسلحتهم وقنابلهم التي يطلقونها في مدرستنا يحاولون تجهيلنا وترحيلنا من بيوتنا ومدارسنا".
من جهته، قال التلميذ محمد شهاب أبو حديد (11 عاماً) الذي يدرس في المدرسة ذاتها: "بيتنا يقع على مقربة من الحاجز العسكري الإسرائيلي المسمى "أبو الريش" الواقع غرب الحرم الإبراهيمي الشريف، وجنود الاحتلال في ساعات الصباح والمساء بشكل متواصل وشبه يومي يطلقون قنابل الغاز السام والصوت نحو التلاميذ أثناء ذهابهم وإيابهم من المدارس التي تقع في المنطقة. الوضع مخيف ومرعب حولنا، وحتى في داخل مدرستنا، هم يحملون السلاح ويصوّبونه علينا".
بدوره، قال نائب مدير مدرسة النهضة الأساسية للذكور محمد أبو الحلاوة: "يتعلَّم في هذه المدرسة ما يقارب 500 تلميذ. نحن حريصون على أن يتلقّوا تعليمهم على أفضل ما يكون، لكن قرب المدرسة من الحواجز العسكرية ومعسكر للاحتلال أصبح يعكر صفو التلاميذ، ويبثّ الخوف في نفوسهم، كما جميع المدارس المحيطة بنا".
وبيّن مدير مدرسة النهضة روحي الزرو، أنَّ "مدارس الإبراهيمية الأساسية للبنين، والفيحاء الأساسية للبنات، وقرطبة الأساسية المختلطة، والجزائر الأساسية للبنين، وبئر السبع الأساسية للبنين، واليقظة الأساسية للبنين، وشجرة الدر الأساسية للبنات، وزياد جابر الأساسية للبنين، والخليل الأساسية للبنين، وخديجة بنت خويلد الأساسية للبنين، وذو النورين الأساسية للبنين، والهاجرية الأساسية للبنين، وطارق بن زياد الثانوية للبنين، والزهراء الأساسية للبنات، والنهضة الأساسية للبنين، ورابعة العدوية الأساسية للبنات، وياسر عمرو الثانوية للبنات، وآل عمرو الأساسية للبنين، ومركز الخزف، جميعها تتعرض لاعتداءات الاحتلال وانتهاكاته المتواصلة، والتي يهدف من خلالها إلى إفراغ المنطقة من السكان لتوسيع رقعة الاستيطان الذي يستشري في المنطقة بقوة السلاح".
أما سكرتير مدرسة الخليل الأساسية للبنين خليل ارفاعية، فقد أشار إلى أن قوات الاحتلال شدَّدت إجراءاتها العسكرية القمعية الاستفزازية على الحواجز العسكرية الموجودة على مداخل البلدة القديمة وسط مدينة الخليل، حيث يعمل الجنود على تفتيش التلاميذ الأطفال والبحث في حقائبهم بشكل مهين، ما يبثّ الرعب في نفوسهم يومياً، وهذا يؤثر في تحصيلهم العلمي والذهني، كما أصبح الأهالي لا يأمنون على أولادهم ذهاباً وإياباً.
وأوضح ارفاعية: "لا يقف الأمر عند جنود الاحتلال الذين يطلقون قنابل الغاز والصوت والرصاص المغلف بالمطاط والحي، إذ يشارك المستوطنون المتطرفون في بثّ الخوف وإرهاب التلاميذ واستفزازهم على الحواجز العسكرية وفي محيط البلدة القديمة، وهذا يستدعي التدخّل الفوري من قبل المنظمات الحقوقية والإنسانية لردع قوات الاحتلال، وعلى المجتمع الدولي أن يتحمل مسؤولياته حيال القضية والتعليم الفلسطيني".
وأكَّد رئيس بلدية الخليل تيسير أبو سنينة أن وتيرة اعتداءات الاحتلال في البلدة القديمة ومحيط المدارس الواقعة في المنطقة الجنوبية من مدينة الخليل، ارتفعت بشكل ملحوظ عقب قرار حكومة الاحتلال إنهاء عمل بعثة التواجد الدولي المؤقت في مدينة الخليل، واعتبر هذه الاعتداءات والممارسات من قبل جيش الاحتلال ومستوطنيه بحق التلاميذ والمعلمين والمواطنين الفلسطينيين العُزل، جرائم حرب على المجتمع الدولي محاكمة الاحتلال عليها.
ودعا أبو سنينة المجتمع الدولي إلى الضّغط على حكومة الاحتلال لإزالة جميع الحواجز العسكرية من وسط الخليل، وتوفير الحماية للمعلمين والتلاميذ وسكان البلدة القديمة وروادها، مطالباً المواطنين بتكثيف التواجد في البلدة القديمة والحرم الإبراهيمي الشريف، مشيداً بصمود المعلّمين والمواطنين والتلاميذ الذين أصبحوا يوثّقون انتهاكات الاحتلال ومستوطنيه بأنفسهم.
وأشار عضو إقليم حركة فتح وسط الخليل، مهند الجعبري، إلى أن مراقبي بعثة التواجد الدولي المؤقت وثّقوا ما يزيد على 42 ألف انتهاك خلال سنوات عملهم في مدينة الخليل، ما يدلّ على وجود اعتداءات وانتهاكات يومية يتعرّض لها المواطنون.
وأوضح أنَّ حكومة الاحتلال ماضية في إجرامها، وأطلقت يد المستوطنين وجنودها للاعتداء على الفلسطينيين والتنكيل بهم بعد منع قوات التواجد الدولي من العودة للخليل.
ولفت إلى أنَّ وجود هذه البعثة جاء نتيجة اتفاق دولي لمراقبة ما يجري، مطالباً المجتمع الدولي بتوفير قوات دولية لحماية الشعب الفلسطيني في كل أماكن تواجده أمام الاعتداءات الصهيونية اليومية المتواصلة بحق كلّ ما هو فلسطيني.