وسط سيل من التسريبات حول تفاصيلها وبنودها، يعكف مستشار الرئيس الأميركي لشؤون الشرق الأوسط وصهره، جاريد كوشنر، على صياغة "صفقة القرن" لما يقارب العامين، ولكنه لم ينشر أيّ تفاصيل حولها، في وقت أكد أن إدارة ترامب تعتزم الكشف عن الخطة الأميركية لتسوية القضية الفلسطينية، والمعروفة إعلاميًا بـ"صفقة القرن"، بعد انتخابات الكنيست الصهيونية المقررة في التاسع نيسان/ أبريل المقبل، فيما قال رئيس الحكومة الصهيونية، بنيامين نتنياهو، إنَّ الكيان الصهيوني "يترقب طرح الصفقة".
وقال كوشنر خلال إحدى جلسات المؤتمر الأمني في وارسو، والمخصص لتجنيد رأي عام دولي مناهض لإيران: "يجب على الطرفين تقديم تنازلات".
كما أطلع كوشنر المشاركين في المؤتمر الذي تستضيفه بولندا، وجاء بدعم وترويج واسع من الولايات المتحدة والكيان الصهيوني، على الخطَّة، لكنه لم يخض في تفاصيلها خشية تسريبها، بحسب دبلوماسيّ مطّلع، غير أن كوشنر أكد أن الخطَّة لن يتم الكشف عنها إلا بعد الانتخابات الصهيونية المقبلة، بحسب الدبلوماسي الذي تحدث مشترطاً التكتم على هويته التزاماً باللوائح. ونقل الدبلوماسي عن كوشنر قوله إنّ ترامب سلَّمه "الملف" الصهيوني - الفلسطيني لمنح "دفعة" للهدف الخاصّ باتفاق السّلام.
وقال كوشنر إنّه يعتقد أنَّ "بعض الأشخاص يكونون أكثر مرونة في اللقاءات الخاصة"، في "إشارة إلى المسؤولين الفلسطينيين الذين أعلنوا رفضهم للخطة بشكل استباقي، واتهموا البيت الأبيض بالتحيز ظلماً لصالح إسرائيل"، بحسب قوله.
كما تأجّل الإعلان عن الخطَّة مراراً، فيما أكدت مصادر أميركية أنَّ كوشنر ينوي الإدلاء ببعض التعليقات على الصراع في الشرق الأوسط على هامش مؤتمر وارسو.
وفي هذا السياق، قال نتنياهو إنه لا يتوقَّع مناقشة أي تفاصيل بشأن خطة السلام، إذ ينصبّ تركيز المؤتمر على تقاسم "قلق المشاركين بشأن إيران ونفوذها المتنامي في المنطقة".
ونقل الدبلوماسي عن نتنياهو قوله مازحاً وموجهاً حديثه إلى كوشنر: "إنَّ تولي هذا الملف أمر شاق... ولكن إذا كنت مجنوناً بما يكفي، فأعتقد أنك ربما ستأتي بأفكار جديدة".
كما أطلق نتنياهو تصريحات طالب من خلالها من وصفهم بـ"الأطراف المعنية"، في إشارة إلى الفلسطينيين، بانتظار صدور الخطة قبل اتخاذ رد فعل أو رفضها. وفي تصريحات لاحقة إلى جانب نائب الرئيس الأميركي مايك بنس، قال نتنياهو إنَّه يتطلَّع إلى "رؤية الخطة بمجرد عرضها".
وأضاف نتنياهو: "أعرف أن حكومة ترامب تتطلَّع إلى ضمان أمن إسرائيل لأجيال قادمة، لكنني أقول دائمًا، استنادًا إلى تجربتنا، إن إسرائيل ستدافع دائمًا عن نفسها بمفردها، لكن من المريح أن نكون على يقين بأنَّ لدينا مثل هذا التحالف القوي بين الدول".
وتابع نتنياهو في لقائه مع بنس: "إننا نثمّن هذا المؤتمر بشدة، حيث وقف ممثلو ووزراء خارجية لـ60 دولة، بما في ذلك دول عربية، وتحدَّثوا مع مثل هذه القوة النادرة والوضوح التام ضد التهديدات التي يشكّلها النظام الإيراني".
وختم نتنياهو بالقول: "نحن نقدّر قرار ترامب بنقل السفارة إلى القدس. أعلم أنّك تعرف ذلك، وأعلم أن الرئيس ترامب يعرف ذلك... ليس لدينا أصدقاء أفضل منك، وأريدك أن تعرف أننا نتطلَّع إلى مواصلة هذا التعاون، وأريد أن أشكركم على كلّ ما فعلتموه من أجل دولة إسرائيل".
يُذكر أن مؤتمر وارسو يعقد من دون تمثيل فلسطيني، وسط مطالبة فلسطينية للدول العربية المشاركة في المؤتمر بمقاطعته أو خفض تمثيلها فيه، إلا أن الدول العربية المشاركة لم تستجب، وعقد بعض من وزراء الخارجية العرب المشاركين (السعودية، الإمارات، المغرب، البحرين، الأردن، وعُمان، واليمن) لقاءات علنية مع نتنياهو، وشارك في المؤتمر حوالى 60 بلداً.
ويعتبر المسؤولون الفلسطينيون أنَّ جميع المؤشرات تدلّ على أنَّ الخطَّة الأميركيَّة لن تحقّق الهدف الَّذي طال انتظاره، والمتمثّل في إقامة دولة فلسطينية مستقلّة في الضفة الغربية المحتلة والقدس الشرقية وقطاع غزة.
وفي السياق نفسه، قال نبيل أبو ردينة، المتحدّث باسم الرئيس الفلسطيني محمود عباس: "لا سلام ولا استقرار في المنطقة من دون حلّ سلميّ يفضي إلى دولة فلسطينيَّة عاصمتها القدس".