مع دخول الاحتجاجات السودانيّة شهرها الثالث، أعلن الرئيس السوداني، عمر حسن البشير، مساء أمس الجمعة، إلغاء التعديلات الدستورية التي تمهّد لاستمراره في الحكم، ما يعني مغادرته منصبه العام المقبل.
كما أعلن البشير حلّ الحكومة المركزيّة وحكومات الولايات، وفرض حالة الطوارئ في البلاد لمدّة عام واحد.
وفي خطاب بالقصر الرئاسي، بالعاصمة الخرطوم، قال البشير إن أحداث الأيام الماضية "اختبار كبير لنا كأمة وكشعب" خرج منها السودان بـ"عبر ودروس"، واعتبر أن الاحتجاجات خرجت بـ"مطالب مشروعة في البداية" ووصفها بـ"الموضوعيّة"، وأضاف "لكن ما كان غير مقبول ومقلق هو محاولة البعض القفز بالصف الأول لقيادة البلاد لمصير مجهول".
وأضاف أنه تابع تلك المظاهرات "متابعة دقيقة".
وتعهّد البشير بالوقوف في "منصّة قويّة، هي رئاسة الجمهورية لأكون على مسافة واحدة من جميع الأطراف" دون أن يعلن عن تركه منصبه رئيسًا لحزب المؤتمر الوطني الحاكم، كما أشيع قبل الخطاب.
ودعا البشير "قوى المعارضة للانخراط في الحوار وحملة السلاح للدخول في ترتيبات لبناء الوطن"، بالإضافة إلى دعوته للنظر في دور القوات المسلحة كضامن وحامٍ للحوار.
ومنذ 19 كانون الأول/ ديسمبر الماضي، تشهد مدن سودانية احتجاجات منددة بالغلاء، ومطالبة بتنحي البشير، صاحبها قمع من الشرطة السودانيّة أسفر عن سقوط 32 قتيلا، وفق آخر إحصاء حكومي، فيما قالت منظمة العفو الدولية، في 11 شباط/ فبراير الجاري، إن العدد بلغ 51 قتيلا.
ويحكم البشير السودان بقبضة حديديّة منذ وصوله إلى الحكم بانقلاب عسكريّ عام 1989.
محاولة للالتفاف على مطالب الشعب السوداني
واستبق تجمّع المهنيين السودانيين، أبرز الداعين للتظاهرات، خطاب البشير، مذكّرًا أن أيّة محاولة للالتفاف على مطالب الشعب السوداني "لن تجد منا سوى المزيد من الفعل الثوري السلمي في الشوارع".
وأضاف بيان المهنيّين السودانيّين أن "مطالب هذه الثورة واضحة ولا يمكن القفز عليها، وعلى رأسها تنحي النظام ورئيسه وتفكيك مؤسساتهم القمعية وتسليم السلطة لحكومة قومية مدنية انتقالية بحسب إعلان الحرية والتغيير".
وبحسب ما نشرته حسابات سودانيّة على مواقع التواصل الاجتماعي، فإنّ التظاهرات استمرّت في الخرطوم ومناطق أخرى من السودان أثناء خطاب البشير.
تسريبات: قوش رئيسًا للحكومة
ولم يذكر البشير في خطابه اسم الشخص الذي سيكلّفه تشكيلَ الحكومة المقبلة، غير أن تسريبات من مسؤولين سودانيين أشارت إلى أنه يتّجه إلى تكليف رئيس جهاز المخابرات، صلاح عبد الله محمد، المعروف باسم "قوش"، الذي شكّلت عودته لجهاز المخابرات بعد إقالته عام 2009، مفاجأةً كبيرة، مع اتهامه بالسعي للإطاحة بالبشير عام 2012، وبمحاولة اغتيال الرئيس المصري المخلوع، حسني مبارك، عام 1996.
ويعتبر قوش من أكثر المقرّبين للولايات المتحدة الأميركيّة، وكان لجهاز المخابرات السودانيّة، الذي رأسه قوش، دور بارز في تعقّب مقاتلي تنظيم القاعدة، الذي عاش زعيمه، أسامة بن لادن، فترةً من عمره في السودان.
وفي العام 2005، قال مسؤول في وزارة الخارجيّة الأميركيّة لصحيفة "لوس أنجليس تايمز" إن المعلومات التي وفرّتها المخابرات السودانية بخصوص القاعدة كانت "مهمة، عملية، ومحدثة".