على أبواب المستشفيات الحكومية مازال يقف الجريح الفلسطيني أحمد أبو جاسر، من سكان جباليا شمال قطاع غزة، بحثاً عن علاج لحالته المستعصية بعد أن أصيب في قدمه اليسرى خلال مسيرات العودة الكبرى أدت لتهتك في العظام والشرايين والأعصاب، ليشكل حالة من آلاف الحالات المماثلة التي أصيبت ومازالت تبحث لها عن علاج نهائي.
أبو جاسر البالغ من العمر (30 عاماً) متزوج ولديه 4 بنات، شارك في جمعة القدس التي أعلنت عنها الهيئة الوطنية لمسيرات العودة الكبرى في الخامس عشر من مايو 2018، والتي خلفت أكثر من 60 شهيداً وأكثر من 2000 جريح جلُهم بجراح حرجة.
أبو جاسر مازال يتلقى العلاج بسبب صعوبة حالته، حيث أدى الرصاص المتفجر إلى تهتك في العظام والشرايين والأعصاب مما تطلب منه تدخل جراحي لأكثر من مرة، كان أهمها على يد وفد تركي وصل لغزة حيث أدت العملية الجراحية لقصر في قدمه اليسرى. وفق حديثه لـ"وكالة فلسطين اليوم الإخبارية".
حكاية أبو جاسر تلخص مأساة آلاف الجرحى، الذين أصيبوا في مسيرات العودة الكبرى، ومنهم من تعرض للبتر وآخرون لعمليات جراحية مطولة، فيما لازال كثر منهم يرتدون البلاتين في أطرافه، ويتلقون العلاج، ولكنهم يعانون الحصار والإهمال.
فالحصار منع الآلاف من الجرحى من تلقي العلاج المناسب، نظراً لنقص العلاج، فيما تمكن عدد قليل من السفر للعلاج بالخارج.
وفي خطوات غير مسبوقة، قطعت السلطة الفلسطينية رواتب عشرات الجرحى والمصابين، بلغوا مايقارب الـ1100 جريحاً.
وفي آخر إحصائية تفصيلية لوزارة الصحة حول الجرحى في مسيرات العودة، التي بدأت في 30/3/2018 وحتى 5/3/2019، بينت الوزارة أن مايقارب من 29382 مواطناً أصيبوا خلال مسيرات العودة، بينهم 3025 طفل، و 1008 سيدة، ممن وصلوا للمستشفيات.
وتبلغ درجة الخطورة في الإصابات 530خطيرة، 6597 متوسطة، 8401 طفيفة، فيما كانت الإصابات 6580 رصاص الحي، و819 معدني مغلف بالمطاط، و2292 اختناق بالغاز، 1918 شظايا مختلفة، 1330 انفجار قنبلة غاز، 2589 اصابات أخرى.
فيما اضطر الأطباء لبتر عدد من الحالات بلغت 114 إصابة منها 25 طفل، 100 اطراف سفلية، و�2 أطراف علوية، 12 في اصابع اليد.
من ناحيتها، قالت اللجنة العليا لمتابعة جرحى مسيرات العودة، إن قضية الجرحى تواجه مجموعة كبيرة من التحديات والمعوقات في محاولة لكسر عزيمة وإرادة الجرحى البواسل.
وذكر رئيس اللجنة أحمد الكرد في بيان صحفي، بمناسبة يوم الجريح الفلسطيني الذي يصادف اليوم، أن أعداد جرحى مسيرات العودة الكبرى وكسر الحصار وصل إلى 29382 جريح يضافوا لشريحة الجرحى التي بلغ تعدادها منذ الانتفاضة الأولى ما يقارب ربع مليون جريح.
وأوضح الكرد، أن 1100 جريح فلسطيني أصبحوا يخوضون مع عائلاتهم معركة جديدة من معارك الصمود والإرادة ضد الإجراءات والانتهاكات غير الشرعية التي تمارسها السلطة الفلسطينية المتمثلة بقطع رواتبهم، حيث ما زالت السلطة تقطع الرواتب عنهم وعن 1668 شهيد و400 أسير لليوم الـ 70 على التوالي.
وأكد، أن استمرار الحصار الصهيوني المفروض على قطاع غزة يؤثر بالسلب بشكل كبير على توفير الكثير من الاحتياجات الأساسية للجريح من الدواء وحتى الغذاء ويجعل اللجنة العليا لجرحى مسيرات العودة تعمل تحت الضغط الشديد بسبب قلة الموارد وشح المصادر.
وأشار الكرد إلى أن اللجنة العليا لجرحى مسيرات العودة وكسر الحصار تراقب التطورات الجارية على الساحة الفلسطينية والأحداث المتسارعة ولا تنقطع عن بذل قصارى جهدها للوقوف إلى جانب الجريح وعائلته ومساعدته في مختلف الجوانب الصحية والاجتماعية والمعنوية.
وبين، أن اللجنة العليا تتابع ما يحدث على الأرض باهتمام بالغ بقضية الجرحى، وعلى تواصل دائم مع كل المؤسسات ذات العلاقة، لمواكبة التطورات الأخيرة وخاصة فيما يتعلق بملف قطع الرواتب، مشددًا على أن اللجنة لن تدخر جهداً في سبيل إيقاف هذه الجرائم، وبذل كل ما يساند الجرحى وحقوقهم العادلة.
ودعا الكرد، كافة مكونات شعبنا الفلسطيني إلى التحرك الشامل من أجل دعم جرحانا البواسل، وحشد أكبر حركة إسناد لهم لمواجهة الجرائم المتتالية بحقهم.
كما طالب المؤسسات الحقوقية والدولية ذات الصلة إلى ممارسة دورها في محاكمة مجرمي الحرب من جنود وقيادات الكيان الصهيوني الذين ارتكبوا انتهاكات للقانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان والتي تمثل جرائم حرب أو جرائم ضد الإنسانية حسب تقرير لجنة الأمم المتحدة للتحقيق في الانتهاكات المرتكبة خلال مسيرات العودة على حدود قطاع غزة.
وثمّن الكرد تضحيات جرحانا البواسل الأبطال، الذين أثبتوا أنهم بتضحياتهم لن يسمحوا للاحتلال فرض معادلات جديدة أو إسقاط غطرسته عليهم مؤكدين أنهم أكبر عزماً، وأقوى إرادة من المحتل وأعوانه.