انخفضت، كما يبدو، حدّة الصراع بين مصر وأثيوبيا على نهر النيل، فيما تقترب الأخيرة من إتمام سدّها الذي سوف تستطيع من خلاله التحكّم بالمياه المتدفّقة إلى مصر بشكل كامل، إلا أنَّ مركز أبحاث "مجموعة الأزمات الدوليّة" رفع من احتمال نشوب نزاع كارثي.
وحذَّر المركز، في تقرير، من خطر تحوّل أزمة المياه إلى نزاع تنتج منه "عواقب إنسانيّة حادّة" إذا لم يتمّ التوصّل إلى اتفاق لتقاسم الموارد بين مصر وأثيوبيا التي تبني أكبر سدّ في أفريقيا.
وقال المركز غير الحكومي، ومقرّه بروكسل، إنّ "مخاطر الفشل في العمل معاً... صارخة".
ويُعدّ نهر النيل الذي يمرّ بين 10 دول الأطول في العالم، وهو شريان طبيعي مهم لإمدادات المياه والكهرباء لهذه البلدان. ووفقاً للمركز، تعتمد مصر على النيل بنحو 90 في المئة من احتياجاتها من المياه العذبة.
ومع اقتراب أثيوبيا من تشييد سدّ النهضة الذي تبلغ كلفته 4 مليارات دولار، وسيضمّ أكبر محطّة للطاقة الكهرومائية في القارّة، تلوح في الأفق أزمة في الموارد الطبيعية في حوض النيل.
وبحسب التقرير، ترى أديس أبابا أنّ السدّ مشروع تنمويّ وطنيّ مهمّ. في المقابل، ترى القاهرة أنّ تعطيل تدفّق النهر سيُمثّل تهديداً وجودياً، ذلك أنّ تشغيل السدّ الذي يُتوقّع أن يولّد نحو 6000 ميغاوات، قد يُهدّد ملايين المزارعين المصريين، وكذلك إمدادات الغذاء في البلاد.
وتعطّل بناء المشروع مراراً، ولم يُحدّد تاريخ لإنجازه، بعد أن كان مفترضاً الانتهاء منه منتصف العام الماضي.
وأوصى التقرير بـ"اتّفاق أكثر شمولاً" بين دول حوض النيل، لتفادي نزاعات مستقبلية تأتي بـ"ثمن اقتصادي وبيئي باهظ".
وحاولت مصر وأثيوبيا على مدى سنوات التوصّل إلى اتّفاق يتعلّق بملء خزّان السد. وتقترح أديس أبابا أن تتمّ عملية الملء على مدار ثلاث سنوات، بينما تقترح مصر أن يتمّ ذلك على مدى خمسة عشر عاماً بسبب قلقها إزاء تأثير هذا الأمر في احتياجاتها من المياه.
وأضاف التقرير المكوّن من 45 صفحة: "يمكن أن يسعى البلدان إلى ملء خزاناتهما في وقت واحد، تحسّباً للجفاف الذي يؤجّج الصراع على المياه غير الكافية".
وفي حزيران/ يونيو 2018، اتفق الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ورئيس وزراء إثيوبيا أبيي أحمد، في القاهرة على تبنّي "رؤية مشتركة" بين الدولتين حول سدّ النهضة تسمح لكلٍّ منهما بالتنمية "من دون المساس بحقوق الطرف الآخر".
وكان اجتماع ضمَّ وزراء الخارجية ومسؤولي الاستخبارات في مصر وإثيوبيا والسودان في أيار/ مايو من العام الماضي، عقد في أديس أبابا، توصَّل إلى تشكيل لجنة علمية لدرس تأثير السد في النيل الأزرق.